ذكر الله تعالى هو أزكى الأعمال وخير الخصال وأحبَّها إلى الله ذي الجلال، روى الترمذي وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فيضربوا أعناقكم وتضربوا أعناقهم)، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (ذكر الله تعالى)…
(مقتطف من المقال)
إعداد/ فريق التحرير
نلهث في متاهات الدنيا.. ونركض في حياتنا بلا توقف ولا تفكر.. تاركين لأنفسنا العنان.. آملين أن نحقق فيها كل ما نتمنى… لكن للأسف.. تمر الأيام والسنوات على معظمنا من دون أن نحقق بعض ما تمنينا.. فنقف متأملين الحال بعد ضياع العمر.. أين ما أضعنا عمرنا لأجله؟.. أين ما أنفقنا أوقاتنا رغبة في الحصول عليه؟.. أين السعادة؟ وأين الرضا؟ وأين القناعة التي انتظرناها؟ بل أين الدنيا التي حلمنا برغد عيشها؟ أسئلة لا حصر لها تهاجم وتحاصر عقولنا وقلوبنا في وقت لم يعد يتبقى لنا فيه من قدرات الجسد والعقل إلا الجلوس والجلوس للتفكر والتأمل ومراجعة الذات…
لكن.. ماذا لو أعدنا شريط الذكريات.. وماذا لو أتيحت لنا الفرصة لنراجع حساباتنا ونرتب أوراقنا من جديد؟.. ماذا لو تمكنا من إصلاح أخطاء الماضي.. وتقديم أولويات مختلفة.. وإضافة بعض الروحانيات الدافئة لحياتنا المادية الجليدية.. لا شك أن النتيجة ستختلف.
كلمة سر تقف وراء كل ذلك.. صلتك بالله
في سلسلة من المقالات سنحاول أن نحلل تلك العلاقة من خلال عدد من العبادات بسيطة الأداء.. عميقة المعنى.. ممتدة الأثر.. إنها مجموعة من السنن المهجورة التي سنحاول إحيائها وإحياء قلوبنا معها…
ثانيا: ذكر الله تعالى
ذكر الله تعالى هو أزكى الأعمال وخير الخصال وأحبَّها إلى الله ذي الجلال، روى الترمذي وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فيضربوا أعناقكم وتضربوا أعناقهم)، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (ذكر الله تعالى).
الذّاكرون الله تعالى هم السباقون في ميدان السير إلى الله والدار الآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ) قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ).
وهؤلاء عباد الله هم الذين أعدّ الله لهم النزل الكريمة والثواب العظيم، “وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا” (الأحزاب:35).
والذكر هو حياة القلوب، فلا حياة لها إلا به، روى البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت).
بين الذكر والدعاء.. أيهما أفضل؟
الذكر أفضل من الدعاء؛ لأن الذكر ثناء على الله عز وجل بأسمائه وصفاته، والدعاء سؤال العبد ربه حاجته.
لهذا كان المستحب في الدعاء أن يبدأ الداعي بحمد الله تعالى، والثناء عليه بين يدي حاجته، ثم يسأل حاجته.
فالدعاء الذي يتقدمه الذكر والثناء أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدعاء المجرد، فإذا انضاف إلى ذلك إخبار العبد بفقره ومسكنته كان أبلغ في الإجابة وأفضل.
قال الله تعالى: “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ” (الفاتحة:6-1).
وقال الله تعالى: “وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ” (الأنبياء:88-87).
وَعَنْ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يَدْعُو فِي صَلاَتِهِ، لَمْ يُمَجِّدِ اللهَ تَعَالَى وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: عَجِلَ هَذا، ثمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: (إِذا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بتَمْجِيدِ رَبهِ جَلَّ وَعَزَّ وَالثنَاءِ عَلَيْهِ ثمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثمَّ يَدْعُو بَعْدُ بمَا شَاءَ) أخرجه أبو داود والترمذي.
أنواع الذكر
الذِّكر نوعان: مطلَق، ومقيَّد
وينبغي أن يحرص العبد على أن يذكر الله تعالى بقلبه، ولسانه فإنَّ هذا أكمل الأحوال، لا بلسانه فقط، فمن النَّاس مَنْ لا يستشعر ما يقوله من أذكار؛ لأنه في أذكاره لا يتحرَّك إلا لسانه، ولو تحرَّك القلب، وتدبَّر لزاد الإيمان، ورقَّ القلب.
والمقيَّد من الذكر هو: ما قُيِّد بمكان، أو وقت، أو حال.
والمطلق هو: ما لم يُعيَّن بشـيء من ذلك، وإنما في سائر اليوم.
فأذكار ما بعد الصلوات، أو الذِّكر الذي يكون بعد الأذان، وكذا كل ذكر قاله النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في مكان، أو وقت معيَّن، فإنه يُقدَّم على سائر الذِّكر المطلق؛ لأنه بهذا يحصل على اتباع النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فيفعل كفعله صلى الله عليه وسلم فلو سلَّم من صلاته المفروضة، فإنَّ الأفضل في حقِّه أن يأتي بأذكار ما بعد الصلاة، ولا يأتي بغيره من الأذكار ولو كان فاضلاً كقراءة القرآن؛ لأنه هكذا فعل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، والخير تمام الخير في التأسـي به صلى الله عليه وسلم.
فضل ذكر الله تعالى
أ- ذكر الله تعالى شفاء ورحمة للمؤمنين
قال تعالى: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا” (الإسراء:82).
ب- الذكر غراس الجنة
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرسة له نخلة في الجنة) صحيح الترمذي.
ج- الذكر خير الأعمال
د- الذكر سبب لرفع البلاء
قال تعالى: “فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ” (الصافات:143،144)
هـ – الذكر سبب في جلب الخيرات
قال تعالى: “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا” (نوح:12-10).
و- الذكر يعين على النشاط ويذهب وساوس الشيطان
ز- الذكر سبب في تفريج الكرب
قال تعالى: “وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” (الأنبياء:87).
ح- الذكر سبب في حفظ الذرية من الشيطان
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضي بينهما ولد لم يضره) متفق عليه.
ط- الذكر سبب في جلب المغفرة والأجر العظيم
قال تعالى :”… وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا” (الأحزاب:35).
ي- الذكر تعالى أكبر الأعمال
قال تعالى:”… وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ” (العنكبوت:45).
ك- دوام الذكر يؤمن من نسيان الله تعالى للذاكر
قال تعالى: “وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” (الحشر:19).
ل- ذكر الله تعالى أمان من النفاق والخسران
قال تعالى:”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ” (المنافقون:9).
فاللهم اجعلنا ذاكرين.. لك شاكرين منيبين يارب العالمين.
_________________________________________
المصادر:
*شبكة الألوكة الشرعية
https://www.alukah.net/sharia/0/25498/
*موقع نداء الإيمان
*موقع الكلم الطيب
[opic_orginalurl]