إنها هي هي سواء في المسيحية أو في الإسلام! في الحقيقة تعتبر القيم والمناقب والأخلاق في مجملها واحدة في المسيحية والإسلام أو تكاد تكون واحدة أو على الأقل متشابهة ومتقاربة تقاربًا كبيرًا. وعندما نبحث في تلك القيم والمناقب سواء في الكتاب المقدس أو في القرآن المجيد وأحاديث السنة، يمكننا بل نستطيع أن نؤكد دون أن نقع في أية مخالفة للموضوعية العلمية أن مكارم الأخلاق ونبل المناقب ورقي القيم هي واحدة عند المسيح ومحمد.
وتقوم هذه القيم والمناقب أول ما تقوم وتبنى على خير الإنسان وخير قريبه من أسرة أو عائلة بما فيها من زوجة وأولاد وأقارب إلى جار وصديق ورفيق ثم على خير الناس والمجتمع، كل المجتمع الذي يعيش فيه ذلك الإنسان المسيحي. فالمكارم والصالحات والنافع والمحق هي من دعائم القيم والمناقب المعنية سواء عند مؤمني الإنجيل أو مؤمني القرآن.
يشير القرآن في آي الذكر الحكيم إلى ذلك فيقول:
إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا … لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا. وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا … وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا … وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا. وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا … وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا. وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا. وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا. وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا. وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا. وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا. وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا. (الإسراء 17: 9-37).
كما يشير القرآن إلى التصرف الطيب والسلوك النبيل في كثير من سوره وآياته من بدء الكتاب وفاتحته حتى ختامه. ويبين القرآن أن حسن الأعمال من جوهر الإيمان وصلب الدين. فنقرأ في القرآن الكريم ما يلي:
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ … (الماعون 107 :1-3).
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى. فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى. وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى. إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى. وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى. فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى. لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى. الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى. وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى. الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى. وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى. إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى. وَلَسَوْفَ يَرْضَى (الليل 92 :4-21).
أما الكتاب المقدس فله في هذا الباب النير صولات وجولات. فنقرأ في الكتاب المقدس ما يلي:
“… يا ابني اصغ إلى كلمات حكمتي وارهف أذنك إلى أقوالي: … الرجل المغتاب، الرجل الأثيم هو من يسعى بنميمة الفم الكاذبة. ويغمز بعينيه، ويشير برجليه، ويكشف عن نواياه بحركات أصابعه. يخترع الشر بقلب مخادع ويثير الخصوصات دائما لذلك تغشاه البلايا فجأة، وفي لحظة يتحطم ويستعصي شفاؤه. ستة أمور يمقتها الرب، وسبعة مكروهة لديه: عينان متعجرفتان، ولسان كاذب، ويدان تسفكان دما بريئا، وقلب يتآمر بالشر، وقدمان تسرعان بصاحبهما لارتكاب الإثم، وشاهد زور ينفث كذبا، ورجل يزرع خصومات بين الإخوة” (العهد القديم، سفر الأمثال– الفصل السادس– من العدد 12 إلى العدد 19).
كما تشير أسفار المسيحيين إلى أهمية القيم والمناقب والأخلاق فتقول:
“… يا إخوتي، هل ينفع أحد يدعي أنه مؤمن وليس له أعمال تثبت ذلك، هل يقدر إيمان مثل هذا أن يخلصه؟ لنفرض أن أخًا وأختًا كانا بحاجة إلى الثياب والطعام اليومي، وقال لهما أحدكم: أتمنى لكما كل خير، البسا ثيابا دافئة وكلا طعاما جيدا، دون أن يقدم لهما ما يحتاجان إليه من ثياب وطعام، فاي نفع في ذلك؟ هكذا نرى أن الإيمان وحده ميت لم لم تنتج عنه أعمال. وربما قال أحدكم: أنت لك إيمان وأنا لي أعمال. أرني كيف يكون إيمانك من غير أعمال، وأنا أريك كيف يكون إيماني بأعمالي. أنت تؤمن أن الله واحد؟ حسنا تفعل! والشياطين أيضا تؤمن بهذه الحقيقة ولكنها ترتعد خوفا. وهذا يؤكد لك أيها الإنسان الغبي أن الإيمان الذي لا تنتج عنه أعمال صالحة حسنة وخيرة هو إيمان ميت!” (العهد الجديد – رسالة الحواري يعقوب الرسول – الإصحاح 2 – الأعداد 14 حتى 20).
المصدر: محاور الالتقاء ومحاور الافتراق بين المسيحية والإسلام– غسان سليم سالم– دار الطليعة- بيروت
[ica_orginalurl]