ولهذا قررت أن أقرأ كتابهم المقدس لأريهم أن الإسلام دين مزيف!!!
البداية…
كنت في بداية السنة النهائية للحصول على درجتي العلمية عندما قابلت أول مجموعة من المسلمين في حياتي؛ فقد كان التوزيع الإلكتروني الذي قام به الحاسوب قد خبأ لي مفاجأة عظيمة.. فعندما ذهبت إلى قاعة الدراسة تلقيت الصدمة.. كانت القاعة مليئة بالعرب!
لم أكن أبدا قد شاهدت أحدا من العرب من قبل ولكني كنت قد سمعت بهم. فما كان مني إلا أن قررت أنني لا يمكنني الجلوس في غرفة مليئة بالكفرة!! ف أغلقت الباب وعدت أدراجي إلى البيت.
عندما أخبرت زوجي عن أولئك الطلاب العرب، وأن ولا بأي طريقة يمكن أن أعود إلى هناك، هدَّأ من روعي، وذكَّرني بأنني يتوجب علي التفكير جيدا في هذا الأمر قبل اتخاذ أي قرار نهائي، وذكَّرني أيضا بأن لدي منحة دراسية، وإذا كنت أريد المحافظة عليها فيجب أن أحافظ على معدل علاماتي وإلا فإن أمرا كهذا يمكن أن يحطم كل شيء.
سأخلص الكفرة من العذاب وأردهم عن الإسلام إلى المسيحية!!!
دعوت الله أن يرزقني الرشاد وعدت إلى الصف، وأنا لدي اعتقاد بأن الله دبر لي كل هذا لكي أكون سببا في تخليص هؤلاء الكفرة المساكين من عذاب جهنم!!!
بدأت تدريجيا أشرح لهم كيف أنهم سيحترقون في جهنم خالدين فيها إذا لم يقبلوا المسيح عليه السلام كمخلص لهم؛ فتعاملوا معي بلطف جم ولكنهم لم يهتدوا، عندئذ شرحت لهم كيف أن المسيح يحبهم وكيف مات على الصليب ليخلصهم من آثامهم.. فظلوا على نفس المستوى من اللطف معي ولكنهم ما زالوا لا يهتدون!!!
ولهذا قررت أن أقرأ كتابهم المقدس لأريهم أن الإسلام دين مزيف؛ فأعطاني أحدهم نسخة من ترجمة القرآن الكريم وكتابا آخر عن الإسلام.. كنت على يقين بأني سأجد الدليل الذي أحتاجه وبسرعة كبيرة.. لكنني قرأت القرآن الكريم والكتاب الثاني ومن ثم قرأت خمسة عشر كتابا آخر.. ثم عدت إلى القرآن مرة ثانية.. فقد كنت مصممة على هدايتهم.. وهكذا على مدار عام و نصف.
خلال تلك الفكرة كانت ثمة تغيرات تتسلل إلى حياتي؛ ككراهية شرب الخمر، والذهاب في العطلات للنوادي والحفلات الراقصة، مما تسبب في إثارة شكوك زوجي نحوي وأن شخصا آخر قد دخل إلى حياتي وأحدث فيها تلك التغييرات، وعلى إثر تلك الظنون قام بطردي من المنزل، لأستقل بحياتي مع أطفالي في سكن خاص.
ثم كان لقائي بأحد الإخوة الذي شعر برغبتي الدفينة في التعرف على المزيد من المعلومات حول الإٍسلام، وقد منحني الوقت الكافي وكان صبورا جدا في نقاشه معي حول كل المسائل، ولم يشعرني على الإطلاق بأنني سخيفة أو أن أسئلتي غبية.
وسألني إن كنت أؤمن بأن هناك إلها واحدا؟ فقلت: نعم
فسألني إن كنت أؤمن بأن محمدا كان رسولا لله تعالى؟ ومرة أخرى قلت: نعم.
فقال لي: أنت بهذا مسلمة!
فجادلته بأني نصرانية وأني فقط أحاول فهم الإسلام. أما في داخل نفسي فإني كنت أفكر: (أنا لا أستطيع أن أصبح مسلمة، فأنا أمريكية بيضاء! وماذا سيقول زوجي؟! وإذا أصبحت مسلمة فإنني يجب أن أُطلق من زوجي، وعائلتي ستنتهي).
ثم أوضح لي الأخ الفاضل لاحقا أن تحصيل المعرف والفهم الروحي ما هو إلا كصعود السلم الذي لا ينبغي أن نحاول قفز عدة درجات فيه دفعة واحدة وإلا تعرضنا لخطر السقوط، فالشهادتان ما هما إلا الدرجة الأولى على السلم.. وفي وقت لاحق من مساء ذلك اليوم من عام 1977 وعند صلاة العصر أعلنت إسلامي.
كانت الشهادتان حقا هما الخطوة الأولى على سلم المعرفة التي أعانني عليها الأخ الفاضل؛ لقد شرح لي كيف أن الله تعالى حثنا على طلب العلم، ومع الوقت تعلمت على أيدي كثير من الشيوخ.. كان كل منهم متميزا بشكل خاص رغم اختلافهم عن بعضهم البعض.
عندما كنت في بداية دراستي للإسلام، لم أتوقع أن أجد شيئا أريده أو أحتاجه في حياتي الخاصة، وفي ذلك الوقت لم يكن لأحد أن يقنعني بأني سأكون في سكينة وحب غامر وسعادة بسبب الإسلام.
الابتلاءات تتوالى…
كنت أنا وزوجي نحب بعضنا حبا عظيما ما زالت آثاره باقية إلى الآن في قلبينا، إلا أنه لم يستطع أن يُبعد عن رأسه ظنونه فيّ فانتهى بنا الأمر إلى طلاق بشع، وقررت المحكمة أن تكون المحكمة الشرعية الأرثوذكسية هي التي تقرر بخصوص حضانة أطفالي.
أعطتني المحكمة مهلة من الزمن لكي أختار ما بين أمرين أحلاهما مر، فإما أن أتخلى عن إسلامي فيتركونني حاضنة لأطفالي، أو أتنازل عن حضانتهم لأبيهم وأبقى على ديني.
كنت في حالة ذهول شديدة فقد كان الاختيار صعبا.. وبدا لي الأمر وكأن الخيارين مستحيلين، وكنت على يقين بأني إذا تخليت عن إسلامي فسأربي أولادي على الضلال. ولم تكن هناك طريقة لأنكر ما كان في قلبي، فكيف لي أن أنكر الله تعالى؟!
فالتجأت إلى الصلاة لله تعالى، ودعوته كما لم أدعه من قبل وبعد مرور نصف ساعة.. كنت على يقين بأنه لا يوجد مكان آمن فيه على أطفالي أكثر من أن يكونوا بين يدي الله تعالى. ولو أنكرته الآن فلن تكون هناك طريقة في المستقبل أعلِّم بها أطفالي روعة أن تكون مع الله تعالى؛ فأخبرت المحكمة بأني أستودع الله تعالى أطفالي، ولا أعدُّ ذلك تخليا عنهم!
وغادرت المحكمة وأنا مدركة أن حياتي بدونهم ستكون في منتهى الصعوبة، وأن قلبي كان منفطرا إلا أنه كان مطمئنا.. ولم تكن حضانة أطفالي والطلاق هما فقط الابتلاءان الوحيدان، فبقية أفراد عائلتي لم يتقبلوا اعتناقي للإسلام.. ورفض معظمهم أن يكون له أي علاقة بي؛ فأمي رأت أنها مسألة مؤقتة ثم أعود كما كنت، وأختي الطبيبة النفسية رأت أنني مختلة عقليا ويجب إدخالي مصحة نفسية، وأبي رأى أنني يجب أن أقُتل قبل أن أنغمس في أعماق الجحيم السحيقة بسبب كفري…
أما أصدقائي فلم يصبروا على صحبتي المملة الخالية من الحفلات والتسلية واحتساء الخمر، ثم جاء الدور على وظيفتي.. فرغم تفوقي فيها وخبرتي إلا أن هذا لم يمنع من أن يكون أول يوم وضعت في حجابي هو آخر يوم في وظيفتي.
وحينها أصبحت بلا عائلة ولا أصدقاء ولا عمل.
شعاع النور يتسلل..
كانت جدتي هي شعاع النور الأول بعد إسلامي.. فلم تكتفِ بدعمي بل واعتنقت الإسلام مثلي.. ومن رضا ربي عليها أنها توفيت بعد إسلامها بساعات قليلة رحمها الله، وعندما أتوقف لأتأمل في ذلك أشعر بأني أغبطها كثيرا؛ ففي اليوم الذي تعلن فيه إسلامها وتُمحَى فيه كل آثامها وتبدل حسنات، يتوفاها الله تعالى لتكون كفة حسناتها ثقيلة جدا مما يملؤني سعادة غامرة.
وبعد بضع سنوات من إسلامي هاتفتي أمي وقالت أنها لا تعرف الإسلام ولكنها سعيدة بالتغير الذي أحدثه في حياتي، ثم اتصلت بي بعد عامين وسألتني: ماذا يجب على الإنسان أن يفعل ليصبح مسلما؟ وعندما أخبرتها طلبت مني أن يكون الأمر سرا بيني وبينها، وهي لا تعلم أن أبي قد سبقها واعتنق الإسلام قبلها بشهرين.
ثم كانت أختي –خبيرة الصحة النفسية- التي أخبرتني بأنني الشخصية الأكثر تحررا نفسيا من بين من تعرفهم…
وبدلا من أن أحدثكم بتفاصيل دخول كل منهم الإسلام، دعوني أخبركم ببساطة أن معظم عائلتي يواصلون دخول الإسلام كل سنة.. وقد كنت في غاية السعادة عندما أخبرني أخ فاضل أن زوجي قد اعتنق الإسلام مؤخرا.. وعندما سُئل عن سبب رغبته في دخول الإسلام أجاب: بأنني وعلى مدار 16 سنة كنت أراقب حياة زوجتي كمسلمة، وأنا الآن أريد أن تكون ابنتي مثلها).
وفي الوقت الذي أكتب فيه تلك السطور هاتفني ابني البكر-ويتني- ليقول لي بأنه سيدخل الإسلام، وأنه يخطط لأن يعلن إسلامه في المركز الإسلامي بعد أسبوعين وهو الآن يقرأ كثيرا عن الإسلام لكي يكون مستعدا لتلك الخطوة.. فالحمد لله الرحمن الرحيم.
لا توجد لدي الكلمات التي تستطيع أن تعبر عن مدى تغير حياتي بالإسلام، فأنا سعيدة جدا بكوني مسلمة، فالإسلام هو حياتي، وهو نبض قلبي، والإسلام هو الدم الذي يجري في عروقي، والإسلام هو قوتي، والإسلام هو الذي جعل حياتي في غاية الروعة والجمال، فأنا بدون الإسلام لا أساوي شيئا.
(اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي نُورًا وَاجْعَلْ أَمَامِي نُورًا وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، اللَّهُمَّ وَأَعْظِمْ لِي نُورًا).
(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي جِدِّي وَهَزْلِي وَخَطَئِي وَعَمْدِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
____________________________________________
المصدر: بتصرف عن قصة السدة الأمريكية (أمينة أسيلمي) والتي ترجمها الأستاذ زكي الطريفي، ونشرها موقع مجلة الفرقان.
[opic_orginalurl]