اليقطين لا يذكر في بحث إلا ويشار إلى أنه مهدئ للأعصاب وأمراض النفس…
(مقتطف من المقال)
أ/ خالد حنون
كل ما في القرآن الكريم ذكر بقدر ولغاية ولا شيء في القرآن متروك للصدفة. وقصصه لم ترد للتسلية. فكل كلمة او تفصيل يقودان إلى عبرة أو حكمة أو إعجاز. فمن منا مثلاً لا يعرف قصة سيدنا يونس حين ترك قومه قبل أن يأذن الله له فعاقبه بان أرسل له حوتا في البحر التقمه إلى حين، ثم لفظه دون أن يؤذيه؟ فلماذا خص الله شجرة اليقطين لسيدنا يونس دون غيرها من الثمار؟
اليقطين في القرآن
جاء ذكر اليقطين في القرآن الكريم مرة واحدة وفي سورة الصّافات عند الحديث عن سيدنا يونس، في قول الله تعالى: “وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ. فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ. فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ. وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ. وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ. فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِين” (الصافات:139-148).
اليقطين في كتب الأولين
يصنف اليقطين على أنه فرع من عائلة القرع. وهو بأنواع وأشكال وأحجام عديدة. وهو قابل للتخزين من دون تلف لمدة طويلة لسماكة قشرته. أما قطافه فلا يحتاج الى مجهود فهو يستند على الأرض كالبطيخ. يقول ابن كثير في تفسيره عند حديثه عن اليقطين: …وذكر بعضهم في “القرع” (يقصد اليقطين) فوائد، منها: سرعة نباته، وتظليلُ ورقه لكبره، ونعومته، وأنه لا يقربها الذباب، وجودة أغذية ثمره، وأنه يؤكل نيئا ومطبوخا بلبه وقشره أيضا”. ويقول الدميري في كتابه (حياة الحيوان الكبرى) عند حديثه عن الذباب: … ولا يقع على شجرة اليقطين. ولذلك أنبتها الله على نبيه يونس عليه الصلاة والسلام، لأنه حين أُخرج من بطن الحوت لو وقعت عليه ذبابة لآلمته فمنع الله عنه الذباب بذلك، فلم يزل كذلك حتى تصلب جسمه.
الحال الصحية لسيدنا يونس في أثناء محنته
مع أن الآيات التي تتكلم عن حالة سيدنا يونس الصحية والنفسية في بطن الحوت وخارجه لم تخرج عن العموميات إلا أنها واضحة ليبنى عليها من أجل إظهار صورته الصحية بالقدر المعقول.
روت لنا الآيات السابقات أن يونس الذي ألقاه الحوت على الساحل كان في حالة إعياء وكرب شديدين. يقول ابن كثير في تفسيره: “وَهُوَ سَقِيمٌ” أي: ضعيف البدن. قال ابن مسعود، رضي الله عنه: كهيئة الفرخ ليس عليه ريش. وقال السدي: كهيئة الصبي حين يولد، وقاله ابن عباس.
وفي سورة الأنبياء يقول الله تعالى: “وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ” (الأنبياء:87-88) وهنا يستدل من الآيتين على الحالة النفسية لسيدنا يونس.
وقد اختلف العلماء والمفسرون في مدة بقاء سيدنا يونس في بطن الحوت فقال البعض 3 أيام وقال آخرون اسبوع وقال غيرهم بل 40 يوما. وبصرف النظر عن تحديد المدة فيكفي أن تتخيل معي أخي القارئ أن توضع في قبو مظلم ورطب وحار لعدة ايام دون طعام فكيف سيكون حالك؟ فما بالك في بطن حوت يصعد وينزل في المحيطات ولا ترى داخله إلا الظلمة. ومع أن الله تعالى أوحى إلى الحوت بعدم إيذاء نبيّه إلا أن هذا الغم أو الكرب الذي أصابه ترك آثاره عليه كما تقدم.
فوائد اليقطين كما حدده علم التغذية وحاجات سيدنا يونس
يعتبر اليقطين مصدراً ممتازاً للفيتامينات المضادة للأكسدة كالفيتامينات A وC وE والمغنيزيوم والحديد… علماً أنه يحتوي على النسبة الأعلى من الفيتامين A . ويعتبر فيتامين أ أو A ضروري للجسم بشكل كبير. وهو ضروري بوجه خاص لنمو العظام والأسنان. ويحافظ فيتامين أ على سلامة الجلد، وقد أثبتت الأبحاث أن عصارة نبات الدباء (اليقطين) وعصارة ثمرته تعيد صبغيات الجلد وتنمي أنسجته وتقوي الجسم وهذا ما دل عليه القرآن الكريم حين اختار الله عز وجل اليقطين لنبيه يونس وهو هزيل الجسم بعد إخراجه من بطن الحوت. كما إنّ مضادات الأكسدة الموجودة في اليقطين تعمل على حماية الجهاز التنفسي من الالتهابات وتساهم في الحد من نوبات الربو.
كما يساعد فيتامين أ في تكوين الإفرازات المخاطية، التي تبني المقاومة ضد الأمراض. ويُصاب الناس الذين لا يتناولون قدرًا كافيًا من فيتامين أ بحالة يُطلق عليها اسم جفاف المُلتْحمة، حيث يصبح سطح العين جافًا مع احتمال إصابتها بالمرض. ويشكّل فيتامين أ أيضًا جزءًا من صبغتين تساعدان العين في تأدية وظيفتها الطبيعية في الضوء المتباين الشدة. ويعتبر العشى الليلي عرضًا مبكرًا لنقص فيتامين أ. وصحيح أن أحداً من المؤرخين أو المفسيرين لم يذكر شيئا عن مدى تأثر نظر سيدنا يونس بالظلمة التي عاش بها الأيام في بطن الحوت، إلا أنه يمكننا أن نستنتج (طبيا) بانه لا يوجد أحد عاش في ظلمة لعدة أيام وبقي نظره طبيعيا. وهذا يمكن أن نراه يوميا حين نستيقظ من النوم فمن الصعوبة الإبصار بسرعة حين يظهر النور فجأة.
ويعتبر اليقطين خفيف الهضم مليناً للمعدة، فهو يحتوي على حوالي 80% من وزنه ماء، لهذا فهو طارد للعطش ويزيل الحرارة والحمى، مدر للبول يفتت الحصى والرمل، ويعالج مشاكل غدة البروستات كما يزيل التهابات الكلى وينشط الكبد. ومرة أخرى يمكن أن نستنتج من أن سيدنا يونس صام في بطن الحوت إذ ماذا كان يمكنه أن يأكل ويشرب؟ وإذا كانت الحال كذلك فسوف يحتاج لفوائد اليقطين السابقة بمعظمها فعدم الأكل والشرب سيخلق مشاكل في أعضاء الجسم كافة.
واليقطين لا يذكر في بحث إلا ويشار إلى أنه مهدئ للأعصاب وأمراض النفس. لكن هذا لا يعني أن سيدنا يونس كان يعاني من مرض نفسي – فحاشاه – إلا أن حزنه على ما رآه معصية لله حين ترك قومه وهو الذي وصفه الله بـ “أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ“. كما أن سجنه في بطن الحوت أوجد له هذا الكرب وحالة السقم التي تحدثت عنها الآيات السابقات.
فكان لا بد من أن يكون في اليقطين ما يساعد سيدنا يونس للتغلب على حزنه. فبذور اليقطين تحتوي على الTryptophan الذي يساعد على الحصول على نوم هانئ وعلى مقاومة الاكتئاب كونه يتحول إلى Serotoninوينصح الدكتور خالد يوسف، أخصائي السمنة والنحافة بزيادة الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم في نظامنا الغذائي اليومي اذ انها تساعد على تعزيز المزاج والحالة النفسية.
المصدر: بتصرف يسير في العنوان والنص عن موقع منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
[ica_orginalurl]