لأن اللغة العربية واسعة فإنّه يراد بكلمة الأيام أحياناُ الليالي والعكس صحيح، وهذا الرأي مبني على أهمية العشر الأولى من شهر ذي الحجة وفضلها…
(مقتطف من المقال)
إسماعيل رفعت
تبقى العشر الأوائل من ذي الحجة أيام فاضلة ذات فضل وقيمة وثواب مضاعف إلى يوم يرث الله الأرض ومن عليها، ومن أفضل الأعمال فيها هي الصوم كونه عبادة مخصوصة لله، في هذه الأيام المباركة.
فضل صوم العشر الأوائل من ذي الحجة
يستحب صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة ليس لأن صومها سنة، ولكن لاستحباب العمل الصالح بصفة عامة في هذه الأيام، والصوم من الأعمال الصالحة، وإن كان لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صوم هذه الأيام بخصوصها، ولا الحث على الصيام بخصوصه في هذه الأيام، وإنما هو من جملة العمل الصالح الذى حث النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فعله في هذه الأيام كما مر في حديث ابن عباس.
وصوم يوم عرفة سنة فعلية فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقولية حث عليها في كلامه الصحيح المرفوع، فقد روى أبو قتادة رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)، فيسن صوم يوم عرفة لغير الحاج، وهو: اليوم التاسع من ذي الحجة، وصومه يكفر سنتين: سنة ماضية، وسنة مستقبلة كما ورد بالحديث.
لماذا أقسم الله بالعشر الأوائل من ذي الحجة؟
الله تبارك وتعالى هو خالق كل شيء، وهو أكبر من كل شيء، وحينما يتحدث لا يحتاج كلامه إلى تأكيد، أو قسم، أما إذا أقسم فإنه تبارك وتعالى لا يحتاج من قسمه إلى تأكيد كلامه بل إلى إضفاء القدسية على الشيء الذى يقسم به، حيث لا يقسم تبارك وتعالى إلا بشيء عظيم، وله مكانة.
وأقسم تبارك وتعالى بالأيام الأولى من شهر ذي الحجة، وما نسميها بالعشر الأوائل، وفى ذلك تنبيه خطير لمكانتها، ولذلك وجب التنويه إلى مكانة هذه الأيام وما تحتويه من خصال طيبة، وهى من أيام الله، وتضم بداية موسم تعبد وجهاد (الحج)، وفرح (عيد الأضحى)، وتضحية وفداء (الهدي والذبائح، وأعمال خير (إطعام الفقراء)، تعرف عليها في السطور التالية.
ما المقصود بالفجر والليالى العشر؟
قال تعالى في سورة الفجر “وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ” (الفجر:1،2) والمقصود بالفجر هو كما معروف للجميع فجر الأيام، وخاصة فجر يوم النحر آخر أيام العشر ذي الحجة.
أما الليالي العشر التي ذكرها الله تعالى بعد الفجر فهناك قولين في تفسيرها؛ والرأي العام والأكثر انتشاراً هو أنها الأيام العشرة الأولى من ذي الحجة، ولأن اللغة العربية واسعة فإنّه يراد بكلمة الأيام أحياناُ الليالي والعكس صحيح، وهذا الرأي مبني على أهمية العشر الأولى من شهر ذي الحجة وفضلها، أما الرأي الآخر في تفسيرها هو أنها الأيام الأخيرة من شهر رمضان لفضلها العظيم ولأن لفظ الأيام يدل على الأيام وليس الليالي في أي حال من الأحوال ولفظ الليالي يقصد بها الليالي، هذا الرأي مبني على أهمية العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، كما أن فيها ليلة القدر التي تعد أفضل من ألف شهر.
لماذا خص الفجر بالذكر في القسم القرآني؟
الفجر هو بداية اليوم وبداية النشاط والعمل، ويحدث في الفجر بعض الشرائع التي تبدأ به مثل الصلاة في هذه الفترة، فصلاة الفجر فيها غفران للذنوب والمعاصي، وتيسير الرزق والتوسيع فيه على العبد.
كما أنّ صلاة الفجر تميِّز المنافقين فهي ثقيلة عليهم بسبب وقتها الذي يفضِّل المنافق أن يبقى في الراحة والكسل على أن يقوم ويتوضأ ويذهب إلى المسجد ويصليها، كما أن الصائم يبدأ صيامه في هذا الوقت بالذات من اليوم، ولذلك فالفجر له فضل وأهمية كبيرة حتى أقسم به الله تعالى.
فضل الليالي العشر من ذي الحجة
الليالي العشر إما هي الأيام الأولى من شهر ذي الحجة وهذه الأيام لها فضل عظيم، ففيها يكون الحجاج مشغولون بشعائر الحج، هي من أهم الأيام في السنة وأحبها إلى الله تعالى، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)، ففيها يستحب الصيام وكثرة الصلاة والإكثار من أعمال الخير المختلفة.
أما العشر الأواخر من شهر رمضان فهي لا تقل أهمية عن العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، فهي مباركة ومقدسة، كما أن فيها ليلة القدر التي تزيد هذه الأيام أهمية وفضلاً، ويتم في هذه الأيام توديع شهر رمضان المبارك ويتم ختم القران فيها، إلى العام المقبل لمن كُتِب له صيامه.
المصدر: بتصرف يسير عن النسخة الإلكترونية لجريدة اليوم السابع
[ica_orginalurl]