مسلمون حول العالم.. يحتاجون لمن يتعرف عليهم أكثر.. لمن يلمس معاناتهم، ويشعر بطموحاتهم.. ويتحسس مشكلاتهم.. ويشاركهم إنجازاتهم.. سنجمع أخبارهم من كل مكان.. من خلال جولة لرصد حياتهم عن قرب.. والمحطة السادسة كانت من ألمانيا
الملف من إعداد/ فريق التحرير
تبلغ مساحة ألمانيا الموحدة حوالي 357 ألف كيلو متر مربع، وسكانها حسب آخر التقديرات 79 مليون نسمة، وأهم مدنها برلين، وهامبورج، وميونخ، وفرانكفورت، وبرمن.
الموقع
ألمانيا بين دول أوروبا الوسطى، تطل على بحر البلطيق، ولها جبهة بحرية على بحر الشمال، تحدها بولندا من الشرق وتشيكوسلوفاكيا من الجنوب الشرقي، والنمسا وسويسرا من الجنوب، وتشترك حدودها الغربية مع كل من هولندا، وبلجيكا، وفرنسا، وتشترك حدودها الشمالية مع الدنمارك.
كيف وصل الإسلام إلى ألمانيا ؟
كان أول اتصال الألمان بالعالم الإسلامي أيام الحروب الصليبية، فلقد اشترك الألمان في هذه الحروب، وكان لهذا الاتصال أثره فنتج عنه رغبة المفكرين الألمان في التعرف على حقيقة الإسلام، ولقد كان هناك اتصال دبلوماسي بين ملوك الأندلس والألمان، وأدي ذلك إلى ثورة مارتن لوثر على الكنيسة الكاثوليكية وظهور البروتستانتينية، فلقد درس لوثر القرآن الكريم برغم التراجم المحرفة، وتأثر غوته المفكر الألماني بتعاليم الإسلام، وبدأ الاستشراق في ألمانيا بما بذله يعقوب كريستمان من تعلم اللغة العربية وألف كتبا فيها، وافتتح كرسي لها في جامعة هيدلبرج في سنة 999 هـ – 1590 م، وازداد بعد ذلك عدد المستشرقين ولا يخلو الأمر من دس أحيانا فيما ترجمه المستشرقون أو كتب عن الإسلام.
ومع ذلك ظلت الجماهير الألمانية ضحية تعاليم الكنيسة، ولم تجتمع الجماهير الألمانية بجماهير مسلمة إلا إبان الحرب العالمية الأولى وذلك عندما تحالف الألمان مع الأتراك العثمانيين وتغيرت فكرة الألمان عن الإسلام، ولقد سبق هذا الاحتكاك المباشر اتصال دبلوماسي، ففي القرن الثامن عشر الميلادي وصلت البلاط الروسي في ألمانيا سفارة عثمانية فكانت أول جالية مسلمة في برلين .
وفي نهاية الحرب العالمية الأولى أطلق سراح بعض الأسرى المسلمين وفضل الكثير منهم العيش في ألمانيا، وأخذ عدد قليل من الألمان يعتنقون الإسلام، وتوافد على ألمانيا عدد من التجار والكثير من العمال المسلمين واستقروا في الموانئ الألمانية.
المسلمون في الوقت الراهن…
بعد الحرب العالمية الثانية قدمت من شرق أوروبا موجة جديدة من اللاجئين المسلمين، وهرب جنود مسلمون من الجيش السوفييتي إلى ألمانيا، كما هاجر العديد من الأتراك من الاتحاد السوفييتي إلى ألمانيا الغربية، وبعد تقدم الاقتصاد الألماني لم تفِ الأيدي العاملة الألمانية بحاجة الصناعة، فسمحت ألمانيا بهجرة الأيدي العاملة إليها، فهاجر إليها العمال خصوصا الأتراك والمغاربة و اليوغسلاف والألبان، لهذا أخذ عدد المسلمين يتضاعف، ففي 1339 هـ – 1920 م قدر عدد المسلمين في ألمانيا بعدة آلاف، ووصل إلى عشرين ألف مسلم في سنة 1371 هـ – 1951 م. وأخذ العدد يتزايد فقدر عدد المسلمين في ألمانيا في سنة 1391 هـ -1971 م ب ( 1,150,000) مسلم، وازدادت هجرة المسلمين فزاد عددهم.
وفي الآونة الأخيرة أصبح عدد المسلمين بألمانيا الغربية أكثر من 3 ملايين مسلم، فالإسلام في ألمانيا يشكل ثالث الديانات بها عددا، وقرابة نصف هذا العدد من الأتراك، فوصل ألمانيا في الفترة من سنة 1380 هـ – إلى سنة 1393 هـ – 1,180,000 مسلم تركي والباقي موزع بين المغاربة واليوغسلافيين والألبان، وجاليات إسلامية من منطقة الشرق الأوسط ومن جنوبي آسيا، ويشكل الأتراك حوالي 41% من الأيدي العاملة المهاجرة إلى ألمانيا والتي بلغت سنة 1395 هـ – 1975 م 4,089,000 نسمة ولقد حصل على الجنسية الألمانية الكثير من الأتراك ويضاف إلى هذا عدد كبير من الطلاب المسلمين الذين يدرسون بالجامعات الألمانية , وجدير بالذكر أن المسلمين فيما كان يسمى بألمانيا الشرقية، كانوا مضطهدين من قبل النظام الشيوعي، وكان عددهم لا يتجاوز 3000 مسلم.
مناطق المسلمين
ينتشر المسلمون في معظم المناطق الصناعية بألمانيا خصوصا في منطقة نهر الرين، وفي حوض الرور أكثر من ربع مليون مسلم وإذا أضيفت المناطق المحيطة يصل العدد إلى أكثر من 400 ألف مسلم، وحول مدينة هامبورج، وفي ولاية بايرن وحدها أكثر من مائة ألف مسلم، كما ينتشر المسلمون في منطقة برلين.
الهيئات والمؤسسات الإسلامية
يشكل المسلمون نسمة تزيد على 3% من سكان ألمانيا، فالمسلمون يأتي ترتيبهم العددي بعد الكاثوليك، والبروتستانت، وهناك عدد كبير من الهيئات والمؤسسات الإسلامية، تشير إليه بعض المصادر الإسلامية بحوالي 400 هيئة ومؤسسة إسلامية، كما يوجد عشرات المراكز، ومئات المساجد، وتأسست رابطة للجمعيات الإسلامية منذ سنة 1400 هـ – 1980 م، في دسلدورف، وأكثر الجمعيات الإسلامية من الأتراك وهم أكبر جالية مسلمة في ألمانيا، وتأخذ الهيئات والمؤسسات طابع المهنة، فهناك اتحاد الطلاب المسلمين في فرانكفورت، ومعهد الدراسات العربية في برلين، ومعهد الدراسات الإسلامية في فرانكفورت والمؤسسة الإسلامية في هامبورج.
وبدأ تنظيم الهيئات الإسلامية ينشط في أعقاب الحرب العالمية الثانية.. فتكونت الإدارة الدينية للمسلمين المهاجرين في ميونخ، وأصدرت مجلة المهاجر ولها 7 مدارس إسلامية في أنحاء متفرقة من ألمانيا، ومن الهيئات الإسلامية المبكرة الرابطة الإسلامية في ألمانيا، ولها مركز في أخن، وشاركت المملكة العربية السعودية في بناء هذا المركز، وفي ميونخ مركز إسلامي شارك في تشييده الملك فيصل رحمه الله، وأسهمت فيه الكويت وقطر وبعض الدول الإسلامية الأخرى، ولهذا المركز نشاط إسلامي واسع في خارج ألمانيا.
ولهذه المراكز أهداف إسلامية مثل توثيق عري الأخوة الإسلامية، وتزويد المسلمين بالكتب الإسلامية، وتحقيق الدراسات الإسلامية، وفتح المدارس الإسلامية، وترجمة أمهات الكتب الإسلامية إلى الألمانية وغيرها من اللغات الأوروبية، والحفاظ على الهوية الإسلامية وتصدر بعض الدوريات الإسلامية.. منها الرائد والمهاجر وكذلك بعض النشرات الإسلامية.
التحديات
يواجه المسلمون بألمانيا بعض التحديات والاتجاهات المعادية من اليهود والبهائيين والقاديانيين، وتثير الهيئات التي تنتسب للجماعات السابقة كثيرا من العقبات ضد المسلمين بألمانيا.. ويساندهم البعض ممن اعتنق الإسلام ظاهرا.. والحاجة ماسة إلى توحيد الهيئات الإسلامية، وتشييد المدارس لتعليم أبناء المسلمين المهاجرين من الأقلية، ودعمهم بالدعاة بمختلف اللغات، ومن التحديات كثرة الهيئات الإسلامية والوجود الاسمي فقط لبعضها، فالحاجة ماسة إلى توحيد هذه الهيئات، وكذلك الحاجة إلى توحيد منهج التعليم الإسلامي، كما يجب تنشيط الدعوة الإسلامية فيما كان يسمى بألمانيا الشرقية بعد أن خضعت لحكم شيوعي مدة طويلة.
_______________________________________
المصدر: موقع السكينة
[opic_orginalurl]