مما لا شك فيه أن دراسة موضوع المرأة في الأحاديث الموضوعة أمر بالغ الأهمية لخطورته ولما له من أثر سيء على الأمة الإسلامية؛ فالمرأة ظُلمت قديما وحديثا، وعانت من العلمانيين والمستشرقين الذين حاولوا أن يلصقوا بالإسلام تهمة ظلم المرأة، وحاولوا استغلالها بصورة بشعة…
إعداد/ فريق التحرير
لا شك أن الاضطهاد أو التمييز الذي تعاني منه بعض النساء في مجتمعاتنا العربية يُعد دافعا قويا ومباشرا نحو تفلتها من القيم الدينية وانسلاخها عن التقاليد والآداب المجتمعية بل واندفاعها نحو هوة الإلحاد.. خاصة في ظل تزايد درجات التفاعلية على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، وإمكانية تلاقي الآراء والأفكار بحرية وبلا رقيب.
وكلمتيّ اضطهاد وتمييز تحملان معانٍ وأشكال متعددة لكن يظل أشدها خطورة –من وجهة نظرنا- هو التمييز المُمارس ضد المرأة بذرائع دينية أو تحت مسميات شرعية بدون فهم حقيقي لقواعد الدين الحنيف، ورؤية واعية ودراسة فاحصة لكل ما يتعلق بالمرأة من نصوص وتشريعات.
ولعل الأسوأ في تلك القضية من كون ذلك التمييز والتضييق على المرأة والنظر لها نظرة دونية يأتي من بعض أفراد أسرتها أو من المحيطين بها في دوائر المجتمع المختلفة.. الأسوأ أن يأتي ذلك في خطابات يوجهها بعض الدعاة ضعيفي المعرفة الدينية مُدَّعين أن تلك سنة النبي المطهرة التي يجب الاقتداء بها، ومؤسسين بغير شعور لقواعد مُضيعة لحقوق المرأة بمبررات شرعية مقبولة!
ورغم تلك الحالة المتردية في بعض الخطابات المُوقعة باسم الشرع إلا أن الكثيرين من الدعاة الملمين بعلوم السنة المطهرة وعلم أصول الحديث كانت لهم كلمة فاصلة عبر دراسات وأبحاث منشورة ومعتمدة.. تبين الحقيقية في الكثير من الأحاديث المُهينة للمرأة والتي ثبت كونها موضوعة ومكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصلها أو في نسبتها.
من ذلك بحث/ صادق بن محمد الهادي[1] والذي حدد فيه مجموعة من الأحاديث الشهيرة التي ثبت كونها موضوعة أو عبارات شخصية لعلماء أو فقهاء ونسبت للنبي صلى الله عليه وسلم، أو ضعيفة لا ترقى لدرجة الاستشهاد بها وتعميمها.
من ذلك ما يلي:
- (شاوروهن وخالفوهن)، يعني: النِّساء؛ قال السيوطي: “باطل لا أصل له“، كما أنها تُخالف ما جاء في قوله – تعالى -: “…عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ…” (البقرة: 233)، وتُخالف أيضًا ما ثَبَتَ عنه – عليه الصَّلاة والسلام – من مشورة بعضِ أزواجه في بعض الأمور وعمله بمشورتهن، كما شاور زوجته “أم سلمة” في صلح الحديبية وعمل بمشورتها[2]
- (النساء مصابيح البيوت؛ ولكن لا تعلِّموهن) ، موضوع، وهو من عجيب ما وُجد في أحاديث النِّساء المشتهرة على ألسنة الناس؛ لأنَّ صدره ثناء على المرأة؛ وعجزه ذم لهن، وهو مُخالف لما أمر الله – تعالى – به ورسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم – في تعليم النساء، ومخالف أيضًا لعموم حديث: (طلب العلم فريضة على كلِّ مسلم) ، وعموم غيره مما صح في تعليم النساء.
- (إذا قالت المرأة لزوجها: ما رأيت منك خيرًا قطُّ، فقد حبط عملها)، موضوع.
ومن الأحاديث الشهيرة بين العوام، بل وحتى بين بعض الوعاظ والدعاة ما يلي[3]:
- (إياكم وخضراءُ الدِّمن فقيل: ما خضراء الدِّمن؟ قال المرأةُ الحسناء في المنبت السوء). قال العراقي: ضعيف وضعفه ابن الملقن. قال الألباني: ضعيف جداً.
- (تزوجوا ولا تطلقوا، فإن الطلاق يهتز له العرش). موضوع.
- (أبغض الحلال إلى الله الطلاق). ضعيف
مما لا شك فيه أن دراسة موضوع المرأة في الأحاديث الموضوعة أمر بالغ الأهمية لخطورته ولما له من أثر سيء على الأمة الإسلامية؛ فالمرأة ظُلمت قديما وحديثا، وعانت من العلمانيين والمستشرقين الذين حاولوا أن يلصقوا بالإسلام تهمة ظلم المرأة، وحاولوا استغلالها بصورة بشعة، مما أوجب ضرورة تفنيد أحد الأسس التي أدت إلى تشويه صورة المرأة وذلك من خلال الأحاديث الواهية التي ربما تحجج بها أولئك القوم في تشويه صورة الإسلام، أو رددها بعض المسلمين الجهلة دون علم أو فهم، وربما انطلقوا من عادات خاطئة عززتها مفاهيم غير سليمة مبنية على نصوص واهية. [4]
الهوامش:
[1] – المرأة في السنة النبوية المطهرة، مادة رُشحت للفوز في مسابقة كاتب الألوكة، http://www.alukah.net/publications_competitions/0/6525/
[2] – عندما أمر النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – أصحابَه أن يحلقوا ويُقَصِّروا شعورهم، ويتحلَّلوا من إحرام العمرة، فشق عليهم ذلك، فأشارت عليه السيدة أم سلمة بأن يخرج إليهم ويتحلل من إحرامه على مرأى منهم؛ فيقتدون به، وكان ذلك.
[3] – إحسان بن محمد العتيبي، مائة حديث من الأحاديث الضعيفة والموضوعة منتشرة بين الخطباء والوعاظ، موقع طريق الإسلام، http://bit.ly/2o8GIfy
[4] -طالب حماد أبو شعر، أستاذ مشارك بقسم الحديث الشريف وعلومه بكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية – غزة ، دراسة بعنوان: الأحاديث الموضوعة في المرأة وخطرها على الإسلام.
________________________________________
[ica_orginalurl]