أ. د. مسعد بن عيد العطوي
يقصد بمفهوم “التنصير” أو “التبشير”: تنصير الشعوب غير المتنصرة، لتحويل المسلمين إلى الكفر (النصرانية المحرفة). وهم الذين أطلقوا على عملهم التنصيري هذا مصطلح (التبشير)؛ بزعمهم أنهم يبشرون بالدين الحق المصلح لهذا الكون بزعمهم.
جاء في الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة (ص 159) تعريف للتنصير، يقول فيه: “التنصير حركة دينية سياسية استعمارية بدأت بالظهور إثر فشل الحروب الصليبية؛ بغية نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث بعامة، وبين المسلمين بخاصة، بهدف إحكام السيطرة على هذه الشعوب”.
والمنصرون هم الذين جندوا أنفسهم للقيام بمهام التبشير من العاملين تحت لواء الكنيسة أو المتطوعين.
الحركة التنصيرية:
بدأت الحركات التنصيرية لما عجز النصارى عن الحرب مع المسلمين، فقالوا إننا نقوم باجتذاب المسلمين عن طريق الاقتناع بدلاً من القوة والإكراه. يقول الأب اليسوعي ميبز: “إن الحروب الصليبية الهادئة التي بدأها مبشرونا في القرن السابع عشر لا تزال مستمرة إلى أيامنا، إن الرهبان الفرنسيين والراهبات الفرنسيات لا يزالون كثيرين في الشرق” (الموسوعة ص 169). ويقول وليم الطرابلسي (1270 م) ويكتب إلى البابا في أوربا: ” نريد مرسلين لا جنوداً لاسترداد الأرض المقدسة”.
جاء المبشرون إلى الخليج عام (1870 م) مع النفوذ العسكري، ثم بعد ذلك مع العمالة البترولية كونوا لهم جمعيات هناك منها: جمعية (البعثة الكنسية)، ولها نشاط في (البحرين وعُمان وأبو ظبي) وجمعية (زمالة الإخلاص للمسلمين) عام 1915 م، وقد أخذت تنظم المؤتمرات وتعد الكتب وتطبعها ومن ثم توزعها، وأيضاً جمعية (تنصير الشرق الأوسط) عام 1976 م وتقوم بإعداد المبشرين باللغة العربية. وأكثر هذه البعثات تعمل في مجال الصحة.
وسائل التنصير:
(1) العمل الطبي.
(2) الاتصال على المستوى الشخصي.
(3) إنتاج الأدب.
(4) الوسائل الإعلامية.
ويهدف التبشير إلى دس الأفكار المشوهة، وتشويه صورة الإسلام المثالية؛ للتشكيك والشعور بالنقص والتخلف.
كان المنصرون يعمدون إلى التحدي المباشر مع المسلمين، ولقد تصدى لهم في الهند الشيخ رحمة الله مؤلف كتاب “إظهار الحق” عام 1308 ه، وقد قام بمناظرة القسيس (فاندر) صاحب كتاب “ميزان الحق” فاعترف القسيس (فاندر) بالتحريف في الإنجيل، وذلك في اليوم الأول من المناظرة، وفي اليوم الثاني ظهر ضعف القسيس وذلته وكذبه، وفي اليوم الثالث هرب فلم يظهر. وكان يغادر المجلس الذي يحضر فيه الشيخ رحمه الله.
في لبنان كان اليسوعيون يقولون: “كنا نعتمد على فرنسا الظافرة، وهي هاهنا الآن”، والمنصر زويمر يقول للمنصرين: “تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في المماليك الإسلامية”.
قام المبشرون برسم خارطة للعالم الإسلامي تناولوا فيها جميع العناصر البشرية، واشتركوا مع المستشرقين.
(ريمول لول) الأسباني هو أول من تولى عملية التبشير بعد فشل الحروب الصليبية، ثم اتجه المنصرون إلى الهند والسند وجاوة.
وفي سنة (1664م) افتتحوا كلية لتكون قاعدة لتعليم التبشير المسيحي؛ وذلك نتيجة تحريك البارون دوبيتز لضمائر النصارى لافتتاحها. ثم بعد ذلك جاءت حركة تأليف الكتاب للتحريض على التنصير، وله مئات الجامعات المؤازرة له في أوروبا إلى الآن.
وفي عام (1855م) ظهرت جمعية “الشبان المتطوعون” للتبشير والتنصير، ثم تتابعت الجمعيات للتبشير. وقد انحصرت مهمة جمعية الشبان في إدخال ملكوت المسيح بين الشبان كما يزعمون.
من أقوالهم:
يقول مستر بلس: “إن الدين الإسلامي هو العقبة القائمة في طريق تقدم التبشير بالنصرانية في إفريقيا” (الموسوعة ص 161).
دخلوا قديماً من البرتغال في القرن الخامس عشر الميلادي.
وفي عام (1819 م) جعلوا مهمة التبشير على الأقباط في مصر، وتأسست لهم جمعيات في الأستانة (إسطنبول) وفي بيروت، وهذا متجذر من السياسة أي من التوظيف السياسي للدين.
من وسائل التبشير:
(1) توزيع الكتاب المقدس (الإنجيل).
(2) استخدموا الطب وسيلة لذلك.
(3) وظفوا الأعمال التربوية كالمدارس والكليات للتنصير.
(4) وظفوا المرأة لخدمة التنصير.
(5) توزيع الكتب والمؤلفات والنشرات الداعية إلى النصرانية.
يقول أحدهم: “إن رسالة المدرسة دينية مسيحية، فإذا علمت الطب والفلك والعلوم فإنها خرجت عن غاياتها”.
كونوا لهم مؤتمرات كثيرة جداً، ولا تزال مستمرة إلى الآن، منها المؤتمر الذي عقد عام (1324ه = 1906م) بالقاهرة ويقال بأنه عقد في بيت أحمد عرابي وقد دعا إليه زويمر بهدف عقد مؤتمر يجمع الإرساليات البشرية البروتستانتية للتفكير في مسألة نشر الإنجيل بين المسلمين، وكان عدد المؤتمرين 62 شخصاً بين رجال ونساء، وكان زويمر رئيساً لهم. وقد توصلوا فيه إلى ما يلي:
(1) استخدام وسيلة العزف.
(2) عرض مناظر الفانوس السحري.
(3) تأسيس الإرساليات الطبية.
(4) ضرورة تعليم المتنصرين اللهجات العامية.
(5) مخاطبة عوام الناس.
(6) أن يكون المنصر خطيباً.
(7) ضرورة كون المبشر (المنصر) عليماً بالنفس الشرقية.
وفي عام (1328هـ = 1910م) عقد المؤتمر العالمي التبشيري، في (أوفجوة) بأسكتلندا، وقد حضره مندوبون عن 159 جمعية تبشيرية في العالم، وقد خرجوا بكثير من التوصيات، التي لا يمليها الدين المسيحي بل تمليها رغبة الهيمنة عند الإنسان.
—-
* المصدر: الألوكة.
[ica_orginalurl]