حث النبي صلى الله عليه وسلم المسلم على التنظُّف والتجمُّلُ عند صلاة الجمعة: وذلك بأن يلبسِ الثِّياب الحسنةِ، ويتَسوَّكِ، ويتَطيّب، بل يُستَحَبُّ أنْ يَجعَلَ للجمعةِ ثيابًا خاصَّةً احتفاء باليوم…
إعداد/ فريق التحرير
تحدثنا في المقال الأول عن فضائل وخصائص يوم الجمعة، وما تميز به هذا اليوم المبارك عن سائر أيام الأسبوع.. وفي هذا الجزء نقدم ملخصا لما يتعلق بصلاة الجمعة من أحكام.. لتعم الفائدة وتُصحح بعض المفاهيم المتلبسة.
تعريفها
الجمعة هي كل ما يجمع الناس في جماعات، وهي اليوم الذي بين الخميس والسبت. وصلاة الجمعة هي العبادة التي يؤديها المسلمون في ذات اليوم بالمساجد، حيث يصلون ركعتين للظهر خلف الإمام بعد الاستماع للخطبتين.
حُكمها
اتفق أهل العلم على أن صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم ذكر. وأجمعوا على أنها ركعتان تؤدان خلف الإمام بعد الخطبتين، ووقت الجمعة هو وقتُ الزَّوال (يعني بداية وقت الظهر)، وقد فُرضت على المسلمين في مكة قبل الهجرة النبوية لكنهم لم يؤدوها في مكة لقلة عددهم وضعف شوكتهم.
على مَن تجب الجمعة؟
تجب الجمعةُ على الرَّجُلِ المسلم الحُرِّ العاقلِ البالغ المقيمِ القادرِ على السَّعيِ إليها، الخالي من الأعذار المبيحةِ للتخلُّفِ عنها، طالما أنه سمعِ النِّداء، أو عَلِمَ بدخول وقت الجمعةِ.
وعن مَن تسقط فرضيتها؟
قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (الجمعة حقٌّ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ في جماعةٍ إلا أربعة: عبدٌ مملوكٌ، أو امرأةٌ، أو صبيٌّ، أو مريضٌ).
وهل على المسافر صلاة جمعة؟
أجمع أهل العلم على أن الجمعة لا تجب إقامتها على المسافرين، أما إن سمع النداء وصادف مروره في طريق من السهل إقامته للصلاة فيه؛ فالراجح أنه لا يجب عليه حضورها لكونه على سفر، ولكن الأفضل والأكمل في حقه أدائها.
ملاحظات هامة:
(1) يُكرَه كراهةً شديدةً الانشغالُ بطلب المالِ عن حضور الجمعةِ.
(2) سبق أنْ بيَّنَّا الذين لا تجب عليهم الجمعةُ، ولكنْ لو صلاَّها أحدٌ منهم: صحَّتْ صلاتُه، وسقَطَ الفرضُ، وكذلك لو صلى أحدهم إماماً للجمعة (كالمريض والمسافر والعبد والصبي): صحَّتْ إمامتُهم، وصحَّتِ الجمعةُ.
(3) الذين لا يجب عليهم حضورُ الجمعة يصلُّون الوقت ظهرًا، وسواءٌ صلَّوُا الظُّهر قبل أن يصلي النَّاسُ الجمعة أم صلَّوها بعد صلاة الجمعة.
(4) إذا زال العذرُ – المانع من حضور الجمعة – بعد أن صلى الظُّهرَ وقبل أن يصلي الإمامُ الجمعة؛ فالرَّاجحُ أنه لا يجب عليه الإعادةُ، ولكنْ هل الأفضلُ تَقديمُ الظهر في أول وقته، أم الانتظارُ حتى يصلي الإمامُ الجمعة؟
قال الشيخ ابن عُثيمين: “إذا كان مَن لا تلزمُه الجمعة ممَّن يُرجَى أنْ يزولَ عذرُه ويُدركَها، فالأفضلُ أن ينتظرَ، وإذا كان ممَّن لا يُرجى أنْ يزولَ عذرُهُ، فالأفضل تقديمُ الصَّلاة في أوَّلِ وقتها”.
ما حكم اجتماع العيد والجمعة (يعني إذا أتى العيد يوم الجمعة)؟
إذا اجتمع العيدُ والجمعة: فالرَّاجحُ من الأقوالِ أنَّ مَن شهِد العيدَ سقَطت عنه الجمعةُ؛ إنْ شاء شهِدَها، وإن شاءَ لَم يشهَدْها، لكنْ على الإمامِ أن يُقيمَ الجمعةَ ليشهدَها مَن شاء شُهودَها، وهذا اختيارُ شيخِ الإسلام ابنِ تيميَّةَ، وهو أعدلُ الأقوالِ.
ما حكم مَن لم يحضُرِ الجمعةَ في يوم الجمعة: هل يصلِّيها ظُهرًا؟
يرى بعضُ العلماءِ أنَّه لا يجب عليه صلاةُ الظُّهر؛ ويرى بعضُ العلماءِ أنه يصلِّي الظُّهر.. قال الشيخ عادل العزّازي: هذا الرَّأيُ هو الأحوطُ، وإنْ كان الرَّأيُ الأوَّلُ هو الأقوى عندي، والله أعلم.
آداب المصلي يوم الجمعة:
يُشرَع لِمَن وجبت عليه صلاةُ الجمعةِ بعض الآداب، نذكرُها ونبيِّنُ أحكامَها، وبالله التَّوفيق:
(1) الاغتسال: والرَّاجح أنَّ وقتَ الغُسل يبدأ من طلوع الفجرِ، وهو مذهبُ الحنفيَّة والشافعيَّة والحنابلةِ.
(2) التنظُّف والتجمُّلُ للجمعة: وذلك بأن يلبسِ الثِّياب الحسنةِ، ويتَسوَّكِ، ويتَطيّب، بل يُستَحَبُّ أنْ يَجعَلَ للجمعةِ ثيابًا خاصَّةً احتفاء باليوم.
(3) التَّبكير في الذهاب للجمعةِ
تنبيه:
يُستَحَبُّ الذَّهابُ ماشيًا لمن لا يشقُّ ذلك عليه؛ لِمَا ثبت في الحديث: (مَن غسَّل واغتسلَ، وبكَّر وابتكر، ومشَى ولَم يركبْ، ودنا من الإمام فاستمعَ ولم يَلْغُ، كان له بكلِّ خُطوةٍ عملُ سنةٍ: أجرُ صيامِها وقيامِها)، قال ابن عُثيمين رحمه الله: (لكن لو كان منزلُه بعيدًا، أو كان ضعيفًا أو مريضًا، واحتاج إلى الرُّكوب، فكونُه يرفُقُ بنفسِه أَوْلى من أنْ يشقَّ عليها).
(4) عدم تخطِّي الرِّقاب: فعن عبدِالله بن بُسْرٍ رضي الله عنه أنه قال: جاء رجُلٌ يتخطَّى رقابَ النَّاس يوم الجمعة، والنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يخطب، فقال له رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (اجلِسْ؛ فقد آذَيْتَ).
(5) ويدنو من الإمام: فقد قال النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (مَن غسَّل واغتسل، ودنا وابتكر، واقترب واستمع، كان له بكلِّ خُطوةٍ يخطوها قيامُ سنةٍ وصيامُها).
(6) ولا يقيمنَّ أحدًا من مجلسِه ليجلسَ هو: فقد قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (لا يقيم أحدُكم أخاه يوم الجمعة، ثم يخالفُه إلى مقعدِه، ولكنْ ليقلْ: أَفسِحوا) واعلم أنَّ هذا الحُكم عامٌّ، سواءٌ للجمعة ولغيرِها؛ لِمَا ثبت عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنه: (نهى أن يُقامَ الرَّجُل من مجلسِه، ويجلس فيه، ولكن تفسَّحوا وتوسَّعوا)..
وأما مَن قام من مكانِه لحاجةٍ، فهو أحقُّ بمكانه إذا رجعَ إليه؛ فقد قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (إذا قام أحدُكم من مجلسِهِ ثم رجع إليه، فهو أحقُّ به).
(7) ويصلِّي ركعتين: أعني قبل أن يجلسَ، حتى ولو كان الإمامُ يخطُب؛ لقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: (إذا جاء أحدُكم يوم الجمعة، وقد خرج الإمامُ -(يعني صعد المنبر) ، فليُصلِّ ركعتين، وليتجوَّزْ فيهما) يعني لِيُخَفِف هاتين الركعتين بدون الإخلال بالواجبات، كالاطمئنان في الركوع والسجود ونحو ذلك.
- وبهذا تعلمُ أنَّ ما يفعلُه كثيرٌ من الخطباء من نَهْيِ النَّاسِ عن الصَّلاة: تصرُّفٌ باطلٌ؛ وجهلٌ مِنهم بالسنَّة، وأما احتجاجُهم بحديث: (إذا صعِدَ الخطيبُ المِنبر، فلا صلاةَ ولا كلامَ)، فهو حديثٌ موضوعٌ.
(8) فإذا كان الإمامُ لَم يخرجْ: صلَّى تحيَّةَ المسجدِ، ثم له بعد ذلك أن يصلِّيَ ما شاء من التطوُّعِ، وله أن يجلسَ لانتظاره، فإذا خرج الإمامُ: جلس واستمع، فقد قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (لا يغتسلُ رجُلٌ يوم الجمعةِ ويتطهَّرُ بما استطاع مِنْ طُهْرٍ ويدَّهنُ مِن دُهنِهِ، أو يمسُّ من طِيبِ بيتِه، ثم يرُوحُ إلى المسجدِ، ولا يفرِّقُ بين اثنين، ثم يصلِّي ما كُتب له، ثم يُنصتُ للإمام إذا تكلَّمَ، إلا غُفِر له ما بين الجمعةِ إلى الجمعةِ الأخرى).
(9) ويَحرُم الكلامُ والإمام يخطُب: لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: (إذا قلتَ لصاحبِك يوم الجمعةِ: أنصِتْ، والإمامُ يخطُب، فقد لغَوْتَ – يعني ضاع ثوابُ جمعتك أو قلّ)، ولكنْ يُلاحَظ أنه لو أشارَ له بالسكوت دونَ أن يتكلم فلا حرج، والعبرة ليست بالسهو ولكنْ العبرة بالانشغال واللهو.
____________________________________
المراجع:
- الدليل الفقهي http://www.fikhguide.com/tourist/prayer/222
- موقع السبيل http://ar.assabile.com/a/salat-al-jumua-91
- شبكة الألوكة الثقافية http://www.alukah.net/sharia/0/59298/
[opic_orginalurl]