شهاب الدين حسينوف (خاص بموقع مهارات الدعوة)*
جمهورية داغستان هي إحدى الكيانات الفدرالية الـ85 التي يتشكل منها الاتحاد الروسي.
وتعني كلمة داغستان باللغة التركية: بلد الجبال، وبالفارسية: بلد الحر والحرارة، وقسما الجمهورية الجنوبي والوسطي تحتلهما جبال القوقاز.
الموقع الجغرافي
تقع داغستان في جنوب الجزء الأوروبي من روسيا، وتحديداً في شرق منطقة شمال القوقاز على طول الساحل الغربي لبحر قزوين.
ويطلق لفظ بلاد القوقاز أو القفقاس على المنطقة الشاسعة الواقعة بين بحر قزوين (الخزر قديما) والبحر الأسود، وتعد داغستان واحدة من سبعة جمهورية تقع في شمال القوقاز غالبيتها إسلامية.
تحدها من الجنوب والجنوب الغربي الجمهوريتان السوفيتان السابقتان: أذربيجان وجورجيا، ويقعان في منطقة القوقاز الجنوبي، بينما تحدها غربًا وشمالاً أقاليم روسيا الاتحادية وهي جمهورية الشيشان وإقليم ستافروبول وجمهورية كالميكيا.
وتجري عبر أراضي داغستان أنهار كبيرة مثل (تِيريك) (وسُولاك) (وسامور) التي تلعب دوراً بالغ الأهمية في إمداد منطقة القوقاز بالمياه، ناهيك عن سلسلة المحطات الكهرمائية الواقعة على نهر سولاك التي تزود إقليم جنوب روسيا بالطاقة الكهربائية.
تعتبر داغستان منذ قديم الزمان موطنًا عريقاً للزراعة وتربية الحيوانات، ونشأت أول دولة في أراضيها في القرن الخامس قبل الميلاد.
دخول الإسلام داغستان
دخل الإسلام لهذه المناطق مبكراً عندما فتح ‘سراقة بن عمرو’ أذربيجان عام 22 هجرية في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ثم أتم عبد الرحمن بن ربيعة الفتح بدخول مدينة ‘دربند’ على ساحل بحر قزوين، وكان العرب يسمونها ‘باب الأبواب’ وتقع هي الآن في ‘داغستان’ وتوجد بها مقبرة لرفات 40 صحابيا، ثم واصل ‘سراقة بن عمرو’ فتوحاته بالقوقاز؛ ففي عهد الخليفة الراشد ‘عثمان بن عفان’ -رضي الله عنه- فتح أرمينيا وجورجيا، وفتحها صلحاً مقابل الجزية، ثم جاءهم جيش بقيادة ‘حبيب بن مسلمة’ فأخضعهم.
وهكذا نرى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يسيحون في أقصى أرجاء المعمورة فاتحين ومبشرين وهادين الناس لدعوة الإسلام، حاملين في أعناقهم أمانة تبليغ الإسلام للعالمين، رافعين راية التوحيد ليبددوا بها ظلمات الشرك والجاهلية، ولو في آخر بلاد العالمين.
بلد التعدد والتنوع العرقي واللغوي
تحتل جمهورية داغستان المرتبة الأولى بين أقاليم روسيا من حيث عدد القوميات التي تقطنها، والدليل الساطع على ذلك هو التسمية السابقة للإقليم وهي جبال اللغات إلى جانب بلاد الجبال.
ويقطن في الجمهورية ما يزيد عن 60 شعبًا وقوميةً بما فيها أكثر من 35 قومية تختلف لغاتها التي تعود إلى الأسر اللغوية الأساسية الأربع، وهي اللغة الإيرانية والسلافية والتركية والداغستانية. وبموجب دستور الجمهورية فإن اللغة الروسية وكل اللغات الداغستانية تعتبر لغات رسمية في داغستان، إلا أن 14 لغة فقط لها كتابة خاصة بها، وبينها اللغات الأفارية والأغولية والأذربيجانية والدارغينية والكوميكية واللاكية والليزغينية والنوغاي والروسية والروتولية والتابسارانية والتاتية والشيشانية.
الخريطة الدينية للسكان
ويشكل المسلمون نسبة 95% من المؤمنين بالأديان، وبينهم السنيون بنسبة 93% وأهل الشيعة بنسبة 2%. أما المسيحيون فيشكلون نسبة 4% ومعظمهم المسيحيون الأرثوذكس، ويقطن داغستان يهود الجبال بنسبة نحو 1% وتم تسجيل معظمهم كالمواطنين المنتمين إلى قومية التات (الفرس القوقازيون) الذين يهجرون بكثرة في الفترة الأخيرة إلى إسرائيل.
الإدارة الدينية لمسلمي داغستان
توجد في داغستان الإدارة الدينية لمسلمي داغستان ومقرها في العاصمة الداغستانية محاج قلعة، وخلال حقبة الشيوعية السوفياتية، تعرض المسلمون لاضطهاد شديد وتقلص عدد المساجد؛ فمن أكثر من 1000 مسجد لم يبقَ غير 27 مسجدا، كما تلاشى التعليم الإسلامي، وتم قتل وسجن العلماء وحفظة القرآن، كما حدث في كافة المناطق الإسلامية داخل روسيا.
اللغة الداغستانية
كانت اللغة الداغستانية تكتب بحروف عربية، وصدرت بها عدة مجلات في مختلف العلوم، وأضافوا لأحرف الهجاء العربية عدة حروف، ودخلتها كلمات عربية كثيرة، كما كان أهل داغستان يتحدّثون العربية إلى جانب لغاتهم لا سيما علماء الدين الإسلامي.
وأسّس داغستانيون مطابع عديدة، طبعت فيها الكتب المتنوعة، كما صدرت عدة مجلات باللغة العربية والداغستانية، هذا قبل استبدال اللغة الروسية بها، وقبل سيطرة الروسية عليها، ومعظم المسلمين بداغستان ينتسبون للمذهب الشافعي.
الإمام شامل
وأشهر قادة وعلماء داغستان الإمام شامل (1797 – مارس 1871)، وهو قائد سياسيٌّ وديني آفاري في شمال القوقاز، وأحد أشهر أئمة المقاومين للوجود الروسي في القوقاز.
ولد الإمام شامل عام 1797 في قرية غيمري الداغستانية. وقاد المقاومة ضد الروس خلال حروب القوقاز التي استمرت نحو 25 عاماً، وقد لقب بأسد القفقاس وصقر الجبال.
روسيا الاتحادية
ووفقاً للدستور الروسي تنقسم روسيا الاتحادية إلى أكثر من 85 كيانا إداريا، كل منها له دستوره ورئيسه وبرلمانه، وتمثله الحكومة الفدرالية في الشؤون الدولية.
وروسيا هي أكبر بلد في العالم من حيث المساحة، كما أنها تاسع أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم بأكثر من 143 مليون نسمة. تمتدُّ روسيا عبر كامل شمال آسيا و40% من أوروبا، كما تُغطي (٩) تسع مناطق زمنية وتضم طائفة واسعة من البيئات والتضاريس، وتمتلك أكبر احتياطي في العالم من الموارد المعدنية والطاقة، ولديها أكبر احتياطيات العالم من الغابات والبحيرات، التي تحتوي ما يقرب من ربع المياه العذبة في العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نائب المفتي العام لجمهورية داغستان للعلاقات الخارجية مع الدول العربية.
[ica_orginalurl]