قد يشترك جماعة في كفالة اليتيم، ويقوم كل واحد منهم بجانب من هذه الجوانب، أو يشترك بعضهم في جانب واحد، فيكون كل واحد منهم قد كفل يتيما، وله من الثواب المترتب على ذلك بمقدار نفقته وتعبه في كفالته…
(مقتطف من المقال)
إعداد/ فريق التحرير
يتفرد التشريع الإسلامي بصور ونماذج قلما توجد في أي تشريع آخر.. ومن صور التفرد في ديننا.. نموذج كفالة اليتيم.. تلك الكفالة القلبية والمعنوية والمادية بدون مقابل إلا الطمع في نيل رضا الله وثوابه وجوار نبيه في جنة الخُلد.. مع حفظ كامل حقوق الطفل المكفول؛ فلا تغيير في اسمه، ولا اعتداء على نسبه الأصلي، ولا إجباره على أن تنتقل حضانته لكافله.. مثلما يحدث أحيانا في نظام التبني المعروف في بعض الدول الغربية.
فكفالة اليتيم من الأمور التي حث عليها الشرع الحنيف، وجعلها من الأدوية التي تعالج أمراض النفس البشرية، وبها يتضح المجتمع في صورته الأخوية التي ارتضاها له الإسلام.
لنتعرف أكثر إذا على كفالة اليتيم في التشريع الإسلامي…
أولا: من هو اليتيم، وما هي كفالته؟
اليتيم هو من فقد أباه وهو صغير.
وكفالته: أن يقوم الكافل مقام الأب في الرعاية والتربية والنفقة.
إذا فكفالة اليتيم ليست في كفالته ماديا فحسب، بل الكفالة تعني القيام بشئونه من التربية والتعليم والتوجيه والنصح، والقيام بما يحتاجه من حاجات تتعلق بحياته الشخصية من المأكل والمشرب.
قال النووي: كافل اليتيم القائم بأموره من نفقة وكسوة وتأديب وتربية وغير ذلك، وهذه الفضيلة تحصل لمن كفله من مال نفسه، أو من مال اليتيم بولاية شرعية.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: وبهذا عرف أن كفالة اليتيم ليست مجرد النفقة، من مطعم ومشرب ومسكن، بل أهم من ذلك الحضانة والتربية.
فقد يكون الطفل في حضانة أمه وتقوم هي على تربيته وخدمته، وقد يكون في إحدى المؤسسات الخيرية، ولكنه في حاجة إلى المال، فتكون حضانته بالنفقة عليه.
وقد يكون الطفل غنيا بما تركه له أبوه من مال، ولكنه لا يجد أحدا يقوم على حضانته؛ فتكون كفالته بنقله إلى بيت الكافل والقيام على أمره، أو الإتيان له بمربية.
وقد تكون كفالته بالنفقة على تعليمه والإتيان بمن يحفظه القرآن ويعلمه، ونحو ذلك.
فكل هذه جوانب من جوانب كفالة اليتيم، ومن قام بجانب منها، فقد كفل يتيما، بحسب ما قام به من ذلك.
وقد يشترك جماعة في كفالة يتيم واحد، ويقوم كل واحد منهم بجانب من هذه الجوانب، أو يشترك بعضهم في جانب واحد، فيكون كل واحد منهم قد كفل يتيما، وله من الثواب المترتب على ذلك بمقدار نفقته وتعبه في كفالته.
فضل كفالة اليتيم
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-: كفالة اليتيم من أعظم أبواب الخير التي حثت عليها الشريعة الإسلامية قال الله تعالى: “يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ” (البقرة :215 ).
وقال تعالى: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا” (النساء: 36 ).
ووردت أحاديث كثيرة في فضل كفالة اليتيم والإحسان إليه منها: عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما) رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: قال ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك.
ولكفالة اليتيم وإكرامه فوائد كثيرة منها:
1- صحبة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم في الجنّة، وكفى بذلك شرفا وفخرا.
2- كفالة اليتيم صدقة يضاعف لها الأجر إن كانت على الأقرباء (أجر الصّدقة وأجر القرابة).
3- كفالته والإنفاق عليه دليل طبع سليم وفطرة نقيّة.
4- كفالة يتيم والمسح على رأسه وتطييب خاطره يرقّق القلب ويزيل عنه القسوة.
5- تعود على الكافل بالخير العميم في الدّنيا فضلا عن الآخرة.
6- تساهم في بناء مجتمع سليم خال من الحقد والكراهيّة، وتسوده روح المحبّة والودّ.
7- في إكرامه والقيام بأمره دليل على محبّته صلّى اللّه عليه وسلّم.
8- تزكي المال وتطهّره وتجعله نعم الصّاحب للمسلم.
9- من الأخلاق الحميدة الّتي أقرّها الإسلام وامتدح أهلها.
10- في الكفالة بركة تحلّ على الكافل وتزيد من رزقه.
__________________________________________________
المصادر:
*موقع صيد الفوائد
*شبكة إسلام أون لاين
*موقع الإسلام.. سؤال وجواب
[opic_orginalurl]