*يا أيها الأب الذي يمايز بين أبنائه، ولا يسوِّي بينهم في الحقوق، هلا سقيت قلبك بقليل من الرحمة …
(مقتطف من المقال)
أرياف التميمي
عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن لا يَرْحَمْ، لا يُرحَمْ)؛ متفق عليه.
حين نقرأ الحديث للمرة الأولى، قد نظن أن المعادلة هنا موزونة، وأن شقَّها الأيمن يطابق شقَّها الأيسر، وأن من لا يَرحم لا يُرحم بالقدر نفسه من اللا رحمة التي تعامَلَ بها، ولكن حين تأملتُ الحديث، وجدتُ المعادلة غير موزونة، وقدر اللا رحمة في الشق الأيسر تجاوَزَ قدر اللا رحمة في الشق الأيمن؛ فـ: “من لا يَرحم” المقصود أنه بشر، ولا يرحم بشرًا مثله أو حيوانًا، ومهما قوِيَ ذلك الإنسان، وملَكَ من سلطان على من لا يرحمهم، فحاجتُهم إليه وإلى رحمته تبقى محدودة، فهم وإن احتاجوا إليه، فحاجتُهم إليه جزئية؛ لأنه بشرٌ مثلهم، ولن يفيدهم إلا بالقليل مما سيَّره الله على يديه.
أما من “لا يُرحم” فهو بشر، ولا يُرحم من رب البشرية، الرحمن الرحيم، الذي وسِعتْ رحمتُه كلَّ شيء، فكيف لذلك الشخص أن يعيش دون رحمة الله؟ وماذا يملك الإنسان أغلى من رحمة الله؟! وبماذا تقدر قوة الإنسان وسلطته وجاهه وماله وأبناؤه إذا لم تشملها رحمة الله؟!
نحنُ حين لا نرحم غيرنا، لن نخسر نفس القدر الذي خسره من لم نرحمه، بل خسارتُنا مضاعَفةٌ، من نرى أنهم مستضعَفون وتحت سلطتِنا ولا قدرة لهم علينا، ولن يضرنا ظلمُهم أو التقصير في حقهم، لهم قدرةٌ على التأثير علينا، وسلب سعادتنا أكثرَ مما نتصوره؛ فدعوةٌ صادقة من مظلوم قد تُفقدنا سلطتَنا ومالَنا وأبناءنا، بينما نظن أن ذلك المظلوم لا يملك أية قوة، وليس بإمكانه إلحاقُ أي ضر بنا.
الرحمة مطلوبة في كل الصور
*فيا صاحب العمل الذي يستضعف عماله، ويكلفهم فوق طاقتهم، ويبخل عليهم، ويَبخسُهم حقوقهم، اتقِ الله فيهم وفي نفسك، التي لن تطيق العيش بلا رحمة الله.
*يا من يشكو من الهم والحزن وتعاسة الحظ، راجعْ علاقتك بمن حولك، هل تعطيهم حقوقهم؟! هل ترحمهم؟!
*يا ربة البيت التي ترفع صوتها على خادمتها، وتسيء معاملتها وتُهينها، احذري مما قد يحل بك بسبب دعوة دعتْها عليك فأُجيبت.
*يا أيها الأب الذي يمايز بين أبنائه، ولا يسوِّي بينهم في الحقوق، هلا سقيت قلبك بقليل من الرحمة!
*يا أيها الابن الذي لا يجيب نداء أمِّه، تفكَّرْ فيما أضعتَه من رحمة، هل هناك من يعوضك عنها؟!
*يا من تقضي عمرك في البحث عن المال أو الجاه، هلا حافظت على ذلك برحمةِ من حولك!
*يا أيها الزوج الذي تسلط على زوجته وأذاقها صنوف الهوان.. أنسيت أن خيركم خيركم لأهله.. وهي أولى برحمتك.. فكن رحيما بها حتى تنال الرحمة الإلهية.
أيها المحتاجون إلى رحمة الرحمن، (ارحموا من في الأرض، يرحمْكم من في السماء).
_______________________________
المصدر: بتصرف عن
http://www.alukah.net/social/0/51291/
[opic_orginalurl]