موضع وقوف الإمام والمأموم في الصلاة
يصحُّ وقوفُ الإمامِ وسطَ المأمومينَ؛ لأنّ ابنَ مسعود رضي الله عنه صلّى بين علقمةَ والأسودِ، وقال: “هكذا رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فعل”. (رواه أبو داود)
والسُّنَّةُ وقوفُه متقدِّماً عليهم؛ لما ثبت أنّ جابراً وجبّاراً رضي الله عنهما وقفا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الصّلاة: أحدُهما عن يمينِه، والآخرُ عن يسارِه؛ فأخذ بأيديهما حتّى أقامَهُما خلفَهُ. (رواه مسلم)
ويَقِفُ الرّجلُ الواحدُ عن يمينِ الإمامِ محاذياً لهُ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما حين صلّى مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في بيته، وفيه: “فقمتُ عن يسارِه فأخذَ بيدِي فأدارَني عن يمينِه”. (متفق عليه، واللفظ لمسلم)
ولا تصحُّ صلاةُ المأمومِ وحدَهُ خلفَ الإمامِ، ولا عن يسارهِ مع خلو يمينِه؛ لحديثِ وابصةَ بنِ معبدٍ: “أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يُصلِّي خلفَ الصَّفِّ وحدَهُ فأمرهُ أن يعيدَ”. (رواه أبو داود والترمذيّ)
وتَقف المرأةُ خلفَ الإمام؛ لحديث أنس رضي الله عنه: أنَّ جَدَّتَه مليكةَ دعتْ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لهم: ” قوموا فلأصلّي لكم”، قال أنس: “وصففتُ أنا واليتيمُ وراءَهُ، والعجوزُ خلفَنا فصلّى بنا ركعتَيْنِ”. (متفق عليه)
وإنْ صلّى الرجلُ ركعةً خلفَ الصّفِّ منفرداً فصلاتُه باطلةٌ؛ لحديث وابصة السَّابق.
وإنْ أمكنَ المأمومَ الاقتداءُ بإمامِهِ ولو كان بينَهُما فوقَ ثلاثِ مائةِ ذراعٍ (140متراً تقريباً) صَحَّ الائتمامُ؛ بشرط أن يَرى الإمامَ أو يَرى من وراءَهُ، وإلا لم يصحّ؛ لأنّ عائشة رضي الله عنها قالت لنساءٍ كنّ يصلِينَ في حُجْرتِها: “لا تُصلِيَنَّ بصلاةِ الإمامِ فإنّكنّ دونَهُ في حجابٍ”. (رواه الشافعي بإسناد ضعيف)
وإنْ كان الإمامُ والمأمومُ في المسجدِ لم تُشترطِ الرُّؤيةُ، ويَكفي سماعُ التّكبيرِ؛ لأنّ المسجدَ كلَّه موضعٌ للجماعةِ.
وإن كان بينَ الإمامِ والمأمومِ فاصلٌ عريضٌ كطريقٍ لم يصحَّ الاقتداءُ؛ لما تقدّم عن عائشة رضي الله عنها؛ إلا لضرورةٍ ؛ كازدحام المسجد بالمصلين يوم الجمعة والعيد إذا اتّصلتِ الصفوفُ.
ويُكرهُ علوُّ الإمامِ عنِ المأمومِ ؛ لأنّ حذيفة رضي الله عنه أمّ الناس بالمدائن على دُكانٍ؛ فأخذ أبو مسعود رضي الله عنه بقميصِهِ فجَبَذَه؛ فلمّا فرغ من صلاتِه قال : “ألم تعلم أنّهم كانوا يُنْهونَ عن ذلك؟ قال : بلى! قد ذكرتُ حين مدَدتَّني”. (رواه أبو داود)
ولا يُكرهُ علوُّ المأمومِ على الإمامِ؛ لأنّ أبا هريرة رضي الله عنه صلّى على سطحِ المسجدِ بصلاةِ الإمامِ. (رواه الشافعي وغيره)
ويُكرهُ لمنْ أكلَ بصلاً أو فُجْلاً ونحوهَ حضورُ المسجدِ؛ لحديث جابر رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: “منْ أكلَ الثُّومَ والبصلَ والكُرّاثَ فلا يقربنَّ مسجدَنا؛ فإنّ الملائكةَ تتأذّى ممّا تتأذّى منه بنُو آدم”. (متفق عليه، واللفظ لمسلم)
________________________
المصدر: موقع دار الإفتاء بدولة الكويت.
[ica_orginalurl]