إعداد: فريق تحرير موقع "المهتدون الجدد"
الخطبة هي أولى الخطوات الإجرائية في عملية الزواج؛ إذ تأتي بعد أن يكون الشاب قد جمع المعلومات المبدئية التي تقنعه بالفتاة زوجة له. ومن ثم يبدأ –بعد الاستخارة- في إخبار أهل الفتاة بصورة رمسة برغبته في الزواج من ابنتهم.
لكن هذه المرحلة قد تحدث فيها بعض الأفعال التي لا تتوافق مع الشرع وروحه، سواء من ناحية الإفراط أو التفريط. ومن ثم كان لا بد من بعض الوقفات التي نوضح من خلالها الأحكام والآداب الشرعية للخطبة.
الحكمة من الخطبة
شرع الإسلام الخطبة لتكون معبرا إلى الزواج؛ بحيث يتم خلالها تعرف كل من الخاطبين على بعضهما بعضا –حسب الضوابط الشرعية- حتى لا يجتمعا تحت سقف بيت واحد فجأة ودون تعارف أو تفاهم بينهما؛ فيحدث النفور.
وربما يكتشف أحد الطرفين أثناء الخطبة بعض الصفات التي لم يكن يعرفها في الطرف الآخر؛ فتكون سببا في تغيير وجهة نظره في إتمام الزواج؛ فيتم ذلك دون ضرر كبير لأي منهما.
رؤية المخطوبة والنظر إليها
شرع الإسلام للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته، كما شرع للمخطوبة أن تنظر إلى خطيبها؛ ليكون كل منهما على بينة من الأمر في اختيار رفيق العمر، وشريك الحياة. ويدل على ذلك أن المغيرة بن شعبة خطب امرأة، فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم-: “انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما”؛ أي أن هذا النظر أدعى لدوام المحبة والألفة.
وكذلك وحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل”. قال: فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها.
والحكمة من ذلك: أن النظر أدعى لحظوتها في نفسه، ومن ثم أدعى للألفة والمحبة ودوام المودة بينهما، كما في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمغيرة وقد خطب امرأة: «انظر إليها فإنه أحرى أن يُؤْدَمَ بينكما». أي: تكون بينكما المحبة والاتفاق.
لكن هذا النظر له آداب يجب مراعاتها مثل:
- لا يجوز للخاطب أن ينظر إلا بعد أن يعزم عزما صادقا على الزواج؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة فلا بأس أن ينظر إليها”.
- لا يجوز للخاطب أن يرى من مخطوبته إلا وجهها وكفيها؛ لأن الأمر بالنظر ينصرف إلى الوجه لأنه مصباح البدن والكفين لكونهما ظاهرين عادة.
- ألا يقصد بالنظر التلذذ والشهوة.
- أن يغلب على ظنه إجابتها لنكاحها، أم إن غلب أنها لا تجيزه هي أو وليها لم يجز له النظر إليها.
- يجوز تكرار النظر إذا دعت حتى تنطبع الصورة الحسية في الذهن.
- يجوز أن تحدثه ويحدثها في جلسة الخطوبة والنظر.
أحكام عامة للخطبة
هناك بعض الأحكام العامة المتعلقة بالخطبة التي لا يسع الخاطب المسلم الجهل بها، ومنها:
أولا- يحرم خطبة المسلم على خطبة أخيه الذي أجيب لطلبه ولو تعريضاً، وعلم الثاني بإجابة الأول؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك”؛ وذلك لما في التقدم للخطبة من الإفساد على الأول، وإيقاع العداوة.
ثانيا- يحرم التصريح بخطبة المعتدة البائن؛ لقوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] فيجوز له التعريض، كأن يقول: وددت أن ييسر الله لي امرأة صالحة، أو: إني أريد الزواج، فنَفْي الحرج عن المعرِّض بالخطبة يدل على عدم جواز التصريح، فقد يحملها الحرص على الزواج على الإخبار بانقضاء عدتها قبل انقضائها. وأما المعتدة الرجعية، فيحرم حتى التعريض؛ لأنها في حكم الزوجات.
ثالثا- من استشير في خاطب أو مخطوبة وجب عليه أن يذكر ما فيهما من محاسن ومساوئ، ولا يكون ذلك من الغيبة، بل من النصيحة المرغب فيها شرعاً.
رابعا- من الأمور التي يجب أن يدركها الخاطب أن الخطبة هي مجرد وعد بالزواج، وأنه ما زال أجنبيا عن مخطوبته، وليست زواجاً، لذا يبقى كل من الخاطب والمخطوبة أجنبياً عن الآخر؛ فلا يجوز له مصافحتها أو النظر إلا لما يرغبه في الزواج منها، وكذلك لا يجوز له الخلوة بها أو الجلوس معها في وجود محرم.
خامسا- يجوز للخاطب أن يحدث مخطوبته في الهاتف أو أي من وسائل الاتصال الحديثة، لكن شرط الالتزام بالضوابط الشرعية؛ بحيث لا تخضع بالقول وهي تكلمه، وأن يكون الكلام بقدر الحاجة وفيما يباح لهما الحديث فيه بصورة عامة.
سادسا- على الخاطب أن يدرك أنه ليس له على مخطوبته أي سلطة، وأن طاعتها له لا تجب عليها إلا بعد العقد.
المراجع:
كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة.
آداب الخطبة والزفاف وحقوق الزوجين – عبد الله ناصح علوان.
[opic_orginalurl]