اللاأدرية هي فرقة من فرق الملاحدة تزعم أنه لا سبيل إلى معرفة الحقيقة.. وأن المنهج اللاأدري هو أسلم المناهج أمام حُجج المتدينين و حُجج الملحدين.
والمنهج اللاأدري منهج غريب يعتبر أن كل المعارف التي تختص بالواقع مستحيلة، وبمعنى أدق يقولون أن الحقيقة هي أن الحقيقة نسبية؛ لكن أليست هذه حقيقة؟
إن المنهج اللاأدري هو منهج ذاتي الهدم؛ فاللاأدرية تدمر نفسها؛ فهي تعتبر أن الإنسان يعلم أمورا كافية عن الواقع يحيث يمكن له أن يؤكد أنه لا شيء يمكن معرفته عن الواقع، وهو منهج غريب!!!
والجملة السابقة يوجد داخلها كل ما يلزم لإنكارها؛ لأن الإنسان إذا علم شيئا عن الواقع لذا فهو بالتأكيد لا يمكن له أن يؤكد في نفس الوقت أن كل الواقع غير معلوم. وبمعنى أكثر بساطة فاللاأدرية الكاملة ذاتية التدمير؛ لأنها تفترض بعض المعرفة تختص بالواقع لكي تنكر أي معرفة بالواقع!
المنهج اللاأدري.. منهج بحث وتفريق بين الأمور حتى التحقق
ويمكننا أن نقول إنه ليس ممكنا أن نعرف الفرق بين الحق والباطل بدون أن نعرف قدرا كافيا عنهما لكي نميز بينهما، إذن يوجد حق وباطل، وبالتالي فالاأدرية المفترض أنها مرحلة بحث وتفريق بينهما للوصول إلى أيهما أقرب للصواب، أما أن تكوّن موقفا نهائيا فهذا ما لا تقبل به العقول السليمة، وبعبارة أخرى يمكننا أن نقول: بدون أن تكون الحقيقة واضحة لما تطابقت معها أي عبارة، فمعنى عدم مقدرة الفرد على معرفة شيء أكثر من الحقيقة النسبية هذا معناه أن هذا الفرد يحدد خطا لا يمكن عبوره لهذه الحدود؛ لكن لا يستطيع الإنسان أن يرسم مثل تلك الحدود بدون أن يتجاوزها ويعرف ما وراءها، إنه من المستحيل أن نجاهد في تقرير أن هناك حدا أو خطا بين النسبية في الحقيقة والمطلق بدون أن يتلامس الفرد ببعض المسافة مع الجانب الآخر.
وبكلمات أخرى: كيف يمكن للإنسان أن يفرق ما بين الحقيقة النسبية والحقيقة المطلقة ويعتبر أن الحقيقة نسبية فقط إلا إذا عرف مقدما كليهما لكي يجري هذه المقارنة.
وكما يقول أوغسطينوس: (كل من يشك يعلم أنه يشك وهو على وعي كامل بهذه الحقيقة على الأقل، وتحديدا أنه يشك، لذلك فإن كل من يشك فإن قدرته على الشك سوف تقنعه بأن هناك شيئا ما يسمى حقيقة).
وخلاصة ما في الأمر أننا عندما نقول إن الحقيقة هي أنه لا توجد حقيقة، فهذا أمر افتراضي؛ لأنه إذا كانت هذه الجملة صحيحة فإنها غير حقيقية.
مما سبق يتضح لنا أن المنهج اللاأدري لا يمكننا استيعاب أن يكون موقفا حياتيا دائما، بمعنى أدق يمكن أن يفهم هذا الموقف الحياتي كموقف عارض أو مرحلي، فمعنى أن يعيش الإنسان ويموت تحت هذا العنوان (لا أدري) أنه أمر مخالف لطبيعة الإنسان البشرية.
فلو كان الشك وعدم الفهم والرفض حالة مريحة وممتعة ما حصل تقدم في حياة البشر، فبما أنه يوجد تقدم في حياة البشر إذن البديهية المركبة في البشر هي الوصول إلى الحقائق والاستقرار عليها.
فبما أنه يوجد تقدم في حياة البشر إذا البديهية المركبة في البشر هي الوصول إلى الحقائق والاستقرار عليها، إذا النسبية والتذبذب مخالفة لما فطرنا عليه، فاللاأدرية هي صنف من أصناف انتكاس الفطرة، ومخالفة البديهية العقلية لا أكثر.
___________________________________________________
المصدر: موسوعة الرد على الملحدين العرب، د. هيثم طلعت.
[ica_orginalurl]