إن السرقة مما اتفقت الرسالات السماوية لاسيما المسيحية والإسلام على تحريمها. ولقد فرضت عقوبة رادعة للسرقة في جميع كتب الرسالات السماوية الحالية لاسيما الكتاب المقدس والقرآن الكريم. لذا تعالوا نتعرف على موقف المسيحية والإسلام من السرقة حسبما ورد في نصوص الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد من ناحية والقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من ناحية أخرى.
تحريم السرقة في المسيحية
ورد تحريم السرقة ضمن الوصايا العشر في العهد القديم، فكثيرا ما يتكرر النهي فيه عن السرقة في أكثر من موضع. فكثيرا ما نقرأ: “لاَ تَسْرِقْ” (الخروج 15:20) (التثنية 19:5)
وكثيرا ما يتكرر تحريم السرقة والنهي عنها في العهد الجديد على لسان السيد المسيح بل وتلاميذه في أكثر من موضع. فنحن نقرأ على سبيل المثال: قَالَ لَهُ: «أَيَّةَ الْوَصَايَا؟» فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ». (متى 18:19)
كما ورد النهي عن السرقة في العهد القديم خارج الوصايا العشر، فنحن نقرأ: “لاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَكْذِبُوا، وَلاَ تَغْدُرُوا أَحَدُكُمْ بِصَاحِبِهِ”. (اللاويين 11:19)
ولقد عاب العهد القديم على بني إسرائيل سرقتهم وأكلهم الكسب الحرام وبين أن ذلك كان سببا في تخلي الله عنهم وهزيمتهم من أعدائهم. فنحن نقرأ: “قَدْ أَخْطَأَ إِسْرَائِيلُ، بَلْ تَعَدَّوْا عَهْدِي الَّذِي أَمَرْتُهُمْ بِهِ، بَلْ أَخَذُوا مِنَ الْحَرَامِ، بَلْ سَرَقُوا، بَلْ أَنْكَرُوا، بَلْ وَضَعُوا فِي أَمْتِعَتِهِمْ. فَلَمْ يَتَمَكَّنْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِلثُّبُوتِ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ. يُدِيرُونَ قَفَاهُمْ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ لأَنَّهُمْ مَحْرُومُونَ، وَلاَ أَعُودُ أَكُونُ مَعَكُمْ إِنْ لَمْ تُبِيدُوا الْحَرَامَ مِنْ وَسَطِكُمْ”. (يشوع 11:7-12)
ونظرا لخطورة جريمة السرقة في المجتمع البشري، فرضت لها عقوبات في جميع الكتب السماوية. فلقد تراوحت عقوبة السرقة في الكتاب المقدس بين التعويض المضاعف والاسترقاق بل والقتل. فلقد كان القتل عقوبة سرقة البشر أو ما يعرف حاليا بالاتجار في البشر. ففي العهد القديم نقرأ: “وَمَنْ سَرَقَ إِنْسَانًا وَبَاعَهُ، أَوْ وُجِدَ فِي يَدِهِ، يُقْتَلُ قَتْلاً”. (الخروج 16:21)
أما عقوبة سرقة الأشياء، فعقوبتها التعويض عنها بعدة أمثالها سواء بخمسة أضعافها أو أربعة أضعافها أو ضعفيها، علاوة على إهدار دم السارق حال سرقته. فإن لم يجد السارق ما يعوض به، يباع هو نفسه لسداد ما عليه. ففي العهد القديم نقرأ: “إِذَا سَرَقَ إِنْسَانٌ ثَوْرًا أَوْ شَاةً فَذَبَحَهُ أَوْ بَاعَهُ، يُعَوِّضُ عَنِ الثَّوْرِ بِخَمْسَةِ ثِيرَانٍ، وَعَنِ الشَّاةِ بِأَرْبَعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ. إِنْ وُجِدَ السَّارِقُ وَهُوَ يَنْقُبُ، فَضُرِبَ وَمَاتَ، فَلَيْسَ لَهُ دَمٌ. وَلكِنْ إِنْ أَشْرَقَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، فَلَهُ دَمٌ. إِنَّهُ يُعَوِّضُ. إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يُبَعْ بِسَرِقَتِهِ. إِنْ وُجِدَتِ السَّرِقَةُ فِي يَدِهِ حَيَّةً، ثَوْرًا كَانَتْ أَمْ حِمَارًا أَمْ شَاةً، يُعَوِّضُ بِاثْنَيْنِ”. (الخروج 1:22-4)
تحريم السرقة في الإسلام
يحرم الإسلام السرقة، ولقد كان الامتناع عنها من أهم الأشياء التي كان المسلمون الأوائل يبايعون النبي محمد عليها في فجر الإسلام. ولقد ورد بهذا الصدد آيات في القرآن الكريم. فنحن نقرأ:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (الممتحنة 60:12)
ولقد عظّم النبي محمد من شأن السرقة حتى أنه نفى الإيمان عن مرتكب هذه الجريمة حال ارتكابها. فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن (رواه البخاري)
وكما أن الكتاب المقدس في المسيحية قد فرض عقوبة للسرقة تصل إلى حد القتل كما أسلفنا، نجد أن الإسلام قد فرض حدا للسرقة أيضا وهو قطع يد السارق. وعن ذلك نقرأ في القرآن الكريم:
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (المائدة 38:5)
وكما أن الكتاب المقدس يهدر دم السارق حال سرقته، فالإسلام كذلك يهدر دم السارق حال سرقته. فعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله. قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلته. قال: هو في النار. (رواه مسلم)
_________
المراجع:
- القرآن الكريم
- صحيح البخاري
- صحيح مسلم
- الكتاب المقدس
[opic_orginalurl]