ندرك جميعا الفارق بين الحُرِّ والمملوك.. لكن بلاغة القرآن الكريم كانت لها صورة مختلفة…
أ.د. عمرو شريف
قال تعالى: “ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ” (الزمر:29).
هي مقابلة يواجه بها القرآن الكريم المشركين الذين يُرجعون خلق الوجود وتدبيره لآلهة عدّة، وينطلق في هذه المواجهة من منطق الفطرة البشرية؛ فيستعير مثالاً من عالم الشهادة يظهر حمق القول بتعدد الآلهة:
أرجل عبد لشركاء متعددين يستوي مع رجل عبد لمالك واحد؟
أي الموقفين أكثر قبولاً لدى العقل السوي؟
أعبْدٌ لله الواحد الأحد، أم عبد لآلهة متعددة؟
ما أسوأ الذين أشركوا بالله آلهة أخرى.
ولم يقف الشرك عند ذلك الحد، فنحن نرى في تاريخنا وحياتنا المعاصرة من يشركون مع الله بعضاً من خلقه.
“مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” (العنكبوت:41)
تتناول الآية الكريمة من يشركون بالله بعض أوليائه، يلجؤون إليهم لقضاء الحاجات، فتشبههم بالعناكب التي تبني بيوتاً واهية تلجأ إليها. إن كلاًّ من الأولياء وبيوت العنكبوت لا تغني عن اللاجئين إليها شيئاً.
إنها صورة تنقلنا من عالم الشهادة الذي نلمسه جميعاً إلى عالم المعاني (الشرك) ثم إلى عالم الغيب الذي لا ندرك أسراره.
____________________________________
المصدر: د. عمرو شريف، الوجود رسالة توحيد، القاهرة، نيوبوك للنشر والتوزيع، ط1، 2015
[ica_orginalurl]