صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف عدة مرات بأصحابه بصفات مختلفة.. قال الإمام أحمد: ثبت في صلاة الخوف ستة أحاديث أو سبعة أيهما فعل المرء جاز.
إعداد/ فريق التحرير
فرضت الشريعة الإسلامية على المسلم خمس صلوات فقط في اليوم و الليلة.. غير أن هناك عدد آخر من الصلوات له أحكام خاصة أخرى سنتعرف عليها من خلال هذه السلسلة…
تعريف صلاة الخوف
صلاة الخوف هي الصلاة التي يؤدّيها المسلمون في حالة الخطر كوجود حروب أو معارك أو شيء يُهدّد وجودهم، حيث تتمّ هذه الصلاة من خلال تقسيم المُصلّين المسلمين إلى مجموعتين رئيسيتين، حيث تقوم المجموعة الأولى بالوقوف أمام العدو، والمجموعة الثانية تؤدّي الصلاة مع الإمام، وبمجرّد الانتهاء من هذه الصلاة يتمّ تبديل المجموعات؛ حيث تَقوم المَجموعة الثانية بالوقوف أمام العدو، أمّا المجموعة الأولى فتذهب لتأدية هذه الصلاة.
ولتأدية صلاة الخوف يجب على الأقل تواجد ثلاثة مسلمين على الأقل: الإمام، والطائفة الأولى، والطائفة الثانية.
يُشار إلى أنّ الإسلام شرع للمسلمين تأدية هذه الصلاة حتى في حال عدم القدرة على التفرّغ لها؛ حيث يُمكن أن يصلّيها المسلم وهو واقف أو أثناء جريانه في ساحة المعركة سواءً كان باتجاه القبلة أم لا.
حكم صلاة الخوف
تُباحُ وتصحُّ صلاةُ الخوفِ -إذا كان القتالُ مباحاً- حضراً وسفراً؛ لقوله تعالى: “فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً” (البقرة:239)، ولفعلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ حيث صلّاها في غزوةِ ذاتِ الرِّقاعِ وغيرِها منَ الوقائِعِ أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، ولإجماعِ الصّحابةِ رضي الله عنهم على فعلِها. ولا تجوزُ في قتالٍ محرّمٍ؛ لأنّها رخصةٌ فلا تُباحُ بمعصيةٍ.
وصلاة الخوف مشروعة أيضا بقول الله تعالى: “وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً” (النساء:102).
وقد شرع الله عز وجل هذه الصلاة لإضفاء جوٍّ من الطمأنينة والرّاحة والسكينة في نفوس المسلمين في الوقت الّذي تكون فيه الأنفس خائفةً ومذعورة من كل شيء، كما أنّها تشعر المسلمين أنهم يدٌ واحدة لا يفرّقهم شيء.
صفة صلاة الخوف وكيفيتها
صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف عدة مرات بأصحابه بصفات مختلفة.. قال الإمام أحمد: ثبت في صلاة الخوف ستة أحاديث أو سبعة أيهما فعل المرء جاز.
ولصلاة الخوف كيفيات كثيرة مذكورة في كتب الفروع والحديث، ولكن نذكر هنا بعض الكيفيات حسب الحالات…
الحالة الأولى: أن يكون العدو في غير جهة القبلة، فتصلي طائفة مع الإمام، وطائفة تكون في وجه العدو، ثم تأتي الطائفة الأخرى فتصلي مع الإمام، والأولى تذهب في وجه العدو، وإذا كانوا في حال سفر تقصر فيه الصلاة، فإن للإمام أن يصلي بالأولى ركعة ثم تتم لنفسها وتسلم، ويصلي بالأخرى الركعة الأخرى ثم يتمون ويسلم بهم، كما في الصحيحين.
أما إن كانوا متمين فليصل بالأولى ركعتين ثم يتمون ويسلمون وينصرفون، وتأتي الأخرى فيصلي بهم ركعتين ويتمون ويسلمون، كما في الصحيحين عن جابر.
الحالة الثانية: أن يكون العدو في جهة القبلة فيصف المسلمون صفين فيكبر الإمام ويكبرون جميعاً، فإذا ركع ركعوا جميعاً، وإذا رفع رفعوا جميعاً، فإذا سجد.. سجد الصف الأول، ويبقى الصف الثاني في نحر العدو، فإذا قام الإمام والصف الأول سجدوا، ويكون العكس في الركعة الأخرى بعد أن يقف الصف الثاني مكان الصف الأول، كما في صحيح مسلم عن جابر.
الحالة الثالثة: أن يلتحم الصفان، ففي هذه الحالة يصلون رجالاً أو ركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها، لقوله تعالى: “فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً” (البقرة:239).. وتكونُ صلاتُهم بالإيماءِ؛ يُومِئون بالرُّكوعِ والسُّجودِ بقدرِ طاقتِهم؛ لأنّهم لو أتمُّوا الرّكوعَ والسّجودَ لكانُوا هدَفاً لأسلحةِ العَدوِّ، معرّضين أنفسَهم للهلاكِ.. ويكونُ سجودُهم أخفضُ من ركوعِهِم.
الحالاتُ الّتي تلحق بالصّلاةِ في شدّةِ الخوفِ:
يلحقُ بالصّلاةِ في شدّةِ الخوفِ الحالاتُ التاليةُ:
1-حالةُ الهرَبِ من عدوٍّ -إذا كان الهربُ مباحاً-، أو الهربِ من سَيْلٍ، أو سَبُعٍ- وهو كلُّ حيوانٍ مفترسٍ-، أو هربٍ من نارٍ، أو غريمٍ ظالمٍ.
2- الخوفُ من فواتِ وقتِ الوقوفِ بعرفةَ؛ إذا كان الحاجُّ قاصداً إليها، ولم يبقَ من وقتِ الوقوفِ إلا مقدارٌ يسيرٌ؛ بحيث لو صلّاها على الأرضِ فاتَهُ الوقوفُ؛ لأنّ الضّررَ الّذي يلحقُه بفواتِ الحجِّ لا ينقصُ عن الضّررِ الحاصلِ من الغريمِ الظّالمِ.
3-الخوفُ على نفسِهِ أو أهلِهِ أو مالِهِ، أو الذَّبِّ عن ذلك كلِّه، أو عن نفسِ غيرهِ؛ لما في ذلك من الضّرَرِ.
4-وإنْ خافَ شخصٌ عدواً إنْ تخلّفَ عن رفقتِهِ فصلّى صلاةَ خائفٍ ثمّ بانَ لهُ أمنُ الطَّريقِ: لمْ يُعدْ؛ لعمومِ البَلوى بذلك.
5-ومن دخلَ في صلاتِه وهو آمنٌ، ثمّ خافَ في أثنائِها لطارئٍ: كمّلها على هيئةِ صلاةِ الخائفِ، وبنى على ما صلّاهُ منها وهو آمنٌ، وإنْ دخلَ فيها وهو خائفٌ ثمّ أمنَ: كمّلها على هيئةِ صلاةِ الآمنِ، وبنى على ما صلّاهُ منها وهو خائفٌ؛ لأنّ بناءَه في كلا الحالتين على صلاةٍ صحيحةٍ.
فاللهم ارزقنا الأمن والأمان أفرادا وأمما وباعد بيننا وبين المخاطر والحروب والكوارث كما باعدت بين المشرق والمغرب.
_____________________________________________________
المراجع:
إدارة الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت
http://site.islam.gov.kw/eftaa/JurisprudenceFacilitator/Pages/Jurisprudence32.aspx
شبكة موضوع
http://mawdoo3.com/%D9%85%D8%A7_%D9%87%D9%8A_%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%81
إسلام ويب
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=14803
الإسلام سؤال وجواب
[opic_orginalurl]