حاوره عبدالرشيد راشد (1- 2)
شخصية من العيار الثقيل في محراب الدعوة وميدان الدعاة، استطاع بتوفيق الله ثم بإخلاصه اختراق الحواجز التي منعت وصول الإسلام إلى كثير من خلق الله، فحمل حقيبته
متنقلا من بلدة لأخرى، أملا في تصحيح صورة الإسلام التي رأى فيها مبتغاه، فهجر الديار والأوطان ليحلق في سماء الشرق والغرب، ويؤسس الكثير من بيوت الدعوة والدعاة، وليصبح واحدا من مشاهير العالم في تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، طمعا في ثواب الله ورضاه.
دائم السفر والترحال من أجل رسالته التي سخر لها حياته، تقتسم معه أسرته ذلك العناء الذي يصاحب تنقلاته وجولاته، ولأنه أدرك أهمية ما يقوم به فقد هانت عليه الدنيا، ولم تغره أو تؤثر يوما على خطواته، وفرحت أسرته بمشاركته الأجر، فكانت خير عون له على تأدية واجبه، ودفعه لتحقيق طموحاته..
التقيناه في زيارة عاجلة لإدارة الإعلام الديني بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت، فحلقنا معه في قضايا كثيرة تصب جميعها في نهر الدعوة وجهوده المشهودة في الشرق والغرب، فلمسنا في حديثه تواضع العالم، وفطنة المؤمن، وهمة صاحب الرسالة، وفرحته، وهو يخبرنا بنطق بعض الإسرائيليين الشهادة على يديه، وعن إنجازاته التي كانت بصمة وعلامة شهد بها القاصي والداني، لتكون في ميزان حسناته يوم القيامة شاهدة له لا عليه، وقضايا أخرى كثيرة.. فماذا قال فيها، هذا ما ستجيب عنه السطور التالية فإلى نص الحوار:
** م.فاضل سليمان، باعتبارك ترأس مؤسسة جسور للتعريف بالإسلام، هل لك أن تكلمنا عن بعض نشاطها الدعوي؟
أنتجت مؤسسة جسور للتعريف بالإسلام سلسلة من الأفلام الوثائقية بعنوان “الضباب ينقشع”، الجزء الأول منها فيلم “الإسلام باختصار”، وهنا لا بد من التوجه بالشكر الجزيل لأستاذ إدارة الإعلام الديني الإعلامي المتميز صلاح أبا الخيل على جهوده الملموسة في تسويق فيلم “الإسلام باختصار”، ودوره البارز في دعم كل أنشطة مؤسسة جسور بشكل عام.
ويستطرد: وفي الحقيقة هو من الشخصيات التي تدرك تماما أهمية الرسالة الإعلامية ودورها المؤثر في تصحيح صورة الإسلام، وبرامجه خير شاهد على ذلك، حيث تتميز بالتطور ومواكبة العصر والدراسة الجيدة للواقع الدعوي والإعلامي، وبالتالي إنتاج وتشجيع وتسويق كل ما من شأنه إثراء الساحة الإعلامية والدعوية، بشكل يلقى قبولا وصدى في كافة أرجاء المعمورة، ثم ينتقل الداعية سليمان لتكملة الحديث عن الجزء الأول من سلسلة “الضباب ينقشع” وهو فيلم “الإسلام باختصار”، فيؤكد على أنه قد تم ترجمته إلى 31 لغة حتى الآن، منها اللغة العبرية، لافتا إلى أنه شخصيا قد قام بتلقين الشهادة لبعض الإسرائيليين.
ويضيف سليمان: تتناول السلسلة الأقسام الإيمانية التالية “إثبات وجود الله للملحدين -معنى كلمة إسلام- الجهاد ضد الإرهاب”، وذلك لدحض شبهة أن الإسلام دين الإرهاب، لمن يروجون بأنه دين العنف، وقد تم تصويره في 7 دول مع 10 مسلمين، منهم 2 يهود، وأحد الفائزين بجائزة نوبل للسلام.
ولقد أنتجت مؤسسة جسور أخيرا فيلم “المرأة في الإسلام”، وذلك لدحض شبهة أن الإسلام دين يظلم المرأة ويضطهدها، ويفرق بينها وبين الرجل بطريقة سلبية، وقد تم تصويره في 11 مدينة في 9 دول، وعقدة الفيلم التي يحاول حلها أنه وبالرغم من أن الإسلام يشتهر عنه –كذبا- أنه دين يظلم المرأة ويضهدها فإن معظم من يدخل الإسلام هن من النساء، فقد أوضحت جامعة كمبردج الشهيرة أن نسبة النساء من معتنقي الإسلام تمثل 75% في إنجلترا والسويد، وفي هونج كونج تصل لــ 90 %، وكل المؤسسات أجمعت على أن معتنقي الإسلام من النساء ضعف الرجال، وكان ينبغي أن يكون العكس لو كانت اتهاماتهم صحيحة، حيث إن انجذاب النساء للإسلام أكثر من الرجال.
وقام الفيلم –أيضا- بمقابلات مع عدة نساء في “بلجيكا – اليونان – سيرلانكا – هونج كونج – هولاندا – بريطانيا – أميركا”، ليستكشف الفيلم من تجارب هؤلاء النساء سر انجذابهن للإسلام، وإذا بالمفاجأة تحدث بالفيلم، وهو أن معظم النساء جذبهن مفهوم الحرية في الإسلام، على عكس ما توقع الكثير من الناس، حيث قالت مجموعة من النساء الصينيات والأوروبيات، إن الإسلام به حرية لم تتوفر في غيره، حيث يتيح للمرأة عملا مناسبا لو أرادت العمل أو الإنفاق عليها لو أرادت البقاء بالمنزل..
وذلك على عكس ما تفرضه الحياة في الثقافات الأخرى، كما قالت الصينية “زنج وانج اتشنج” في هونكونج، حيث أكدت على أن كل امرأة ينبغي عليها أن تعمل لتدفع إيجار البيت، أو تساهم بنصف متطلبات البيت، بينما الإسلام حين أباح للمرأة العمل جعل لها ذمة مالية.
ويكمل الداعية العالمي: يتناول الفيلم اضطهاد النساء في الدول غير المسلمة، حيث يتم التضييق عليهن في لبس الحجاب، وعلى الفتيات في مدارس أوروبا والمنتقبات على وجه الخصوص، حيث يعالج الفيلم هذا الأمر بصورة واضحة، ويلتقي مع شخصيات عالمية، منهم د.رشا الدسوقي من جامعة الأزهر، وهي ناشطة أميركية وعالمة من الأزهر، وليلى أحمد، أستاذة في جامعة هارفارد الأميركية الشهيرة، من كلية الإلهيات، والتي كتبت كتابا عن الحجاب أسمته “الثورة الصامتة”، تكشف فيه أسرار ازدياد معدلات الحجاب في أميركا، وكلنا يعلم أن هناك ضغوطا تفوق الدول العربية في هذا الأمر، فهناك قد يعتدى عليها – تفقد عملها، إلى آخر مثل هذه المضايقات، كذلك يتناول الفيلم “دعاة حرية المرأة”، والمأمول أن تكمل الأوقاف الكويتية خطة توزيع هذا الفيلم على الأساتذة في الجامعات والمدارس الأوروبية في الداخل والخارج، لتغيير الصورة النمطية عن الإسلام.
** م.فاضل .. هل يقتصر نشاط مؤسسة جسور على دول الغرب فقط، أم يمتد لدول إفريقية؟ وما هي أساليبكم في الدعوة؟ وكم عدد المتدربين؟
في الحقيقة مؤسسة جسور للتعريف بالإسلام في تطور مستمر ونشاط دائم، وقد قامت بافتتاح مكتبها في بريطانيا وبيروت أخيرا، كما أن لها فروعا في جنوب إفريقيا وأوغندا، ونشاطنا محصور على 4 اتجاهات: (مع المسلمين – مع غير المسلمين – مع المرتدين – مع المسلمين المتشددين أو المتطرفين)، فمع غير المسلمين: نقدم لهم الإسلام من خلال محاضرات في الكنائس والجامعات، وعبر المقابلات التلفزيونية والمناظرات مع أصحاب الديانات الأخرى، والأفلام الوثائقية التي أنتجتها مؤسسة جسور، وهي 3 أفلام، وقامت الأوقاف الكويتية بتوزيعها على أعداد كبيرة من المؤسسات غير الإسلامية، وقد وصل عدد المتدربين لدينا حتى الآن إلى 18 ألف متدرب في 23 دولة، منها إنجلترا، والتركيز في إنجلترا من خلال دورات الدعوة، وهي تتضمن كيفية تقديم الإسلام لغير المسلمين، وكيف نرد الشبهات عن الإسلام، وتدريب خاص لكل فرد على حدة، لإتقان فنون الخطابة الرائعة.
وهناك نشاط دائم مع المرتدين عن الإسلام، ودورات نصح وإرشاد لهم من خلال برنامج “خدعة التبشير”، وبرنامج “الخطيئة الأصلية”، ونتيجة لهذين البرنامجين فقد تم نجاح خطة دعوة المرتدين بنسبة 97% من الحالات المرتدة إلى الإلحاد، أما جلسات النصح والإرشاد فقد بلغت نسبة النجاح 50–60% مع المتطرفين والمتشددين، دون إهمال لجلسات النصح والإرشاد مع الجماهير.
ويضيف سليمان: وهناك مستوى رابع، وهو النزول في الموقع مع الإخوة المتدربين في دورات المسلمين مثل “دورة التربية الإيمانية”، التي تستغرق عدة أسابيع، وقد بدأناها بأكبر مساجد أوروبا، وهو “مسجد شرق لندن”، حيث يتم ربط القلب بالقرآن، ليصبح غير قادر على ترك القرآن أكثر من 24 ساعة، وكذلك دورة التربية الروحية وتربية الأخلاق والتواضع غير المصطنع.
** كلمة لمن يروجون بأن الإسلام يبيح قتل الأبرياء، وماذا تقول للأوقاف الكويتية؟
أنصح كل من يروجون بأن الإسلام دين يبيح قتل الأبرياء وغيرها من الافتراءات بمشاهدة عدة مقاطع فيديو لمؤسسة جسور فقط، وهي كافية لدحض جميع شبهاتهم ليعلموا الحقيقة، لو كانوا غافلين.
وأقول لوزارة الأوقاف الكويتية: نأمل استمرار دعمكم المشهود لمؤسسة جسور، وبخاصة نشاطها في إنجلترا.
يتبع الجزء الثاني..
——
المصدر: مجلة البشرى (بتصرف يسير).
[ica_orginalurl]