يحتفل جمهور المسيحيين كل عام بالكريسماس (فى الخامس والعشرين من ديسمبر فى التقويم الجريجورى ،وفقا للكنيسة الغربية ويحتفل الشرقيون به في الخامس والعشرين وفقا للتقويم اليوليانى الذى يوافق السابع من يناير في التقويم الجريجورى) كعيد مقدس بينما نعدم فى الكتاب المقدس نصا واحدا يشير إليه ولا نجد نصا كنسيا قاطعا يدل على تاريخ ولادة عيسى عليه السلام! فهل يدل كل ذلك على بدعية هذا الاحتفال وأن المسيحية قد انحرفت عن الجادة؟
الكريسماس بدعة كنسية
بتصفح الكتاب المقدس لا نجد إلا تعميمات حول ولادة عيسى عليه السلام:
“وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ 2 قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ».3 فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ.4 فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ: «أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟»…” (متى، 2-12:1)
“وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ،”(لوقا،14:1)
بل إن النصوص الواردة لتورد تناقضات عقلية ينبغى ان تنزه عنها الكتب السماوية فوفقا للوقا (8:2) أن عيسى قد ولد والرعاة كانوا يرعون ماشيتهم فى المراعى فى الشتاء! واختلاف الكنائس حول الحدث يعظم من هذا التناقض، يقول جيرولد أوست أحد الكتاب المسيحيين معلقا على هذا النتاقضات: “إن الكتاب المقدس يخبر أن الرعاة الذين أتوا لرؤية الطفل المولود عيسى كانوا يرعون بهائمهم فى المساء فى ذلك الوقت! وقد أوقع هذا فى روعى أن الكتاب المقدس لا يعلم الكريسماس وأن أصوله لا علاقة لها به! كان درسا مهما بالنسبة لى لاعتقادى هذا الاعتقاد الباطل لفترة طويلة!”
الكريسماس خطيئة كبرى
يرى كثير من رجال الدين المسيحى كأوريجين -أحد رجال الدين الكاثوليك الأوائل (245 بعد الميلاد)- ان مجرد الاعتقاد فى مولد المسيح أو الكريسماس خطيئة عظمى لخلو تعاليم عيسى منه. كذا نرى أيضا كتابات المسيحيين الأوائل قد خلت منه كإيرينيوس وترتيليان وتعاليم تلامذة عيسى أو الحواريين الذين علموا قول المسيح عليه السلام:
“1 كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ. 2 فَأَمْدَحُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ عَلَى أَنَّكُمْ تَذْكُرُونَنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَتَحْفَظُونَ التَّعَالِيمَ كَمَا سَلَّمْتُهَا إِلَيْكُمْ.” (رسالة كورنثوس الأولى،11: 1-2)
تبدو بدعية هذا الاحتفال او العيد أيضا من كلمات عيسى عليه السلام حينما يحذر أتباعه من أن :
“فَهذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ حَوَّلْتُهُ تَشْبِيهًا إِلَى نَفْسِي وَإِلَى أَبُلُّوسَ مِنْ أَجْلِكُمْ، لِكَيْ تَتَعَلَّمُوا فِينَا: «أَنْ لاَ تَفْتَكِرُوا فَوْقَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ»، كَيْ لاَ يَنْتَفِخَ أَحَدٌ لأَجْلِ الْوَاحِدِ عَلَى الآخَرِ.” (رسالة كورنثيوس الأولى، 6:4) وقوله : “«إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ،”(يوحنا 15:14)
وما نقله عنه بطرس:
“كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ، 15 بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. 16 لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ».”(1: 14-16)
الكريسماس عادة وثنية
ينظر العديد من مفكري المسيحية المعاصرين إلى عيد الميلاد باعتباره “عادة وثنية”، فوفقًا لموسوعة بريتانيكا ، عارض المسيحيون الأوائل “العرف الوثني في الاحتفال بأعياد الميلاد”. فلقد عانى المسيحيون الأوائل من التأثير الوثني الروماني الذي جلب العديد من الطقوس والاحتفالات الوثنية إلى طقوسهم!
ويرى البعض أن الكنيسة أقدمت على ابتداع بعض الطقوس الكنسية المتعلقة بعيد الميلاد لتقديم بديل لمكافحة تأثير الضغط العام المرحب بالتقاليد الوثنية الدخيلة إلى المسيحية.
وباستقراء التاريخ نجد أن هناك العديد من السلطات المسيحية على مر التاريخ قد حظرت عيد الميلاد واعتبرته “ضربا من الإلحاد”، فلقد حظرت البيوريتانية (أوالتطهيرية وبالإنجليزية: Puritanism أو Puritan وهي مذهب مسيحي بروتستانتي يجمع خليطًا من الأفكار الاجتماعية، السياسية، اللاهوتية، والأخلاقية). في إنجلترا هذا العيد ، وربطته بالسكر والعربدة والانحلال الأخلاقي!
وفي ضوء هذه الحقائق ، من الواضح تمامًا أن المسيحيين قد انحرفوا عن الرسالة الحقيقية للنبي عيسى عليه السلام، فلنحمد الرسالة الإسلامية التى يرجع الفضل إلى نبيها النبي محمد –صلى الله عليه وسلم-الذي كانت رسالته تصحيحاً لرسالة النبي عيسى-عليه السلام- وبيانا لوجهها الحقيقي غير المحرف أو المزيف.
جاء النبي محمد –صى الله عليه وسلم-بهذا القرآن الذي أمره بأن يدعوا إلى اهل الكتاب إلى الرجوع إلى الرسالة الحقيقية للمسيح عليه السلام وأن يرعووا عن كثير من تلك الضلالات التي ملأوا بها كتابهم :
“قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ” (68:5)
كذا دعاهم النبي محمد-صلى الله عليه وسلم- إلى اتباع تعاليم المسيح الحقيقية التي تأمرهم باتباعه ومعرفة رسالة المسيح الحقيقية التى تدعو إلى التوحيد الإسلامي والتعاليم النبيلة التى جاء بها جميع الأنبياء وأن رسالتهم ما هى إلا رسالة واحدة مع اختلاف الشرائع والفروع.
قال النبى صلى الله عليه وسلم:
“لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي”
ووعدهم الرب سبحانه وتعالى بأنهم إذا فعلوا ذلك سلكوا سبيل الفلاح ونالوا الرضا والحب الإلهي:
“وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴿٦٥﴾ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ “(65:5-66)
المراجع
-موسوعة بريتانيكا ، الطبعة الحادية عشرة ، 1910 ، المجلد 6 .
-موسوعة الويكبديا (العربية والإنجليزية)
-برويت ، سارة (2012). لماذا يتم الاحتفال بعيد الميلاد في 25 ديسمبر؟ History.com.
-جريبوسكي ، مايكل (2012). لماذا تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بعيد الميلاد في السابع من يناير.
https://www.ucg.org/the-good-news/why-some-christians-dont-celebrate-christmas
[opic_orginalurl]