يُعرف الخير بسبب وجود الشر .. ويُعرف الحق بضده؛ فنعمة الخير تُعرف بشرِّ فقدانها .. والحق يُعرف قدره بمعرفة ضده من الباطل..!
إعداد فريق التحرير
يصنف البعض الكثير من الشبهات والاستفسارات الدينية واضعا إياها تحت مظلة الإلحاد.. غافلا عن كون الإلحاد كمفهوم عام ينقسم ويتفرع لعدة أقسام.. من بينها مفهوم اللادينية أو الربوبية.. والتي تُعتبر اتجاها فكريا يرفض مرجعية الدين في حياة الإنسان ويؤمن بحق الإنسان في رسم حاضره ومستقبله واختيار مصيره بنفسه دون وصاية دين أو التزام بشريعة دينية، وترى أن النص الديني هو مجرد نص بشري محض لا ينطوي على قداسة خاصة ولا يعبر عن الحقيقة المطلقة.
فهم فرقة يؤمنون بوجود خالق ولا يؤمنون بأي ديانة.. و يعتقدون أن الله خلق الكون وجعل له نظاما لكنه لا يتدخل به، وسبب هذا الاعتقاد كما يدعون أنهم لا يرون تدخل الخالق في الكوارث الطبيعية وأنه لا يوجد دليل على تدخله.
لا يسألون الله في شدة ولا في رخاء لئلا دليل بزعمهم على أن الله يستجيب الدعاء، ويعتقدون بأن الله خلقهم وخلق لهم نظامهم وهي الطبيعة وتركهم لكي يتمتعون بحياتهم.
وعليه فإن كل ملحد هو لاديني.. ولكن ليس كل لاديني ملحد تماما خالصا في إلحاده.
ولمن يعتنقون الفكر اللاديني مجموعة شبهات خاصة سنحاول جمعها وترتيبها ونشر الأجوبة المتعلقة بها في سلسلة مقالات خاصة…
من الأفكار اللادينية/ وجود الشر.. لماذا سمح الله به؟!!
الشبهة الثانية:
سؤال يطرحه البعض: لماذا خلق الله سبحانه الشر؟ أوليس الله عز وجل خير محض؟! فها هي الكوارث الطبيعية، والحشرات السامة، كما خلق الحيوانات التي تفتك بغيرها.. كما خلق إبليس اللعين وخلق فرعون و هامان وكل طواغيت الأرض؟
يجيب العلماء بأن الشر.. ينظر له من زاويتين:
الزاوية الأولى: وهي النظرة النسبية.. فبعض الشرور بالنسبة لي هي خير لغيري.. فمثلا الشر الذي في الأفعى أو العقرب هو شر بالنسبة لي لكنه خير بالنسبة إليها فهو سبيلها للبقاء والغذاء، كما أن بعض السموم تستخدم في العقاقير الطبية ومن هذه الجهة فهي خير لغيري.
وكذلك الزلازل فبعضها ينشأ بواسطة طرق اصطناعية وبعضها بصورة طبيعية ولولا هذه الزلازل ما تغيرت تضاريس الأرض وقشرتها.
إن الإنسان بطبيعته يجهل أين يكمن الخير وأين يكمن الشر فنظرته محصورة محدودة.. وكثيرا ما ينظر للأمور من خلال نفسه وإن ابتعد ستكون نظرته شاملة.
الزاوية الثانية:
أن الخير يُعرف بسبب وجود الشر .. وأن الحقّ يُعرف بضده؛ فنعمة الخير تُعرف بشرِّ فقدانها .. والحق يُعرف قدره بمعرفة ضده من الباطل..!
كيف تعرف نعمة التوحيد وفضله عليك.. وأنت تجهل الشرك.. وما يُجلبه من شرور وأضرارٍ على صاحبه في الدنيا والآخرة ؟!
كيف تعرف نعمة الصحة.. و أنت لا تعرف المرض.. ولم تجربه؟!
كيف تعرف نعمة الشبع.. وأنت لا تعرف الجوع.. ولم تجربه..؟!
كيف تعرف نعمة الغِنى.. وأنت لا تعرف الحاجة ولا الفقر.. ولم تجربهما..؟!
كيف تعرف نعمة الوصل.. والعيش مع الأهل والأحبة.. وأنت لا تعرف شر وفتنة وآلام الفراق..؟!
كيف تعرف نعمة العلم.. وأنت تجهل الجهل وآثاره.. وهكذا كل شيءٍ فإنه لكي يُعرف على حقيقته لا بد أن يُعرف ضده.
وبهذا نكون قد وصلنا إلى (نتيجة هي أن وقوع الشر في العالم لا يناقض رحمة الله ولا يعارض اتصافه بصفات الخير نظرًا لكون هذا الشر سبيلٌ إلى خيرٍ أكبر وأعظم عن طريق اللزوم العقلي والمنطقي. لكن هذا اللزوم العقلي والمنطقي معناه واسع للغاية؛ فارتكاب الذنب سبيلٌ إلى التوبة، والبلاء سبيلٌ إلى الصبر والصمود والتحمل، والقتل والشهادة في سبيل الله سبيلٌ إلى أعلى الدرجات في الجنة.
قد يعترض الملحد/ أن الله قادرٌ على إيصال هذا الخير دون وقوع الشر، لكن هذا في الحقيقة غير مقبول من الناحية المنطقية، فلا يتصور عقلاً كيفية وجود صفات الصبر والصمود وتحدي الصعاب – وهي من معاني الخير – دون وقوع البلاء، وكذلك لا يتصور حدوث التوبة دون ذنب، ولا نيل الدرجات العلى دون استحقاقها بالشهادة في سبيل الله، وغيرها من الأمثلة.
والله جل وعلا ربط الأسباب بمسبباتها شرعًا وقدرًا، وجعل الأسباب محل حكمته في أمره الكوني وأمره الشرعي ومحل ملكه وتصرفه، فإنكار الأسباب والقوى والطبائع جحد للضروريات العقلية وقدح في العقول والفطر. فقد جعل الله سبحانه مصالح العباد في معاشهم ومعادهم والثواب والعقاب والحدود والكفارات والأوامر والنواهي والحلال والحرام كلها مرتبطة بالأسباب وقائمة بها. بل المرء نفسه وصفته وأفعاله سبب لما يصدر عنه، بل الموجودات كلها أسباب ومسببات. والشرع كله أسباب ومسببات. والمقادير أسباب ومسببات. والقدر جارٍ عليها ومتصرف فيها. فالأسباب محل الشرع و القدر.)
لمزيد من المعلومات حول جواب الشبهة ذاتها يمكن مراجعة المقال التالي:
اللادينية.. معضلة وجود الشر على الأرض (الجزء الأول)
________________________________________________________
المراجع:
- العلم والايمان والرد على الشبهات
http://sciencewislam.blogspot.com/2016/08/blog-post_96.html
- منتدى التوحيد
[ica_orginalurl]