على ضفاف الساحل الشمالي الغربي لقارة أمريكا الجنوبية، وفي أحضان غابات الأمزون الكثيفة.. نحلق عالياً فوق جبال الأنديز الشامخة.. ونتساءل:
كيف دخل الإسلام إلى تلك البلاد؟
وهل كان للأسبان دور في ذلك مثل ما هو الحال في معظم دول أمريكا اللاتينية؟
وكيف هو حال المسلمين اليوم هناك؟
هذا ما سنعرفه من خلال السطور التالية.. فإلى هناك؛ لنتعرف أولاً على: “جمهورية الإكوادور”.
أين تقع جمهورية الإكوادور؟
تتميز “الإكوادور” بموقعها في الشمال الغربي لقارة أميركا الجنوبية على المحيط الهادي، حيث تمر الدائرة الاستوائية بالقسم الشمالي من أراضيها.
تحدها “كولومبيا” من الشمال و”بيرو” في الشرق والجنوب، والمحيط الهادي إلى الغرب. ومن الجدير بالذكر أن أطول حدود لها مع جمهورية “بيرو”، وقد كانت هذه الحدود مصدر اضطراب وحروب بين البلدين فقدت على أثرها جمهورية “الإكوادور” جزءاً من أراضيها.
و”الإكوادور” و”تشيلي” هما البَلَدان الوحيدان في أميركا الجنوبية اللذان ليس لديهما حدود مع البرازيل. وتشمل “الإكوادور” أيضاً جزر “غالاباغوس” في المحيط الهادئ، إلى الغرب من البر الرئيسي.
كيف تكونت “الإكوادور” الحالية؟
دولة “الإكوادور” هي جمهورية ديمقراطية تمثيلية في أميركا الجنوبية، كانت قبل احتلال الأسبان لها قسمًا من إمبراطورية “ألانكا” التابعة لحكم الهنود الأمريكيين، واحتلها “بليزارو” الأسباني في سنة 939هـ – 1532 م، واستمر الاحتلال الأسباني سنة 1237هـ – 1821م، ثم انضمت إلى دولة “كولومبيا” الكبرى بزعامة “بوليفار” في سنة 1238هـ 1822م، ثم انفصلت “إكوادور” عن هذا الاتحاد في سنة 1246هـ – 1830م.
عاصمتها مدينة “كيتو”، وأكبر مدنها “جواياكيل”، وسكانها أكثر من مليون نسمة، وهي أهم موانيها، ومن مدنها “وكونيكا”، و”امباتو”، ولقد فقدت “إكوادور” قسمًا كبيرًا من أرضها الواقعة في نطاق حوض نهر الأمازون نتيجة حروبها مع جمهورية بيرو، ووقعت بين البلدين معاهدة “ريو” في سنة 1361هـ – 1942م ولا تزال العلاقات متوترة بين الدولتين.
وتبلغ مساحتها (283.561) كيلو مترا مربعا،
أهم المعالم الجغرافية:
تنقسم أرضها إلى ثلاثة أقسام تضاريسية: أولها المرتفعات (the Sierra) وهي قسم من جبال الإنديز، وتشكل العمود الفقري للبلاد، وتمتد حوالي 640 كيلو مترا من الشمال إلى الجنوب، وتتكون من سلسلتين جبليتين: شرقية، وغربية، وتحصر السلسلة سهلا يضم أحواضا داخلية، والقسم الثاني من تضاريسها يمثل السهول الساحلية غرباً، ويطل على المحيط الهادي، وتتخلل التلال هذا القسم خصوصا عند سفوح الإنديز.
المناخ
يتسم مناخها بالتناقض، فالقسم الجبلي يتصف بالمناخ البارد، حيث تنخفض درجة الحرارة إلى درجة التجمد فوق قممها العالية، وتسقط الأمطار فوق المرتفعات بين شهري نوفمبر ومايو، وتنمو الغابات فوق السفوح المنخفضة، تعلوها الحشائش، ويسود النطاق الساحلي مناخ استوائي حار رطب، وتسقط الأمطار الغزيرة في شمال هذا النطاق، وتنمو الغابات الاستوائية وغابات المنجروف على الساحل، ويسود القسم الشرقي من البلاد مناخ حار رطب.
اللغة والسكان:
اللغة المحلية الرئيسية في الإكوادور هي الإسبانية (94٪ من السكان)، وهي اللغة ذات الاستعمال الرسمي في المجتمعات الأصلية، إلى جانب لغات الكيتشوا، والشوار، و11 لغة أخرى.
يبلغ عدد سكانها في إحصاء سنة 1408هـ – 1988م حوالي:10.2 ملايين نسمة.
الديانة: 95% كاثوليك- 5% ديانات أخرى.
ويسكن جمهورية الإكوادور مجموعة مختلفة ومتنوعة من السكان، وهذا التنوّع الكبير في المواطنين جعل جمهورية “الإكوادور” واحدة من ضمن سبعة عشر بلدا تتميّز بالتنوّع البيولوجي الكبير والشديد في العالم.
النشاط البشري
الزراعة هي الحرفة الأولى، وتنقسم البلاد إلى نطاقين زراعيين: فالنطاق الساحلي والأراضي المنخفضة يشكلان نطاقا تسود فيه المزارع المدارية، وتسوده حاصلات المناطق الحارة، حيث يزرع الأرز، والذرة، والموز، والبن والكاكاو، والنطاق الثاني يسوده المرتفعات، حيث تزرع حاصلات المناطق المعتدلة، مثل: القمح، والشعير، والبطاطس، وقدرت ثروتها الحيوانية بحوالي 3 ملايين من الأبقار، 3 ملايين من الأغنام، وبالبلاد ثروة غابية، وبلغ الإنتاج السنوي من الأخشاب 4 ملايين من الأمتار المكعبة، ويستخرج من أرضها الذهب، والفضة، والنحاس، والرصاص، الزنك، ويستخرج كذلك الفحم والبترول.
كيف وصل المسلمون إلى الإكوادور؟
وصلها الإسلام حديثا في الفترة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، وانهيار الدولة العثمانية، حيث هاجر إليها عدد من السوريين واللبنانيين، والفلسطينيين، والمصريين، ويعيش المسلمون في منطقة العاصمة “كيتو”، وفي الميناء الرئيسي “جواكيل”، وتجمعات بسيطة في “مانابي” و”لوس ريوس” و”إزميرالدس”.
وقد أسس العرب المسيحيون والمسلمون منظمة عرقية لا دينية اسمها Lecla في الأربعينيات والنادي العربي في الثمانينيات. وفي منتصف التسعينيات، بدأ تحول المواطنين الإكوادوريين للإسلام، واستأجروا مع العرب مكانًا لإقامة صلوات الجمعة. ثم وفرت السفارة المصرية موقعاً للغرض نفسه، ثم تأسس مسجد خالد بن الوليد عام 1991، كما أسست الحكومة المركز الإسلامي الإكوادوري في: 15 أكتوبر 1994، وأغلب المسلمين هناك من أهل السنة والجماعة.
المركز الإسلامي والدور الدعوي المتميز في الإكوادور
تولى د. “يحيى خوان سوكيلي” ، وزوجته د. “ليلى دسوم” تأسيس ورئاسة المركز الإسلامي بالإكوادور، حيث أسسا فيه كيانا دعويا جيداً، لا تقتصر أهدافه على خدمة الأقلية المسلمة هناك فحسب، ولكن تركز على التعريف بالدين الإسلامي ودعوة غير المسلمين للدخول فيه، وفي أحد الحوارات التي أجريت معه سُئل د.يحي:
“تم إدراج اسمك في قائمة “أكثر 500 مسلم مؤثِّر في العالم” لعام 2009، لماذا اختاروكَ في اعتقادكَ؟”
فأجاب د. يحيى خوان سوكيلي: نعم، لقد كان اسمي واسم زوجتي ضمن هذه القائمة، أَعتقد أنَّ السبب الأساسي في ذلك هو أعمال الترجمة التي قمْنا بها، لقد كانت هذه الأعمال رائدة حقًّا، فلقد قمنا بهذه الترجمات قبل 25 عامًا، ولم يكن هناك أية مطبوعات باللغة الإسبانية تتحدَّث عن الإسلام آنذاك، وكانت أسطوانة (CD) التي سجَّلتُها بصوتي عن حياة النبي -صلى الله عيه وسلم- هي أول عمَل يتعلَّق بالسيرة النبوية باللغة الإسبانية؛ ولذلك أنا أعتقد أنه كان لهذه الترجمات أثرٌ كبير في دخولنا هذه القائمة” .
أما عن الدور الذي يؤديه المركز الإسلامي في الإكوادور، فهو يمثل المسلمين لدى الحكومة ومهمته التعريف بالإسلام للمسلمين وغيرهم، وتعليم اللغة العربية وترجمة بعض الكتب والموسوعات الإسلامية من اللغتين العربية والإنجليزية إلى اللغة الإسبانية التي يتحدث بها أهل الإكوادور.
كما أن المركز يقدم خدمات عديدة للمسلمين، وبه قاعات لتلقي الدروس وإلقاء الخطب والمحاضرات الدينية والندوات التي تحظى بإقبال المسلمين خاصة خلال شهر رمضان، كما يحتوي على مسجد للرجال والنساء خاصة، والنساء يعتبرن الذهاب للمسجد سبباً لتقوية صلتهن بالدين الإسلامي والحفاظ على هويتهن وهوية أبنائهن من الذوبان في المهجر.
وبما أن الشعب الإكوادوري لا يعرف عن الإسلام سوى الصورة المشوهة التي يبثها الإعلام الغربي، فلذلك يبذل المركز الإسلامي كل جهوده في الرد على تلك الشبهات وتوضيح الوجه المضيء للإسلام.
وقد جاء في تصريحات المسئولين عن المركز أن كثيرا من الإكوادوريين يعتنقون الإسلام بعد تعرفهم على تعاليمه السمحة، ورغم أن المسلمين أقلية في الإكوادور فإنهم يتمتعون بحرية تامة في ممارسة شعائر دينهم، فارتداء المرأة المسلمة للحجاب –كمثال- لا يعترض عليه أحد، ولكنهم يواجهون مشكلات أخرى مثل نقص المساجد والمدارس الدينية.
تأثير أحداث 11 سبتمبر على مسلمي الإكوادور
ويرى المسئولون عن المركز الإسلامي بـ”الإكوادور” أن أحداث 11 سبتمبر 2001 وما تلاها من حملات تشويه لصورة الإسلام والمسلمين انعكس بشكل إيجابي على المسلمين في جمهورية “الإكوادور” أكثر مما توقع الجميع، حيث أدت إلى تزايد عدد المترددين على المركز الإسلامي من غير المسلمين للسؤال والاستفسار عن الإسلام، وكان معظمهم طلاب جامعات ورجال الإعلام ومثقفين، واعتنق عدد كبير منهم الإسلام بعد ذلك.
وأوْضحوا أنّ العداء للإسلام لم يكن وليد هجمات 11 سبتمبر 2001 بل كان موجودا قبل ذلك نتيجة الصورة الذهنية الخاطئة لدى الغرب عن الإسلام، والتي قد يساهم فيها ما يرتكبه بعض المسلمين من أخطاء، إضافة إلى تقصير بعض المسلمين في اتباع تعاليم دينهم خاصة فيما يتعلق بمعاملة المرأة، رغم أن دينهم وضعها في مرتبة سامية لم تحظ بها في أية حضارة أخرى.
أهم متطلبات المسلمين في الإكوادور
. توفير المزيد من الكتب الإسلامية باللغة الأسبانية مع ترجمة معاني القرآن الكريم إلى الإسبانية.
. دعم الجمعية الإسلامية بإيفاد الدعاة والمدرسين إلى هناك.
. زيادة التوعية من أجل مكافحة الزواج المختلط بينهم.
. إنشاء مركز إسلامي في العاصمة “كيتو”.
_____
* المصدر: مفكرة الإسلام.
[ica_orginalurl]