هل كل هؤلاء العلماء ألحدوا عن تأمل عميق وبحث علمي دقيق أم أن إلحادهم موروث من مجتمع علماني بلا أي اهتمام بالأديان عامة فهو يعيش الإلحاد عمليا في مناشط الحياة.. وفي المقابل ماذا عن المؤمنين من علماء الطبيعيات ممن حاز جائزة نوبل في العلوم؟!

(مقتطف من المقال)

إعداد/ فريق التحرير

علماء الطبيعيات

ألا يكفي لإسكات المشككين أن مؤسسي الفيزياء الستة الكبار ومنهم من حازوا جائزة نوبل مؤمنين بالإله.. وعلى رأسهم أينشتين و ماكس وبلانك.

من أشهر شبهات الملاحدة وخاصة من يحاولون إثبات أن العلم والدين لطالما كانا متعارضين.. من أشهر شبهاتهم: كيف تستدلون على وجود الله بعظمة الخلق وبديع صنع الكون.. وأكثر علماء الطبيعيات ملاحدة، كيف تزعمون أن العلم يدعوا إلى الإيمان إذا؟!!!

علماء الطبيعيات وجائزة نوبل

ولتفنيد هذه الشبهة كانت الحاجة ماسة إلى الرجوع إلى بعض التقارير العلمية التي لا تدعو مجالا للشك.. والتي تقدم أدلة ثابتة تكذب ادعاء أن معظم علماء الطبيعيات من الملاحدة غير المؤمنين بإله.. ومن هذه التقارير ذلك التقرير الذي قدم إحصاءً بأن 65 % من الحائزين على جوائز نوبل هم من أهل الأديان والإيمان ونسبة الملحدين هي 11 % فقط كما هو موضح في كتاب 100 سنة من جوائز نوبل[1].

نفس الأمر أكده الباحث في مجال الإلحاد د/ هيثم طلعت والذي يرى أن ادعاء أن (معظم علماء الطبيعيات هم في الأصل ملاحدة) ضرب من ضروب الخرافة التي لم تنبني على أي أسس منطقية.. وأشار إلى التقرير السابق موضحا أنه حتى نسبة ال 11% لا تمثل الملحدين فقط ولكنها تحوي بداخلها اللاأدريين وغير المؤمنين وأصحاب الفكر الحر.. وهؤلاء الثلاثة يمثلون ما نسبته 8% بمعنى أن العلماء الملاحدة لا يتجاوز عددهم ال 3% فقط من الحائزين على جوائز نوبل في مائة عام كاملة!

يمكن متابعة مقطع الفيديو كاملا فيما يلي:

وفي معرض الإجابة عن تلك الشبهة كان للدكتور محمد العوضي رأيا مميزا[2] اقتطفنا منه بعض الجزئيات الهامة.. يقول العوضي: الهدف من نقض هذه الحجة تفهيم المستدل بها بأهمية منهجية البحث والذي سيكون من خلال تحليل السؤال ذاته وتفكيكه بهذه التساؤلات:

*ماذا لو رجحت كفة أعداد العلماء المؤمنين من خلال الاستقراء الدقيق أو مستقبلا!.. فهل ستغير قناعاتك؟

ماذا لو تساوت النسبة (50 مقابل 50) لكلا الفريقين من العلماء المؤمنين والملحدين؟

هل ستكون متوقفا حتى ترجح كفة أحد الفريقين وتظل في دائرة الشك؟

ألا يدل هذا الاستدلال على أنك جعلت قناعاتك مرتهنة لنسبة العدد لا لأدلة وبراهين المعدود؟!

فأنت مقلد بامتياز.

*سؤال: بأي دين وأي رب ألحد هؤلاء العلماء؟

والقصد من البحث عن أثر العقيدة التي نشأوا عليها وحرمانهم من التصور الصحيح للرب والتجربة الدينية التي مروا بها في إلحادهم ضرورة أن تكون صورة الاعتقاد صحيحة حتى يتم مناقشة أصحابها بشكل عاقل، وإلا فمن يعتقد أن للرب أبناء ووكلاء يحملون عن أتباعهم أوزارهم ومفهوم الموت والخلود وبعض التصورات المغلوطة المحشوة في كتب بعض أتباع تلك الديانات باعثة على الإلحاد.

ثم هل كل هؤلاء العلماء ألحدوا عن تأمل عميق وبحث علمي دقيق أم أن إلحادهم موروث من مجتمع علماني بلا أي اهتمام بالأديان عامة فهو يعيش الإلحاد عمليا في مناشط الحياة.

وفي المقابل ماذا عن المؤمنين من علماء الطبيعيات ممن حاز جائزة نوبل في العلوم؟!

ألا يكفي أن مؤسسي الفيزياء الستة الكبار ومنهم من حازوا جائزة نوبل مؤمنين بالإله.. وعلى رأسهم أينشتين و ماكس وبلانك.

وكذا الأربعة الكبار الحائزين على نوبل من مؤسسي علوم المخ والأعصاب من المؤمنين!!

هل نركز على الكم أم النوع؟!

*ثم هل موضوع الإلحاد يصنف ضمن حقل العلوم الطبيعية أم أنه يندرج في موضوعات الفلسفة ونظرية المعرفة؟ ألم نقرأ بل ألم نستمع ونشاهد في المناظرات بين المؤمنين والملحدين المتوافرة على اليوتيوب آراءً فلسفية وتخريجات منطقية مضحكة وهزيلة تصدر من علماء الطبيعيات الملاحدة!

ولا أدل على أن الإلحاد من موضوعات العلوم العقلية والفلسفية أن كل تخصص في العلوم الطبيعية سواء الفيزياء أو البيولوجيا أو الأعصاب أو الفلك أو الكيمياء أو الجيولوجيا نجد فيه المؤمن والملحد والشكاك واللاأدري وغير المبالي، بل نجد من ينتقل من الإلحاد إلى الإيمان والعكس.

وأما قول القائل بأن علماء الطبيعيات هم صفوة العقل البشري، فهذا تعميم لا يوافق عليه علم الذكاء الذي صنف الذكاء إلى أنواع فقد يكون الإنسان ذكيا جدا في مجال علم طبيعي كالبيولوجيا مثلا ولكنه متواضع التفكير في مجال علم المنطق والعلوم العقلية.

وفي استعراض بسيط لكتاب جوردن ليدنر «الإيمان بالخالق والعلم» نجد اقتباسات موثقة لمشاهير العلماء في العصر الحديث تثبت إيمان الغالبية بوجود إله خالق ومدبر للكون وقد ترجم مركز دلائل هذا الكتاب.

وبهذا يتضح جليا أن على الباحث الجاد عن المعرفة والمتفحص للحقائق ألا يقع ضحية الدعاية والتهويل التي هي من شأن تسويق المنتجات التجارية والتي تتخذ من كلمة (الأكثر مبيعا) و(والأوسع انتشارا) معيارا لمحاكمة النظريات العلمية لأن من يقع في هذا الفخ إنما كان صيدا سهلا ورخيصا لسياسة تسويق الوهم التي تصطاد البسطاء وإن تلحفوا برداء العلم ظاهراً.

انتهت آراء بعض المتخصصين في هذا الملف.. لكن هل ستنتهي شبهات من لا يبحثون عن الحقيقة قدر بحثهم عن الثغرات التي يحاولون التسلل من خلالها لعقول لا تحمل قدرا كافيا من العلم أو الوعي لصد تلك الهجمات العابثة؟!


الهوامش:

[1] – كتاب 100 سنة من جوائز نوبل

[2] – نشرت آراء د/ محمد العوضي في صورة مقال نشرته جريدة الراي الكويتية بعنوان: علماء الطبيعيات.. هل أكثرهم ملاحدة؟!، بتاريخ: 13/9/2017.

[ica_orginalurl]

Similar Posts