تتعارف الغربان بإصدار أصوات عالية بترددات مختلفة وهذه الترددات تعتبر لغة التعارف فيما بينها. فلكل نوع من الغربان صوتاً بتردد معين وهذه الترددات بمثابة شفرات متعارف عليها للمجموعة الواحدة…
(مقتطف من المقال)
إعداد/ فريق التحرير
لما قتل ابن آدم أخاه لم يدر ماذا يصنع به، لأنه أول ميت مات من بني آدم، فأرسل الله تعالى غراباً يثير الأرض (أي يحفرها) ليدفن فيها غراباً آخر ميتاً؛ فما الحكمة من تحديد الغراب ليقوم بتلك المهمة التعليمية الأولى لبني البشر؟
بداية يعد الغراب من أذكى الطيور؛ كما يمتاز بسواد لونه وقوة منقاره ومخالبه. اختلف الناس حوله فمنهم من أعجب من ذكائه وتعاون أفراده وجماعته مع بعضهم البعض ومنهم من اتهمه بأنه طائر شؤم وخراب ومنهم من ينزعج من نعيقه المزعج المستمر.
تتعارف الغربان بإصدار أصوات عالية بترددات مختلفة وهذه الترددات تعتبر لغة التعارف فيما بينها. فلكل نوع من الغربان صوتاً بتردد معين وهذه الترددات بمثابة شفرات متعارف عليها للمجموعة الواحدة، فعند سماع أحد الغربان لصوت غراب آخر غريب عن نوعه أو عن قبيلته نجده يصدر صوتاً مستمراً عن طريقه تتجمع جميع غربان قبيلته وتحشد جموعها وتتصدى لهذا الغراب الغريب عنها وتبدأ في قتاله. فالغربان تؤمن بان الكثرة تغلب الشجاعة.
الجريمة الأولى في دنيا البشر ومجتمع الغربان!
قال الله تعالى في سورة المائدة: “وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لا قتلنك قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوء بإثمي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ. فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِن الْخَاسِرِينَ. فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ” (المائدة:27-31).
تثبت هذه الآيات الكريمة الآتـي:
1-أن أول جريمة قتل نفس بشرية كانت بين ابني آدم (الأخوين قابيل وهابيل) حينما قتل قابيل أخاه هابيل والسبب هو إبليس وحسده وحقده وكرهه لآدم وذريته.
2- أن الإنسان مهما أوتى من العقل والعلم والمال والقوة والحكمة فإنه لا يتعدى كونه مخلوقًا من مخلوقات الله التي تعيش في ملكوته سبحانه.
3-أن طائر الغراب هذا المخلوق الضعيف بأمر الله علم الإنسان رغم قوة الإنسان وجبروته دروساً وعبرًا.
4-أن الله عز وجل بعث غراباً ليعلم ابني آدم دفن موتاهم ولم يبعث طائرًا آخرًا.
والذين ينكرون هذه الآيات ويقولون هل معقول أن هذا الطائر الضعيف يعلم الإنسان دفن الموتى؟. نريد إثباتات علمية تثبت صحة كلامكم وتؤكد ذكاء هذا الطائر، نقول لهم تعالوا نخبركم بالإثباتات العلمية والتي ثبت من خلالها ذكاء هذا الطائر والتي أخبرنا بها الله عز وجل قبل 1400سنة وإلى ما هو أكثر من دفن الموتى؟؟؟.
-أن الغــراب هو أذكى الطيور وأمكرها على الإطلاق ويعلل ذلك بأن الغراب يملك أكبر حجم لنصفي دماغ بالنسبة إلى حجم الجسم في كل الطيور المعروفة.
-تقول دراسة حديثة إن الغراب يعتبر أذكى أنواع الطيور. فهو يعالج الأمور بشكل يشبه البشر، يتوقع الأحداث ولديه خيال واسع. ولاحظت الدراسة أن الغراب لديه دماغ كبير وهو كائن اجتماعي.. وفي دراسة أخرى تبين أن الغراب يتذكر وجه من يؤذيه لسنوات طويلة، ويحمل في داخله الحقد لهذا الشخص.
– دراسة في جامعة أكسفورد أثبتت أن الغراب يحتال للحصول على الطعام. فقد تم وضع طعام داخل إناء فاضطر الغراب لاقتطاع غصن (عود طويل) وأمسكه بمنقاره واستعمله لإمساك قطعة اللحم من الإناء.
-قام فريق بريطاني بأخذ إحدى إناث الغربان إلى أحد المختبرات البريطانية ووضعوا لحمًا مهروسًا داخل أنبوبة اختبار وبالقرب منها قطعة من السلك المعدني الطويل وتركوا الغراب مع هذه الأدوات داخل المختبر وقاموا بتصوير ما يحدث. فوجدوا بعد أقل من 10 دقائق أن أنثى الغراب قامت بثني نهاية السلك المعدني ليصبح مثل الخطاف وأدخلته برجلها إلى داخل أنبوبة الاختبار ثم قامت بسحب اللحم المهروس من داخلها ثم التهمته. فاعتقد العلماء أنها فعلت ذلك صدفة فكرروا التجربة 10 مرات ونجحت أنثى الغراب في العشر مرات في إخراج اللحم والتهامه.
-كما قام أحد العلماء من المهتمين بدراسة سلوك الطيور بتتبع أحد الغربان التي تسمى wild hooded crow والمنتشرة في أرض فلسطين الحبيبة، وفجأة وجد أحد الغربان تقوم بتجميع فتات الخبز وتشبكها بمساعدة أصابع أرجلها فى فرع من فروع الأشجار ثم تسقطها في البحيرة وعندما يتجمع السمك على فتات الخبز تحت سطح الماء تنقض عليها وتمسك بها بمنقارها ثم تطير بالسمك إلى عشها. لقد تعجب هذا العالم من هذا المشهد وكاد يجن ويقول من وضع هذا الذكاء وهذه الحكمة في عقل هذا الغراب؟؟؟
ومن بين المعلومات التي أثبتتها دراسات سلوك عالم الحيوان محاكم الغربان وفيها تحاكم الجماعة أي فرد يخرج على نظامها حسب قوانين العدالة الفطرية التي وضعها الله سبحانه وتعالى لها، ولكل جريمة عند جماعة الغربان عقوبتها الخاصة بها.
جريمة اغتصاب طعام الأفراخ الصغار: العقوبة تقضي بأن تقوم جماعة من الغربان بنتف ريش الغراب المعتدي حتى يصبح عاجز عن الطيران كالأفراخ الصغيرة قبل اكتمال نموها.
وجريمة اغتصاب العش أو هدمه: تكتفي محكمة الغربان بإلزام المعتدي ببناء عش جديد لصاحب العش المعتدى عليه.
أما جريمة الاعتداء على أنثى غراب آخر: فهنا تقضي جماعة الغربان بقتل المعتدي ضربا بمناقيرها حتى الموت.
وتنعقد المحكمة عادة في حقل من الحقول الزراعية أو في أرض واسعة، تتجمع فيه هيئة المحكمة في الوقت المحدد، ويجلب الغراب المتهم تحت حراسة مشددة، وتبدأ محاكمته فينكس رأسه، ويخفض جناحيه، ويمسك عن النعيق اعترافا بذنبه.
فإذا صدر الحكم بالإعدام، قفزت جماعة من الغربان على المذنب توسعه تمزيقا بمناقيرها الحادة حتى يموت، وحينئذ يحمله أحد الغربان بمنقاره ليحفر له قبرا يتواءم مع حجم جسده، يضع فيه جسد الغراب القتيل ثم يهيل عليه التراب احتراما لحرمة الموت، فقد أثبت العلماء المختصون بدراسة علم سلوك الحيوانات والطيور في أبحاثهم أن الغراب هو الوحيد من بين سائر الحيوانات والطيور الذي يقوم بدفن موتاه.
وهكذا تقيم الغربان العدل الإلهي في الأرض أفضل مما يقيمه كثير من بني آدم!
والسؤال الآن: كيف أشار القرآن إلى الغراب؟
لو كان القرآن من تأليف بشر لتحدث عن الغراب باعتباره مخلوقاً لا يملك أي قدر من الذكاء، وهذه هي الفكرة السائدة عن الطيور والحيوانات وقتها على أنها لا تعقل ولا تملك أساليب تعلم. ولكن القرآن تحدث عن القرآن بشكل علمي يتفق مع الأبحاث العلمية الحديثة عن الغراب.
فقد تحدث عن الغراب على أنه معلم للإنسان، يفكر ويدرك ويتعامل مع الواقع بحكمة.. وكلنا يتذكر قصة قابيل وهابيل عندما قتل قابيل أخاه واحتار ماذا يصنع به فحمله على كتفيه وأصبح من النادمين، فبعث الله غرابين يقتتلان حتى قتل أحدهما الآخر، وعلى الفور حفر حفرة ودفن الغراب أخاه وبذلك علّم قابيل ماذا يفعل بأخيه وكيف يدفنه!!
فسبحان من خلق وكرم جميع المخلوقات وجعل لها قدراً وقيمة وذكاء ولغة.. وجعل هذه المخلوقات من دواب وطيور أمماً أمثالنا فقال: “وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ” (الأنعام: 38). وهذا يدل على أن القرآن كلام الله تعالى الخالد المعجز.
المصادر:
*موقع عبد الدائم الكحيل للإعجاز العلمي
*موقع إعجاز
*موقع صيد الفوائد
*الموقع الإلكتروني لجريدة الأهرام المصرية
*موقع قطائف المعرفة
[ica_orginalurl]