إعداد فريق التحرير
إن صلة الرحم مما أوصى الله تعالى به جميع الأمم. فالقرآن الكريم يخبرنا أن الله تعالى قد أوصى بني إسرائيل كما أوصى أمة الإسلام بصلة الرحم. يقول الله تعالى:
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (البقرة 83:2)
ولقد حض الإسلام على صلة الرحم. يقول الله تعالى:
وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ (الأحزاب 6:33)
وذوو القربى مقدمون على غيرهم في جميع أوجه الإحسان والبر. فيجب على المسلم القادر معونة قريبه الفقير فذلك حق عليه وليس تفضلا منه. ولذلك يقول الله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (النحل 90:16)
ويقول تعالى:
وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ (الإسراء 26:17)
ولقد أوصى الإسلام بالتصدق على ذوي القربى الفقراء من تركات أموات المسلمين. يقول الله تعالى:
وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (النساء 8:4)
ولقد عد الإسلام الإنفاق على ذوي القربى من صنوف البر واعتبر من اتصف بذلك من المتقين. يقول الله تعالى:
لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى…أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (البقرة 177:2)
وإن حق القريب الفقير على قريبه المقتدر في الإحسان إليه لا يسقط بأي حال من الأحوال حتى وإن أساء إلى قريبه المحسن إليه. فعلى هذا القريب المحسن أن يعفوا وأن يصفح عن قريبه المسئ إليه رجاء غفران الله تعالى ورحمته. يقول الله تعالى:
وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (النور 22:24)
ويثني الإسلام على واصلي الرحم ويبشرهم بحسن العاقبة. يقول الله تعالى:
وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ. وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (الرعد 13 :21-22)
ولقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم صلة الرحم من علامات الإيمان الحقيقي بالله تعالى وباليوم الآخر. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت”. (رواه البخاري)
ولصلة الرحم فضل عظيم في الإسلام. فصلة الرحم تبسط الرزق وتطيل العمر. فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه” (رواه البخاري)
وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه”. (رواه البزار والحاكم)
ولقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن صلة الرحم من أسباب دخول الجنة. فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “يأيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام” (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه)
ولا يجوز قطع الرحم حتى ولو سبقها الأقارب بالقطع. فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها” (رواه البخاري)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ فقال صلى الله عليه وسلم: “إن كنت كما قلت فكأنما تُسِفهّم المَلّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك”. (رواه مسلم)
ولقد ذم الإسلام قطيعة الرحم ونهى عنها وحذر منها. يقول الله تعالى:
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (محمد 22:47)
وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله”. (رواه مسلم).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة: قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى قال: فذلك لك”. (رواه البخاري)
ولقد توعد الله تعالى قاطعي الرحم باللعنة وسوء المنقلب. يقول الله تعالى:
وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (الرعد 25:13)
كما توعدهم الله تعالى أيضا بالخسران فقال:
الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (البقرة 27:2)
وعلى قاطع الرحم أن يعي أن قطيعة الرحم من الذنوب التي يعجل الله تعالى بالعقوبة عليها في الدنيا قبل الآخرة. فعن أبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم”. (رواه ابو داود والترمذي وابن ماجه)
_________
المراجع:
1- القرآن الكريم
2- صحيح البخاري
3- صحيح مسلم
4- سنن الترمذي
5- سنن ابن ماجة
[opic_orginalurl]