خالد رزق تقي الدين
عرفت البرازيل الإسلام منذ اكتشافها على يد “كابرال” بمساعدة البحارة الموريسكيين المسلمين، الذين وصل الكثير منهم لتلك الأرض وأظهروا بعد فترة شعائر الإسلام وأقيمت لهم محاكم التفتيش على أرض البرازيل.
ثم قام البرتغاليون بجلب المسلمين الأفارقة كعبيد لاستصلاح تلك المساحة الشاسعة من أرض البرازيل، وقاموا بتعميدهم بشكل جماعي حينما وصلوا إليها، لكنهم ومع هذا القهر والتنكيل تمسكوا بدينهم، وخصوصا أن كثيرا من العلماء والمشايخ وقعوا في العبودية اختيارا حتى يحافظوا على تعليم هؤلاء العبيد شعائر دين الإسلام، وكانوا يتخذون من الأكواخ مصليات صغيرة للمحافظة على إسلامهم.
تنقل لنا الروايات أن المسلمين في “ريو دي جانيرو” عام 1866م كان لديهم مسجد كبير يتسع لآلاف الأشخاص ولكنهم خوفا من البرتغاليين لم يطلقوا عليه اسم مسجد، يقول الشيخ عبد الرحمن البغدادي في مخطوطته مسلية الغريب بكل أمر عجيب: “وكنا في دار عظيمة البنا، وسيعة الفنا، بعيدة عن السكان قريبة من القيعان، أعدوها لأهل هذه القضية بأجرة وفية”.
بدأت هجرة المسلمين للبرازيل بداية القرن العشرين، وأسسوا أول جمعية لهم عام 1929 بمدينة ساو باولو تحت اسم “الجمعية الخيرية الإسلامية”، وأقاموا مشروع بناء أول مسجد في أمريكا اللاتينية عام 1944م، وقام المسلمون بشراء قطعة أرض 5382 بشارع أستادو، وتم وضع حجر الأساس بحضور مسؤولين من حكومة البرازيل وبعض القناصل من الدول العربية، ووجهوا رسائل للأمراء خارج دولة البرازيل في ذلك الحين للتبرع لمشروع المسجد، وقد تبرع أمير مصر محمد علي باشا توفيق بشيك بمبلغ 100 جنيه.
تم الانتهاء من تشييد مسجد البرازيل عام 1958 بمساعدة جمهورية مصر العربية والتي أرسلت النجف وخطاط متخصص هو الأستاذ أحمد شديد لتزيين قبة وجدران المسجد، ثم كان وصول الدكتور عبد الله عبد الشكور كامل ليكون أول مبعوث من وزارة الأوقاف المصرية لدولة البرازيل حيث تم افتتاح المسجد رسميا.
عام 1970 قام الدكتور عبد الله عبد الشكور كامل بعقد أول مؤتمر لمسلمي أمريكا اللاتينية، وحضره وزراء للأوقاف من دول إسلامية، وكان من بين الحضور الشيخ محمد بن ناصر العبودي والذي كان له دورا متميزا وتاريخيا لنقل أخبار المسلمين للمملكة العربية السعودية، لتبدأ بدورها للمساهمة في تشييد العشرات من المساجد في كافة الولايات البرازيلية.
تتنوع المساجد من حيث شكلها الجمالي وطريقة البناء تأثرا بالجهة المتبرعة، وتوجد الكثير من المساجد في البرازيل التي تستجلب نظر الشعب البرازيلي وتكون سببا في إسلامه، مثل مسجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمدينة “فوز دو إيجواسو” الذي يعد معلما سياحيا في المدينة، وكذلك مسجد مدينة “موجي” بولاية ساو باولو والذي يوجد في المعالم السياحية لبلدية المدينة.
وبعض هذه المساجد لا تجد الدعاة الذين يقومون برعايتها، نظرا لقلتهم من ناحية وأيضا ضعف المؤسسات الإسلامية المحلية في توفير راتب ثابت لهؤلاء الدعاة، ويبلغ عدد المشايخ والدعاة في البرازيل 65 شيخا وداعية حسب المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل.
تضم البرازيل اليوم 100 مسجد ومصلى تنتشر بكل الولايات البرازيلية، غير أن الكثير منها يحتاج العناية والرعاية والصيانة والتجديد، وخصوصا الصالات المستأجرة للصلاة، وفي بعض الأماكن لا يتمكن المسلمون من دفع نفقات الصيانة.
ومع دخول فعاليات كأس العالم 2014 في دولة البرازيل، كانت هناك خطة لصيانة أو شراء مصليات في المدن التي ستقام فيها تلك الفعاليات نظرا لوجود مسلمين بها، فمسجد مدينة “ريو دي جانيرو” حيث ستقام مباراة الختام ما زال تحت التشطيب ويحتاج لمساهمة أهل الخير.
ومدينة “فورتاليزا” بها مكان للصلاة مستأجر وهي إحدى مدن التصفيات، وكذلك مدينة مدينة “ناتال” تحتاج لشراء مكان للعبادة، ومدينة “ريسفي” تحتاج لنقل المصلى لمكان آخر يكون واجهة للمسلمين في هذه الولاية الهامة.
إن المساجد والمصليات في البرازيل تستنهض أهل الههم وخصوصا المؤسسات التي تهتم بالمساجد، لكي تقوم بواجبها في تأمين الدعم اللازم لها.
———
* رئيس المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل.
——–
المصدر: موقع إسلاميات.
[ica_orginalurl]