كلنا نصوم في شهر رمضان، ونمتنع عن الأكل والشراب طوال هذا الشهر الكريم ولكننا لسنا جميعاً في مرتبة واحدة من الصوم؛ لأن درجات الصيام تختلف وكذا أنواع الصائمين، وقد بينها الإمام الغزالي عندما اعتبر أن الناس في صوم رمضان على ثلاث درجات: صوم العامة، وصوم الخاصة، وصوم خاصة الخاصة.
منازل و درجات الصيام
أولا: صوم العامة.. فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة فحسب، وليس وراء ذلك شيء. وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن هذا الصنف من الناس بقوله: (رُبَّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش) رواه الإمام أحمد و ابن ماجه وحسنه الألباني .
ثانيا: صوم الخاصة.. وهو كف الجوارح عن الآثام، كغض البصر عما حرم الله، وحفظ اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة، وكف السمع عن الإصغاء إلى الحرام، وكف باقي الجوارح عن ارتكاب المعاصي، وهذا الصنف ينطبق عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفُث ولا يَصْخَب، فإن سابَّه أحد أو قاتله أحد فَلْيَقُلْ إني صائم) متفق عليه.
إن من صفات هذا الصنف أنك تجد قلبه معلقاً بين الخوف والرجاء، مستحضراً قوله تعالى: “وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ” (المؤمنون:60)، إذ ليس يدري أيُقبل صومه، فيكون من أصحاب اليمين المقربين، أم يرد فيكون من أصحاب الشمال المبعدين المحرومين.
ثالثا: صوم خاصة الخاصة.. وهو صوم القلب عن الأفعال الدنيئة، والأفكار الدنيوية، وكفه عما سوى الله سبحانه بالكلية، وقد وصف الغزالي صاحب هذه الرتبة بأنه مقبل بكامل الهمة على الله، منصرف عما سواه، متمثلاً – في كل ذلك – قوله تعالى: “…قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ“(الأنعام:91) وهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين من عباده المخلَصين.
هذه هي درجات الصيام ومنازله الثلاثة كما بينها الإمام الغزالي؛ فلنقبل على الله بقلوبنا ولتصم جوارحنا قبل أن تصوم بطوننا ولنتسابق إلى الله لنفوز بثواب رمضان والعتق من النيران.
________________________________
المصدر: مجلة جمالك http://bit.ly/2pm0lhj
[opic_orginalurl]