هل لدينا العزمُ على أن نغيِّر واقعَنا إلى الأفضل في العام الهجري الجديد؟
تابعوا الإجابة في سياق المقال…
د. محمد لطفي الصباغ
ها نحن أولاء نودِّع العام الهجري الماضي، ونستقبل العام الهجري الجديد، لقد عَفَتْ سَنَةٌ من عمرِ كلِّ واحد منا، ودنَونا من آجالنا التي كتبها الله لنا، أفلا يَجدُر بنا أن نقف وقفةَ تأملٍ، نحاسب فيها أنفسنا ونراجع رصيدنا كما نفعل في الأمور الاقتصادية؟!!
مَضَتْ سَنَة، وهي عدَّة غير قليلة تتسع لجليل العمل عند المُجد، فلنسائل أنفسَنا:
هل نجحنا في العمل على تقدم أنفسنا بتخلِّينا عن كثيرٍ من النقائص التي فينا، والإنسان على نفسه بصيرة؟
هل أدَّينا ما علينا من واجباتٍ أوجَبَها الله علينا؟
هل ساعدْنا إخواننا المسلمين المسحوقين المنكوبين في بلاد الله المختلفة؟
هل قمنا بالواجب الإسلامي نحو الآخرين بدعوتهم إلى الرشاد والحق؟
هل شعرنا بمسؤوليتنا في الإرشاد والتوعية نحو أُسرنا من أولاد وزوجات، وإخوة وأخوات، وغيرهم من الأقرباء، والأصدقاء والجيران، والطلاب والزملاء؟
ولنسائل أنفسنا قبل بداية العام الهجري الجديد…
هل لدينا العزمُ على أن نغيِّر واقعَنا إلى الأفضل في هذا العام الجديد؟
إن هذه المُسَاءلة والمحاسبة الموضوعيةَ هي الخطوة المتقدِّمة في طريق الصلاح.
فلنواجه أنفسنا بالذي كان منا، ولنَتُبْ إلى الله، ولْنعلَمْ أننا الآن في فسحة من أمرنا، وأننا قادرون الآن على تلافِي النقص الذي كان فيما مضى إن أردْنا، والعاقل مَن يستغلُّ الفسحة فيغتنم صحتَه وفراغه وحياته، قبل مرضِه وشغله وموته، فيعمل لله العمل الصالح، أما إذا بَلَغت الروح الحُلْقُومَ، فلن تفيد التوبة، ولن يفيد رجاءُ العودة إلى الدنيا للعمل، وقد قصَّ الله علينا قصة فرعون الذي آمَن عندما أدركه الغَرَق، فلم يُقبَل منه، وقيل له: “آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ” (يونس:91)، وقال سبحانه:”وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ” (النساء: 18).
إن بعض الناس لا يتذكَّرون الاستقامةَ إلا عند العجز أو قرب الموت، وينشغلون بأموالهم وأولادهم، فكانوا من الخاسرين، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون. وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ. وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” (المنافقون: 9 – 11).
إن العمر يمضي – والوقت هو رأسُ مالِ المسلم – وهو يمضي بسرعة ولا يتوقف ولا يعود، فمَن ضيَّعه كان من الأشقياء المُفْلِسين الخاسرين، ومَن ملأه بالعمل الصالح كان من السعداء المُفْلِحين.
هذا، وإن بشائر الأمل لتتراءى أمام ناظريَّ بأن أحوال المسلمين ستكون -إن شاء الله- خيرًا مما هي عليه، إن رجوع السواد الأعظم من الناس إلى الإسلام لَيَمْلأُ صدري بالرجاء في أن يكون العام المُقبِل عامَ خيرٍ ونصر وصلاح، واستمساك بالحق، وعامَ عملٍ مخطط لا يتوقَّف.
_______________________________
المصدر: بتصرف يسير في المتن والعنوان عن شبكة الألوكة الثقافية
[opic_orginalurl]