يعتبر النبي محمد آخر نبي ورسول جاء بوحي وشرع يعمل بهما عدد معتبر من البشر من بعد رفع السيد المسيح وحتى يومنا هذا بل وحتى نهاية العالم. فأتباعه عليه الصلاة والسلام حاليا هم أكثر الرسالات السماوية وغير السماوية عددا بعد المسيحية. ورسالته صلى الله عليه وسلم قائمة منذ بعثته وحتى قيام الساعة حتى وإن أنكرها البعض.
وعلى الرغم من إنكار أغلب اليهود والمسيحيين لرسالة النبي محمد ونبوته، إلا أن ذلك لم يؤثر على ثبوت هذه الرسالة والنبوة سواء بنصوص الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد أو القرآن الكريم.
هل يجب أن يكون النبي محمد مذكورا في الكتاب المقدس؟
بادئ ذي بدء، ليس من الضروري ذكر النبي سواء بالاسم أو بالوصف في الكتب السابقة. ويسري ذلك على النبي محمد وغيره من الأنبياء والمرسلين. فليس في العهد القديم أو غيره من النصوص المقدسة مثلا ما يفيد أن نبي الله موسى عليه السلام كان مذكورا بالاسم أو الوصف في الكتب السابقة. كما أنه ليس في العهد القديم أي ذكر بالاسم ولا بالوصف الصريح الذي لا يحتمل اللبس للنبي عيسى أو يسوع المسيح عليه السلام.
أضف إلى ذلك أن الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد لا يمثل التوراة والإنجيل الذين أنزلا على موسى وعيسى عليهما السلام. بل فيهما زيادة من كلام البشر ونقصان من كلام الله لا يمكن تحديدهما أو حصرهما.
ولا يتسع المجال هنا لإثبات تحريف الكتاب المقدس بل توجد مثل هذه الإثباتات في منشورات أخرى على موقعنا. ولكن يكفي في هذا المقال أن نشير إلى أنه لا يمكن الوثوق في أن العهد القديم يمثل التوراة نظرا لتحويله إلى نص عنصري تمييزي استعلائي يكرس لهيمنة بني إسرائيل على بني البشر دون وجه حق. كما أن العهد الجديد لا يمكن أن يمثل الإنجيل نظرا لتحويله إلى مجموعة من النصوص الشركية الوثنية التي تكرس لعبادة غير الله مع الله في مخالفة صريحة لجميع الرسائل السماوية.
ماذا ورد في القرآن عن ذكر النبي محمد في التوراة والإنجيل؟
يخبرنا القرآن الكريم أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ذُكر اسما ووصفا في الكتب السماوية السابقة ولاسيما التوراة والإنجيل. فأما التوراة، فيبين القرآن أن النبي محمد ذكر فيها وصفا على النحو التالي في الآية القرآنية الآتية:
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (الأعراف 157:7)
كما ينقل القرآن الكريم عن السيد المسيح تبشيره بالنبي محمد وذكره اسما صريحا لا يحتمل اللبس “أحمد”. ففي القرآن الكريم نقرأ:
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (الصف 6:61)
بل يخبرنا القرآن الكريم أن أصحاب النبي محمد قد ذكروا وصفا في الكتب السابقة أيضا ولاسيما التوراة والإنجيل. فنحن نقرأ:
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (الفتح 29:48)
إشارات الكتاب المقدس إلى النبي محمد
على الرغم من طمس أغلب البشارات بالنبي محمد وصحابته في التوراة والإنجيل، إلا أننا مازلنا نجد في الكتاب المقدس بعض الإشارات التي قد ترجع إلى النبي محمد وذلك على سبيل الافتراض وليس الجزم نظرا لعدم ثبوت نسبة كامل محتوى الكتاب المقدس إلى الله تعالى أصلا وعدم التحقق من صحته.
فعلى سبيل المثال، عن نبوة النبي محمد، يخبرنا العهد الجديد أن الناس في زمن المسيح كانوا ينتظرون مسيحا ونبيا ناهيك عن اعتقادهم في نزول إيليا. ولذلك فقد سألوا يوحنا المعمدان عما إذا كان ذلك النبي فأجاب بالنفي. فربما كانت هذه إشارة إلى النبي محمد، فلم يبعث نبي منذ ذلك الحين وحتى الآن غيره.
ففي العهد الجديد نقرأ: وَهذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا، حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ:«مَنْ أَنْتَ؟» فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَأَقَرَّ:«إِنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ». فَسَأَلُوهُ:«إِذًا مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ:«لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ:«لاَ». فَقَالُوا لَهُ:«مَنْ أَنْتَ، لِنُعْطِيَ جَوَابًا لِلَّذِينَ أَرْسَلُونَا؟ مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ؟» قَالَ:«أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ». وَكَانَ الْمُرْسَلُونَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ، فَسَأَلُوهُ وَقَالُوا لَهُ:«فَمَا بَالُكَ تُعَمِّدُ إِنْ كُنْتَ لَسْتَ الْمَسِيحَ، وَلاَ إِيلِيَّا، وَلاَ النَّبِيَّ؟» (يوحنا 19:1-25)
ونقرأ فيما يمكن أن يكون إشارة إلى أمية النبي محمد في الكتاب المقدس ما يلي: أَوْ يُدْفَعُ الْكِتَابُ لِمَنْ لاَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَيُقَالُ لَهُ: «اقْرَأْ هذَا». فَيَقُولُ: « لاَ أَعْرِفُ الْكِتَابَةَ». (إشعياء 12:29)
وربما تطابق العدد السابق من الكتاب المقدس مع ما ورد في قصة بدء الوحي، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت أن النبي وهو في غار حراء جاءه الملك فقال: “اقرأ” قال: “ما أنا بقارئ” قال: “فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني” فقال: “اقرأ” قلت: “ما أنا بقارئ” فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: “اقرأ” فقلت: “ما أنا بقارئ” فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: “اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم” (رواه البخاري)
ونقرأ فيما يمكن أن يكون إشارة إلى أمر النبي محمد بالمعروف ونهيه عن المنكر وإحلاله الطيبات وتحريمه الخبائث ما يلي: “يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ. حَسَبَ كُلِّ مَا طَلَبْتَ مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي حُورِيبَ يَوْمَ الاجْتِمَاعِ قَائِلاً: لاَ أَعُودُ أَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِي وَلاَ أَرَى هذِهِ النَّارَ الْعَظِيمَةَ أَيْضًا لِئَلاَّ أَمُوتَ. قَالَ لِيَ الرَّبُّ: قَدْ أَحْسَنُوا فِي مَا تَكَلَّمُوا. أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ”. (التثنية 15:18-18)
ونقرأ:
«هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ، وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ…». (إشعياء 1:42-4)
كما نقرأ ايضا:
“لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ: أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. وَأَمَّا عَلَى بِرّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضًا. وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ. إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ، وَلكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ”. (يوحنا 7:16-13)
وأما وضع الإصر والأغلال، فقد يكون النبي محمد هو الحجر الذي تنبأ الكتاب المقدس بسحقه للأصنام والأوثان كناية عن نقض الوثنية وكسر نيرها ونشر التوحيد. وعن ذلك نقرأ في الكتاب المقدس: “أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنْتَ تَنْظُرُ وَإِذَا بِتِمْثَال عَظِيمٍ. هذَا التِّمْثَالُ الْعَظِيمُ الْبَهِيُّ جِدًّا وَقَفَ قُبَالَتَكَ، وَمَنْظَرُهُ هَائِلٌ. رَأْسُ هذَا التِّمْثَالِ مِنْ ذَهَبٍ جَيِّدٍ. صَدْرُهُ وَذِرَاعَاهُ مِنْ فِضَّةٍ. بَطْنُهُ وَفَخْذَاهُ مِنْ نُحَاسٍ. سَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ. قَدَمَاهُ بَعْضُهُمَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ. كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى أَنْ قُطِعَ حَجَرٌ بِغَيْرِ يَدَيْنِ، فَضَرَبَ التِّمْثَالَ عَلَى قَدَمَيْهِ اللَّتَيْنِ مِنْ حَدِيدٍ وَخَزَفٍ فَسَحَقَهُمَا. فَانْسَحَقَ حِينَئِذٍ الْحَدِيدُ وَالْخَزَفُ وَالنُّحَاسُ وَالْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ مَعًا، وَصَارَتْ كَعُصَافَةِ الْبَيْدَرِ فِي الصَّيْفِ، فَحَمَلَتْهَا الرِّيحُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهَا مَكَانٌ. أَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي ضَرَبَ التِّمْثَالَ فَصَارَ جَبَلاً كَبِيرًا وَمَلأَ الأَرْضَ كُلَّهَا. هذَا هُوَ الْحُلْمُ. فَنُخْبِرُ بِتَعْبِيرِهِ قُدَّامَ الْمَلِكِ. (دانيال 31:2-36)
وأما التبشير برسول اسمه “أحمد”، فلا نجده صريحا في العهد الجديد، وهذا أمر متوقع. فإذا كان رجال الدين في المسيحية قد قسموا الإله إلى ثلاث قطع أو أجزاء فيما يعرف بالثالوث المقدس، فهل من الغريب أن يطمسوا ذكر النبي محمد فيما تبقى من النصوص المقدسة لديهم؟
ومع ذلك، قد تشير كلمات “المعزي” و”روح الحق” الواردة في الأعداد التالية إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
فنحن نقرأ: “وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ. لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ”. (يوحنا 16:14-18)
كما نقرأ أيضا: “وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي”. (يوحنا 26:15)
هل ذكر المسيح أنه لا نبي بعده؟
وأخيرا، وعلى أسوء تقدير، فإن السيد المسيح، إن لم يبشر بالنبي محمد، فهو لم ينف بعثته بصفة خاصة أو بعثة نبي بعده بصفة عامة. وإنما حذر فقط من الأنبياء الكذبة الذين يظهرون في كل مكان وزمان. وفرّق بينهم وبين الأنبياء الحقيقيين. وعن ذلك نقرأ في العهد الجديد:
«اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَاب الْحُمْلاَنِ، وَلكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِل ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَبًا، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِينًا؟ هكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَارًا جَيِّدَةً، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَارًا رَدِيَّةً، لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا رَدِيَّةً، وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا جَيِّدَةً. كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. فَإِذًا مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. (متى 15:7-20)
النبي محمد في القرآن
إن ما ورد في القرآن الكريم عن النبي محمد يؤكد صدق نبوته صلى الله عليه وسلم من جانب، كما يؤكد سماوية مصدر القرآن الكريم من جانب آخر.
وذلك أن القرآن يؤكد على مجيء النبي محمد امتدادا للأنبياء والرسل السابقين ويشدد على وجوب الإيمان بهم وبما نزل عليهم من الكتب جنبا إلى جنب مع النبي محمد والقرآن الكريم دون تفرقة أو تمييز. فعلى سبيل المثال نقرأ:
آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (البقرة 285:2)
ومن ذلك أننا لا نجد في القرآن الكريم تأليها ولا إطراءً للنبي محمد على غرار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وإنما تأكيدا متكررا على نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم. فعلى سبيل المثال نقرأ:
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (آل عمران 144:3)
ومن ذلك أيضا أن ذكر النبي محمد في القرآن الكريم يرتبط بالتأكيد على وحدانية الله عز وجل علاوة على تأكيد نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم لجميع الأمم في كل زمان ومكان منذ بعثته صلى الله عليه وسلم وحتى قيام الساعة. فنحن نقرأ على سبيل المثال:
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (الأعراف 158:7)
كما نقرأ أيضا:
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (الأنبياء 25:21)
ومن ذلك كذلك أننا نجد صورة واضحة ودقيقة للنبي محمد دون لبس أو التباس أو خلط. فهو في القرآن الكريم النبي الأمي ورسول الله وخاتم النبيين والشاهد والمبشر والنذير والداعي إلى الله والسراج المنير. فعلى سبيل المثال نقرأ:
مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (الأحزاب 40:33)
ونقرأ:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (الأحزاب 45:33-46)
كما نقرأ أيضا:
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (الجمعة 2:62)
_________
المراجع:
- القرآن الكريم
- الكتاب المقدس
_________
اقرأ أيضا:
17-النبي داود (داوود) عليه السلام
[opic_orginalurl]