د. هند بنت مصطفى شريفي
لم يأت الإسلام ليفرق بين الجماعات، وإنما جاء ليجمع شتاتها، ويوحد بينها على طريق الخير والإيمان، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يعمل على تأليف القلوب ويدعو إلى المساواة، ويحبب الناس في الإيمان[1]، فيتلو في أول خطبة له بمكة قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [2].
وتتضح مراعاته – عليه الصلاة والسلام – للأحوال الاجتماعية للمدعوين بالأمور الآتية:
1) مراعاة الأعراف والعادات الاجتماعية الصحيحة:
وهي: ما تعارف الناس عليها وليس فيها مخالفة لنص أو تفويت لمصلحة أو جلب مفسدة[3]، وعدم اعتبار هذه الأعراف والعادات ورعايتها، فيه تكليف لما لا يطاق، لأن في نزع الناس من عاداتهم حرجا ومشقة عليهم[4]، وهذان الأمران مما يتعارض مع الشريعة الإسلامية المعروفة باليسر والسماحة.
وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم الأعراف الاجتماعية عند أهل مكة ولم يبطلها، ومن أمثلة ذلك:
- إبقاء بعض المناصب الاجتماعية التشريفية المتعلقة بالبيت وهي السدانة والسقاية، وإلغاء ما سوى ذلك وإبطاله.
- مسايرتهم في ما اعتادوه من استخدام نبات الإذخر لموتاهم وبيوتهم، واستثنائه مما حرم من نبات مكة.
- إقرار ما تعارف عليه الناس في أمور معاشهم، ولم يتعارض مع الإسلام، كالنفقة على الزوجة، فيوجب على الزوج (نفقة زوجته، وسكناها، وكسوتها بالمعروف، بقدر يساره وإعساره)[5]. إلى غير ذلك من العادات الاجتماعية.
ففي هذه المراعاة منه صلى الله عليه وسلم محافظة على مشاعر أهل مكة، وعدم مصادمتهم والمسلمون في ذروة نصرهم، وحيث لا يملك أحدهم أن يحول بينهم وبين ما يريدون، لكنهم مع هذا كله يستطيعون المحافظة على أعرافهم وتقاليدهم، التي كانت قبل الحكم الإسلامي، ما لم يتعارض ذلك مع الإسلام[6]، وكي لا يشعر هؤلاء المدعوون بأن الإسلام يطالبهم بالتنازل عن أعرافهم التي صارت جزءا من سلوكهم الإرادي والغير إرادي[7]، وذلك يوطئ نفوسهم لقبول الإسلام[8].
2) إنزال الناس منازلهم:
والمقصود بذلك معاملة كل أحد بما يلائم منصبه في الدين والعلم والشرف، ومراعاة مقادير الناس ومراتبهم، وتفضيل بعضهم على بعض في المجالس وفي القيام، وغير ذلك من الحقوق[9]. فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم)[10]، قال الإمام البغوي رحمه الله: و(إكرام كريم القوم، وإنزال الناس منازلهم من السنة، وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم)[11].
والداعية الحكيم هو الذي يدرس أحوال الناس ومعتقداتهم، وينزل الناس منازلهم أثناء دعوته، فيدعوهم على قدر عقولهم وأفهامهم وطبائعهم وأخلاقهم ومستواهم العلمي والاجتماعي، وذلك بالوسائل التي يؤتون من جهتها[12]، ولهذا قال علي رضي الله عنه:(( حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله))[13].
ومن أمثلة مراعاة ذلك ما يلي:
أ- رعاية منزلة القرابة، فدعوة المقربين نسبا وصهرا وجيرة مقدمة على دعوة الأباعد، نظرا لكونهم معروفين عند الداعية، وربما عتبوا عليه إذا أهملهم، وذهب إلى الأبعدين وأولاهم رعايته.
وفي ذلك تأس بالرسول صلى الله عليه وسلم وإقتداء بمنهجه في الدعوة، عندما أمره الله تعالى بأن يبدأ بدعوة أقربائه وعشيرته، بقوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [14].[15].
وبعد الفتح تراه يخص ابنة عمه أم هانئ رضي الله عنها بالصلاة في بيتها، (فإنها ذكرت أنه يوم فتح مكة اغتسل في بيتها ثم صلى ثمان ركعات)[16].
وكذلك موقفه من عتبة[17] ومعتب[18] رضي الله عنهما ابني أبي لهب بن عبد المطلب لما قدم مكة، فقد روي أنه قال لعمه العباس رضي الله عنه: (( يا عباس، أين ابنا أخيك عتبة ومعتب لأراهما)) فقال العباس: تنحيا مع من تنحى من مشركي قريش. قال: (( اذهب فأتني بهما)). قال العباس: فركبت إلى عرفة فأتيتهما، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوكما. فركبا معي سريعين، فدعاهما إلى الإسلام، فأسلما وبايعا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( إني استوهبت ابني عمي هذين من ربي فوهبهما لي))، ومن وجه آخر، أنه صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح بين عتبة ومعتب يقول للناس: (( هذان أخواي وابنا عمي- فرحا بإسلامهما- استوهبتهما من الله فوهبهما لي))[19].
ب- رعاية العناصر الاجتماعية المؤثرة في البيئة الاجتماعية واستقطابها، لما لها من تأثير صالح في الدعوة إذا انضم لها مثلهم، وذلك مثل الشعراء، فمكانة الشاعر مهمة في المجتمع العربي، لأنهم المنبر الإعلامي الذي يُؤثر وينقل الوقائع والمكارم بين الناس بل بين الأجيال.
ومن الشعراء الذين أسلموا بعد أن نالهم من النبي عفوه الخاص، وقد كانوا قبل ذلك حربا شعواء عليه صلى الله عليه وسلم بشعرهم وهجائهم:
1- ابن عمه أبو سفيان بن الحارث.
2- عبد الله بن الزِّبَعْرَى[20]، وكان من أشعر قريش، وكان شديدا على المسلمين، فلما فتح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة هرب إلى نجران، فرماه حسان بن ثابت ببيت واحد ما زاد عليه، فقال:
لا تَعدمنَّ رجلاً أحلَّكَ بُغضُه *** نجرانَ في عيشٍ أخذَّ[21] لئيمِ
فبلغه، فخرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم ومدحه فأمر له صلى الله عليه وسلم بحلة[22].
3- كعب بن زهير، وكان في الطائف، فكتب إليه أخوه بجير[23] يخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه، وقال له: فإن كان لك في نفسك حاجة فطر إليه، فإنه لا يقتل أحدا جاء تائبا، فجاء إلى المدينة وأسلم[24].
والاهتمام كذلك بالقادة العسكريين، وإبقاؤهم في مراكز القيادة لاستحقاقهم لها، كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص رضي الله عنهما فقد جعلهما النبي صلى الله عليه وسلم قادة للسرايا المحطمة للأوثان.
ج- معاملتهم بما يليق بمستواهم الاجتماعي، وأحيانا قد يضطر الداعية إلى تفضيل بعضهم على بعض في أمور الدنيا، لئلا يشعر صاحب المكانة بالانتقاص أو الهوان إذا سُوي بغيره من الضعفاء.
وهذا مخرمة بن نوفل من الطلقاء، وهو كبير بني زهرة، كساه النبي صلى الله عليه وسلم حلة فاخرة، باعها بأربعين أوقية، وكان من المؤلفة قلوبهم[25] – وهو من مسلمة الفتح، ممن أعطاهم دون المائة من الإبل من غنائم حنين- يروي ابنه المِسْوَر بن مخرمة[26] رضي الله عنه إكرام الرسول صلى الله عليه وسلم لأبيه، فيقول:( قدمَت على النبي صلى الله عليه وسلم أقبية[27]، فقال لي أبي مخرمة: انطلق بنا إليه عسى أن يعطينا منها شيئا، قال: فقام أبي على الباب فتكلم، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم صوته، فخرج ومعه قِباء وهو يريه محاسنه. وهو يقول: (( خبأت لك هذا، خبأت لك هذا)) [28]، وفي صحيح البخاري: ( فذهبنا فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم في منزله، فقال لي: يا بني ادع لي النبي صلى الله عليه وسلم، فأعظمت ذلك، فقلت: أدعو لك رسول الله؟ فقال: يا بني إنه ليس بجبار! فدعوته فخرج وعليه قباء من ديباج[29] مزرر بالذهب. فقال: ((يا مخرمة هذا خبأته لك)) فأعطاه إياه)[30]. وزاد في رواية ( وكان في خلقه شدة)[31].
3) تعليم آداب الإسلام الاجتماعية:
خاصة فيما يتميز به الإسلام كالسلام- تحية المسلمين- إضافة إلى مراعاة أدب الاستئذان بإعلام المستأذن عن طريق السلام، والرفق بهم في التعليم، فعن كَلَدة بن حنبل رضي الله عنه قال: “إن صفوان بن أمية بعثه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن وجداية وضغابيس، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة. يقول: فدخلت ولم أسلم فقال: ((ارجع فقل: السلام عليكم، أأدخل))[32].
4) مراعاة كبراء القوم وأصحاب المكانة الاجتماعية العالية:
بأن يخصهم الداعية بمزيد اهتمام وتقدير، خاصة لمن كان واقعه الاجتماعي ومكانته عاملا في صده عن قبول دعوة الحق، فإن توجيه الرعاية المناسبة له والاحترام اللائق بمكانته، جدير بأن يقنعه باستمرار مكانته التي يخاف أن يسلبه إياها دخوله في الإسلام.
ولذلك طلب أبو سفيان رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤكد هذه المكانة، حين شعر باهتزازها أول إسلامه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله، ثلاث أعطنيهن. قال: ((نعم)). قال: عندي أحسن العرب وأجمله، أم حبيبة بنت أبي سفيان، أزوجكها. قال: ((نعم)). قال: معاوية تجعله كاتباً بين يديك. قال: ((نعم)). قال: وتؤمِّرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين. قال: ((نعم))[33].
وقد كان الكبراء -أو الملأ- هم من تولى كبر معارضة الإسلام ومحاربته، بما امتلأت به نفوسهم من الكبر وحب الرياسة والجاه، وخوفا على نفوذهم ومصالحهم، فكان من المهم رعايتهم، وقد كان المشركون ثلاثة أصناف: صنف يرجع بإقامة البرهان، وصنف بالقهر، وصنف بالإحسان، وقد استعمل النبي الحكيم صلى الله عليه وسلم مع كل صنف ما كان سببا لتخليصه من الكفر ودخوله في الإسلام[34].
ومن مراعاته لهم وإحسانه إليهم ما يلي:
أ- بذل ما يمكنه لتأليف قلوبهم، ودفع عوارض الصدود عنها، ومن ذلك:
- تأليفهم بإظهار البشر والبشاشة معهم، حتى بعد أن ملك رقابهم ومنَّ عليهم بالعفو والأمان، وقد كان ذلك سببا في إسلام بعضهم، كالحارث بن هشام رضي الله عنه، الذي رُوي أنه كان أحد الرجلين الذين أمنتهما أم هانئ رضي الله عنها، فجعل يستحي أن يراه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويذكر رؤيته إياه في كل موطن مع المشركين، ثم يذكر بره ورحمته، فلقيه وهو داخل المسجد، فتلقاه صلى الله عليه وسلم بالبشر، ووقف حتى جاءه الحارث، فسلم عليه، وشهد شهادة الحق، فقال: الحمد لله الذي هداك، ما كان مثلك يجهل الإسلام[35].
- كما روى بديل بن الورقاء رضي الله عنه: قال ( لما كان يوم الفتح قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم – ورأى بعارضيّ سوادا: ((كم سنوك؟)) قلت: سبع وتسعون. قال:(( زادك الله جمالاً وسواداً))[36].
- تأليفهم بالعفو مكان الانتقام، فلم يثر في نفسه صلى الله عليه وسلم باعث الترة والتشفي والانتقام، وإلا لكان أولى الناس بذلك هم زعماء قريش، لكن يوم الفتح كان يوم بر ورحمة وسلام، وإن تأليف المدعوين- خاصة الكبراء منهم- بالعفو مكان الانتقام، وبالإحسان مكان الإساءة، وباللين في موضع المؤاخذة، وبالصبر على الأذى ومقابلة الجهل والحمق بالرفق والحلم، إن هذه الأمور من أعظم ما يجذب المدعوين إلى الإسلام، ويحثهم على الثبات على دين الحق[37]، وهذا الخلق منه صلى الله عليه وسلم أجرى على لسان طلحة رضي الله عنه قوله: بلى أشهد أنك رسول الله[38].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، في الفرق بين معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لقريش وغيرها من القبائل، كهوازن وثقيف: ( والنبي صلى الله عليه وسلم منَّ على أهل مكة، فإن الأسير يجوز المنّ عليه للمصلحة، وأعطاهم مع ذلك أموالهم وذراريهم، كما من على هوازن، لما جاؤوا مسلمين بإحدى الطائفتين: السبي أو المال… وقريش لم تحاربه كما حاربته هوازن، وهو إنما من على من لم يقاتله منهم، كما قال: (( من أغلق بابه فهو آمن))، فلما كفَّ جمهورهم عن قتاله وعرف أنهم مسلمون أطلقهم، ولم يغنم أموالهم ولا حريمهم، ولم يضرب عليهم الرق، لا عليهم ولا على أولادهم، بل سماهم الطلقاء من قريش، بخلاف ثقيف فإنهم سموا العتقاء، فإنه أعتق أولادهم بعد الاسترقاق والقسمة… ولو فتح الإمام بلدا وغلب على ظنه أن أهله يسلمون ويجاهدون، جاز أن يمن عليهم بأنفسهم وأموالهم وأولادهم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مكة، فإنهم أسلموا كلهم بلا خلاف، والمقصود بالجهاد أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدين كله لله، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم ليتألفهم على الإسلام، فكيف لا يتألفهم بإبقاء ديارهم وأموالهم)[39].
- تأليف قلوبهم بالأموال: وذلك لدقة نظر الرسول صلى الله عليه وسلم، وعمق معرفته بدخائل النفوس البشرية، وما يقوم اعوجاجها، فكان يعطي العطايا السخية أناسا يعادونه ولكفار لم يدخلوا في دين الله بعد، وآخرين يتألف بهم قومهم لعلهم يهتدون ويسلمون، فكانت تلك الأعطيات بردا وسلاما على قلوب أولئك النفر، وشفاء لما في صدورهم من مرض الضلال[40]، وإشباعا لرغبتهم في شهوات الدنيا ومتاعها، حتى إن الرجل لما يعطيه النبي صلى الله عليه وسلم العطاء الوفير، ينطلق إلى قومه فيدعوهم إلى دين الإسلام، فعن أنس رضي الله عنه قال:( أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنما بين جبلين. فأعطاه إياه. فأتى قومه فقال: أي قوم أسلموا، فوالله إن محمدا يعطي عطاءً ما يخاف الفقر. فقال أنس: إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها)[41].
وعند الإمام مسلم رحمه الله: ( أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس، كل إنسان منهم مائة من الإبل)[42].
وروي أن أبا سفيان رضي الله عنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم والأموال مجموعة عنده، (فقال: أنت اليوم أغنى قريش. فتبسم صلى الله عليه وسلم. فقال أبو سفيان: حظنا من هذه الأموال. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا، فأعطاه مائة من الإبل وأربعين أوقية من الفضة. فقال: حظ ابني يزيد[43]. فأعطاه أيضا مائة من الإبل وأربعين أوقية. فقال أبو سفيان: فأين حظ ابني معاوية. فأمر له بمائة من الإبل وأربعين أوقية. حتى أخذ أبو سفيان يومئذ ثلاثمائة من الإبل ومائة وعشرين أوقية من الفضة. فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لأنت كريم في الحرب والسلم، هذا غاية الكرم جزاك الله خيرا)[44].
وقد خفيت حكمة هذه العطايا على بعض المسلمين، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن أناسا من الأنصار قالوا يوم حنين، حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسول الله، يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم). فبين لهم الرسول صلى الله عليه وسلم الحكمة التي أرادها من وراء ذلك فقال:(( إن قريشا حديث عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم))[45].
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فمن حكمته تعالى أن غنائم الكفار قسمت على من لم يتمكن الإيمان من قلبه، لما بقي فيه من الطبع البشري في محبة المال، فقسمه فيهم لتطمئن قلوبهم، وتجتمع على محبته، لأنها جبلت على حب من أحسن إليها، وفي ذلك استجلاب لقلوب أتباعهم الذين كانوا يرضون إذا رضي رئيسهم، فكان ذلك العطاء سببا لدخولهم في الإسلام وتقوية لقلوب من دخل فيه[46].
وممن تألفه النبي صلى الله عليه وسلم بالعطاء بعد العفو أبو محذورة رضي الله عنه، فقد روي أنه بعد تعليمه الأذان، أعطاه صرة فيها شيء من فضة، ثم مسح على ناصيته وصدره، ودعا له. فقال رضي الله عنه: ( وذهب كل شيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهية، وعاد ذلك محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم )[47].
إن هذا العطاء الجليل من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكبار القوم وغيرهم[48]، ليدل على علو نفسه، وعظم سخائه، ومعرفته الكاملة بالدواء الذي يحسم الداء من أصله، وإن من الحكمة والسياسة العادلة في هذا العطاء لأقوام دون آخرين، إنقاذ أناس من النار بحطام زائل من الدنيا، ووكل آخرين إلى ما جعله الله في قلوبهم من الغنى والخير والإيمان واليقين[49]، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:(( إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه، خشية أن يكبه الله في النار))[50].
كذلك فإن في إغداق العطاء لهم، يدل على حكمته صلى الله عليه وسلم، ومعرفته بطبائع قومه، فهؤلاء الذين حاربوه سنينا طويلة حتى فتحت مكة، بل وأظهر بعضهم الشماتة بهزيمة المسلمين في أول معركة حنين، لا بد من تأليف قلوبهم وإشعارهم بفضل دخولهم في الإسلام، من الناحية المادية، التي يحاربون من أجلها، وقد كان من الممكن بعد خضد الإسلام لشوكتهم، أن يظلوا منكسرين حاقدين في قرارة أنفسهم على هذا النصر، لكن الإسلام دين هداية وإصلاح، لا يكتفي بفرض سلطانه بالقهر والغلبة، بل لا بد من تفتح القلوب له، وما دام أن العطاء يفيد في استصلاح قلوب بعض الناس، وغسل عداوتهم، فالحكمة أن يعطوا حتى يرضوا، كما فعل صلى الله عليه وسلم [51].
ب- إظهار احترامهم وتقديرهم، وبشكل خاص أمام غيرهم، فإن ذلك مما يحفظ لهم ماء وجوههم، ويخفف من وطأة انتصار النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، ويهون من أثر الهزيمة، واضطرارهم إلى الخضوع واتباع من كان بالأمس القريب من ألد أعدائهم، ومن طرق إظهار هذا التقدير:
1- تكليفهم بالأعمال المهمة، كالقيادة العسكرية لبعض السرايا المكلفة بتحطيم الأصنام، وقد كلف بذلك من قريش عمرو بن العاص وخالد بن الوليد رضي الله عنهما، وهما وإن لم يكونا من مسلمة الفتح، فإنهما كانا من رؤوس المناوئين والمحاربين للإسلام، وقد تأخر إسلامهما إلى ما بعد صلح الحديبية.
ومن ذلك إرساله صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان مع المغيرة بن شعبة رضي الله عنهما، لتحطيم وهدم اللات[52].
ومن ذلك تكليف أحد كبرائهم بإمارة مكة، وهو عتاب بن أسيد رضي الله عنه، وأمره أن يصلي بالناس، ثم تعيينه أميرا على الناس في حج تلك السنة[53]، أي بعد إسلامه بثلاثة أشهر تقريبا.
2- الإبقاء على الدور الإيجابي والفعالية والتأثير في المجتمع الذي يعيش فيه المدعو، فإن هذا النوع من التقدير والمراعاة الاجتماعية، يكسب المدعو صاحب المكانة، شعورا بالأهمية، وأمنا وطمأنينة على دوره بين قومه، ومثال ذلك ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع صفوان بن أمية رضي الله عنه، حين أجمع السير إلى هوازن فذكر له أن عند صفوان أدراعا وأسلحة، فأرسل إليه- رغم شركه وقتها- فقال: (( يا أبا أمية، أعرنا سلاحك هذا نلقى فيه عدونا غدا)) فقال صفوان: أغصبا يا محمد؟ فقال له:(( بل عارية مضمونة، حتى نؤديها إليك))[54] فقال: ليس بهذا بأس. فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح. فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها، ففعل[55].
ومن ذلك تكليفه صلى الله عليه وسلم بديل بن الورقاء بحراسة غنائم حنين، حين (أمره أن يحبس السبايا والأموال بالجعرانة حتى يقدم عليه، ففعل)[56].
وكذلك استعماله عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه على صدقات هوازن عام وفاته[57]، كذلك استعماله يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنهما على صدقات بني فراس[58].
ولقي مسلمة الفتح ذات المراعاة بعد عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا يزيد بن سعيد [59]رضي الله عنه – من مسلمة الفتح- يوليه عمر رضي الله عنه القضاء، فقد روي: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتخذ قاضيا، ولا أبو بكر ولا عمر، حتى كان في وسط خلافة عمر، قال ليزيد: اكفني بعض الأمر، يعني صغارها. وقيل: استعمله عمر على السوق[60].
وهذا يزيد بن أبي سفيان يؤمره أبو بكر الصديق رضي الله عنه سنة 12هـ أحد أمراء الأجناد، وأمره عمر رضي الله عنه على فلسطين ثم على دمشق[61].
3- استشارتهم وتقدير رأيهم فيما يصلح من الأمور، ومن ذلك: استشارته صلى الله عليه وسلم لنوفل بن معاوية الدئلي- وقد كان على رأس الناقضين للحلف من بني بكر ومن مسلمة الفتح – في شأن حصار الطائف، وقد حاصرهم ولم يؤذن له في فتحها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما ترى؟ قال: ثعلب في جحر، إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك. فأمر صلى الله عليه وسلم وأذن بالرحيل[62].
كذلك لقي أهل مكة الرعاية ذاتها من عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو خليفة، حين خرج إلى الشام، ثم أُخبر عند اقترابه منها، أن وباء الطاعون وقع فيها، فأمر ابن عباس رضي الله عنهما أن يدعو له المهاجرين الأولين ليستشيرهم، فاستشارهم واختلفوا عنده، ثم دعا بعدهم الأنصار واستشارهم فاختلفوا، ثم أمره أن يدعو من هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح[63]، فاستشارهم، فأشاروا فلم يختلف عليه رجلان، وأشاروا عليه بالرجوع، فرجع رضي الله عنهم أجمعين[64].
4- مراعاتهم حال وقوع الخطأ منهم، وعدم التشهير بهم، أو فضحهم ووصمهم بالعيب والجهل، فإن من أسوأ ما يكدر على نفس الكبير وصاحب المكانة، تعنيفه وزجره ومحاسبته، خاصة أمام غيره، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ( من دقيق الفطنة أنك لا ترد على المطاع خطأه بين الملأ، فتحمله رتبته على نصرة الخطأ، وذلك خطأ ثان، ولكن تلطف في إعلامه به، حيث لا يشعر به غيره)[65]، ولكن هذا لا يمنع من توجيه أو بيان وجه الاعتراض ضد ذلك الخطأ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين تبرأ من فعل خالد رضي الله عنه مع بني جذيمة [66].
—-
[1] بتصرف، الدعوة إلى الله تعالى على ضوء الكتاب والسنة ص 143.
[2] سورة الحجرات آية 13.
[3] بتصرف، مصادر التشريع الإسلامي فيما لا نص فيه ص 146.
[4] بتصرف، أصول مذهب الإمام أحمد، دراسة أصولية مقارنة ص 544.
[5] الإرشاد إلى معرفة الأحكام ص 192.
[6] بتصرف، المنهج الحركي للسيرة النبوية 3/ 136.
[7] بتصرف، الدعوة إلى الله على ضوء الكتاب والسنة ص 143.
[8] ذكر الشيخ محمد العثيمين أن التمسك بالعادات والتشدد في ذلك يوقع الإنسان في الغلو، وذلك بعد تعريفه للغلو بأنه: مجاوزة الحد في التعبد والعمل والثناء، وقسمه إلى أربعة أقسام، (القسم الرابع: الغلو في العادات، وهو التشدد في التمسك بالعادات القديمة، وعدم التحول إلى ما هو خير منها، أما إذا كانت العادات متساوية في المصالح، فإن كون الإنسان يبقى على ما هو عليه خير من تلقي العادات الوافدة). شرح كشف الشبهات ص 25.
[9] بتصرف، عون المعبود 13/ 191 ح 4821.
[10] مقدمة صحيح مسلم 1/ 6، وسنن أبي داود كتاب الأدب باب في تنزيل الناس منازلهم 4/ 261 ح 4842، وشرح السنة 13/ 128 وذكر قصة قولها رضي الله عنها، أنه مرَّ بها سائل فأعطته كسرة، ومرَّ بها رجل عليه ثياب وهيئة، فأقعدته فأكل، فقيل لها في ذلك، فقالت: قال صلى الله عليه وسلم:(( أنزلوا الناس منازلهم))، وقال المحقق: صححه الحاكم وغيره. وقد ذكر الإمام النووي من فوائد الحديث: ( تفاضل الناس في الحقوق على حسب منازلهم ومراتبهم، وهذا في بعض الأحكام، أو أكثرها، وقد سوى الشرع بينهم في الحدود وأشباهها مما هو معروف). صحيح مسلم بشرح النووي 1/ 55.
[11] شرح السنة 13/ 128.
[12] بتصرف، الحكمة في الدعوة إلى الله ص 335.
[13] صحيح البخاري كتاب العلم باب من خص قوما بالعلم دون قوم كراهية ألا يفهموا 1/ 41.
[14] سورة الشعراء آية 214.
[15] بتصرف، منهج أهل السنة والجماعة في قضية التغيير ص 62.
[16] سبق تخريجه ص 259.
[17] هو عتبة بن أبي لهب ين عبد المطلب، شهد هو وأخوه حنينا، وكان فيمن ثبت، أقام بمكة ومات بها رضي الله عنه. بتصرف، الإصابة 2/ 455.
[18] معتب بن أبي لهب بن عبد المطلب، كان ممن ثبت يوم حنين مع أخيه عتبة. بتصرف، الإصابة 3/ 443.
[19] انظر الطبقات الكبرى 4/ 60-61، والإصابة 3/ 443 وجمع بين الروايتين بأنه دخل المسجد بينهما بعد أن أحضرهما العباس. وانظر الخصايص الكبرى 1/ 365، والسيرة الحلبية 3/ 48.
[20] هو عبد الله بن الزبعرى بن قيس بن عدي القرشي السهمي، كان شديدا على المسلمين، ثم أسلم بعد الفتح. بتصرف، الإصابة 2/ 308.
[21] أي منقطع، حاشية سيرة النبي صلى الله عليه وسلم: ابن هشام 4/ 39.
[22] انظر قصته في الإصابة 2/ 308.
[23] هو بجير بن زهير بن أبي سُلمى المزني، شاعر مشهور كأخيه كعب، أسلم قبل أخيه. الإصابة 1/ 138.
[24] وله قصيدة معروفة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم انظر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم: ابن هشام 4/ 150- 169.
[25] انظر سير أعلام النبلاء 2/ 543.
[26] هو المسور بن مخرمة بن نوفل القرشي الزهري، أمه عاتكة بنت عوف، أخت عبد الرحمن بن عوف، ولد بعد الهجرة بسنتين، وقدم المدينة بعد الفتح، كان ممن لزم عمر رضي الله عنه وحفظ عنه، كان مع ابن الزبير رضي الله عنهما، فلما كان الحصار الأول أصابه حجر من أحجار المنجنيق فمات رضي الله عنه، وذلك سنة 64هـ. بتصرف، الإصابة 3/ 419، وسير أعلام النبلاء 3/ 390.
[27] مفردها قباء وهو ثوب ضيق الكمين والوسط، مشقوق من خلف، يلبس في السفر والحرب لأنه أعون على الحركة. بتصرف، فتح الباري 10/ 269 ح 5800.
[28]صحيح مسلم كتاب الزكاة باب إعطاء من سأل بفحش وغلظة 2/ 732 ح 130.
[29]الديباج: نوع من الحرير. فتح الباري 6/ 576 ح 3561، قال الحافظ ابن حجر عن قوله وعليه قباء من ديباج: يحتمل وقوع ذلك قبل تحريم الحرير، ويحتمل أن يكون بعد التحريم وأعطاه إياه لينتفع به، بأن يكسوه النساء أو ليبيعه، أو أن المقصود أنه نشره على أكتافه أو على يديه ليراه مخرمة كله ولم يقصد لبسه صلى الله عليه وسلم. بتصرف، فتح الباري 10/ 315 ح 5862، و 10/ 270 ح 5800.
[30] كتاب اللباس باب المزرر بالذهب 7/ 50.
[31] صحيح البخاري كتاب الخمس باب قسمة الإمام ما يقدم عليه، ويخبأ لمن لم يحضره أو غاب عنه 4/ 15.
[32] سبق تخريجه ص 370.
[33] صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه 4/ 1945 ح 2501. وقال الإمام النووي: إن هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بالإشكال، ووجه الإشكال أن أبا سفيان أسلم يوم فتح مكة، وقد تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم أم حبيبة رضي الله عنها قبل ذلك بزمن، قيل أنها تزوجها وهي بأرض الحبشة سنة ست وقيل سنة سبع، وقال ابن حزم: أن هذا الحديث وهم من بعض الرواة، وروي عنه أنه قال أن الحديث موضوع، وأنكر عليه ذلك، ولكن يحتمل أنه سأله تجديد العقد تطييباً لقلبه، لأنه ربما كان يرى على ذلك غضاضة من رياسته ونسبه، أنه تزوج بنته بغير رضاه، أو أنه ظن أن إسلام الأب يقتضي تجديد العقد، وليس في الحديث ما يدل على تجديده، فلعله صلى الله عليه وسلم أراد بقوله: نعم، أن مقصودك يحصل وإن لم يكن بحقيقة. بتصرف، صحيح النووي بشرح مسلم 16/ 63- 64. وقال الحافظ ابن كثير: أنه أراد أن يزوجه ابنته الأخرى لما رأى في ذلك من الشرف، واستعان بأختها حبيبة كما في الصحيحين، وإنما وهم الراوي في تسميته أم حبيبة. بتصرف، البداية والنهاية 4/ 145.
[34] بتصرف، الزكاة وأحكامها: وهبي سليمان غاوجي ص 98، مؤسسة الرسالة بيروت، ط:1، 1398هـ 1978م.
[35]انظر الحديث في المستدرك على الصحيحين كتاب معرفة الصحابة 3/ 278، وسكت عنه، وسكت عنه الذهبي، وانظر السيرة الحلبية 3/ 55.
[36] الإصابة 1/ 141.
[37] بتصرف، مقومات الداعية الناجح ص 81.
[38] سبق تخريجه ص 135.
[39] باختصار، الفتاوى: ابن تيمية 17/ 491-493.
[40] بتصرف، مرويات غزوة حنين وحصار الطائف 1/ 401.
[41] صحيح مسلم كتاب الفضائل باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا وكثرة عطائه 4/ 1806 ح 2312.
[42] كتاب الزكاة باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام.. الخ 4/ 737 ح 1060. وقال ابن اسحق: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم وكانوا أشرافا من أشراف الناس، يتألفهم ويتألف بهم قومهم، فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة بعير وأعطى ابنه معاوية مائة بعير، وأعطى حكيم بن حزام مائة بعير.. انظر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لابن هشام 4/ 139. وقد عد المؤرخون سبعا وخمسين نفسا من المؤلفة. انظر مرويات غزوة حنين د. إبراهيم القريبي 1/ 411.
[43] هو يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي القرشي، أخو معاوية من أبيه، كان من أفضل أولاد أبي سفيان وكان يقال له: يزيد الخير، كان من العقلاء الشجعان، من فضلاء الصحابة من مسلمة الفتح، عقد له أبو بكر لغزو الروم، ولما فتحت دمشق أمَّره عمر عليها، توفي رضي الله عنه في طاعون عمواس سنة 18. بتصرف، سير أعلام النبلاء 1/ 328، والإصابة 3/ 656،
[44] مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: الشيخ محمد بن عبد الوهاب ص 318.
[45]صحيح مسلم كتاب الزكاة باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه 2/ 734 ح 1059.
[46] بتصرف، فتح الباري 8/ 49 ح 4330، اختصارا من زاد المعاد 3/ 485.
[47] مسند الإمام الشافعي ص 31، وسبق تخريج الحديث ص 367.
[48] وكون المرء ممن يؤلف على الإسلام، أمر غير قادح فيه، يبين ذلك جواب ابن تيمية على الشبهة التي يثيرها الشيعة ضد معاوية رضي الله عنه:( وأما قوله كان معاوية من المؤلفة قلوبهم،: فنعم، وكثير من الطلقاء، بل كلهم من المؤلفة قلوبهم، كالحارث بن هشام وابن أخيه عكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وصفوان بن أمية وحكيم بن حزام، وهؤلاء من خيار المسلمين، والمؤلفة قلوبهم غالبهم حسن إسلامهم، وكان الرجل منهم يسلم أول النهار رغبة منه في الدنيا، فلا يجيء آخر النهار إلا والإسلام أحب إليه مما طلعت عليه الشمس ) منهاج السنة النبوية 2/ 261. قال ابن حزم في جوامع السيرة: وكان المؤلفة قلوبهم -مع حسن إسلامهم- متفاضلين في الإسلام، فمنهم الفاضل المجتهد، وفيهم خيار دونهم، وسائرهم لا نظن بهم إلا الخير. ص 248.
[49] بتصرف، مرويات غزوة حنين والطائف ص 393.
[50]صحيح البخاري كتاب الإيمان باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل 1/ 12، وصحيح مسلم كتاب الزكاة باب إعطاء من يخاف على إيمانه 2/ 732 ح 150.
[51] بتصرف، السيرة النبوية دروس وعبر ص 155.
[52] انظر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم: ابن هشام 4/ 199.
[53] انظر المرجع السابق 4/ 148، وانظر جوامع السيرة ص 249 وقال عنه: وهو شاب ابن نيف وعشرين سنة، وكان في غاية الورع والزهد. وانظر السيرة الحلبية 3/ 59.
[54]بتصرف، المستدرك على الصحيحين كتاب المغازي 3/ 49 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. ومغازي عروة بن الزبير ص 213، وزاد المعاد 3/ 468 وقال المحقق: حديث صحيح.
[55] مسألة الاستعانة بالكفار في الحرب ضد أعداء المسلمين من المسائل الفقهية الطويلة، واكتفي بنقل كلام الإمام ابن القيم في هذا الموضع:( أن الإمام له أن يستعير سلاح المشركين وعدتهم لقتال عدوه، كما استعار رسول الله صلى الله عليه وسلم أدراع صفوان، وهو يومئذ مشرك) زاد المعاد 3/ 479.
[56] الإصابة وقال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن 1/ 141.
[57] الإصابة 2/ 496.
[58] المرجع السابق 3/ 656.
[59] هو يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود الكندي حليف بني عبد شمس، أبو السائب، أسلم في الفتح، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. بتصرف، الإصابة 3/ 656، وانظر أخبار القضاة: محمد بن خلف بن حيان المعروف بوكيع 1/ 106، عالم الكتب بيروت ط: بدون.
[60] بتصرف، الإصابة 3/ 656.
[61] المرجع السابق 3/ 656.
[62] الطبقات الكبرى 2/ 159، و زاد المعاد 3/ 497. وكانت فلول المشركين بعد حنين قد تحصنت بالطائف، فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم بضعا وعشرين ليلة وقيل 17 ليلة، وقاتلهم قتالا شديدا ورماهم بالمنجنيق، ثم علم أن الله لم يأذن له بفتحها فرجع بالمسلمين. انظر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم: ابن هشام 4/ 126- 130.
[63] قيل هم الذين أسلموا قبل الفتح فحصل لهم فضل بالهجرة قبل الفتح، إذ لا هجرة بعد الفتح، وقيل هم مسلمة الفتح الذين هاجروا، فحصل لهم اسم دون الفضيلة. وقال القاضي هذا أظهر لأنهم الذين يطلق عليهم مشيخة قريش، ولهم من السن والخبرة وكثرة التجارب وسداد الرأي ما رجح رأيهم مع كثرة القائلين به. بتصرف، صحيح مسلم بشرح النووي 14/ 209.
[64] انظر الحديث بتمامه في صحيح مسلم كتاب السلام باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها 4/ 1740 ح 2219.
[65] الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ص 39، دار الكتب العلمية بيروت لبنان ط: بدون. وللاستفادة انظر تأملات دعوية في السنة النبوية من ص 78- 85.
[66] سبق تخريج الحديث ص 149.
____
* المصدر: الألوكة.
[ica_orginalurl]