يطلق القرآن الكريم على من تصيب فطرتهم أحد الأنماط المختلفة من الطمس والانحراف اصطلاح (الكافرون). و(كَفَرَ) بمعنى (غطَّى)، أي أن فطرتهم قد غطاها ما غطاها من ران. وهؤلاء (الكافرون) قد يكونون (مدعون) أو (منكرون) أو (مشركون) أو (ضالون)…
د. عمرو شريف
يرى الكثير من المفسرين أن القرآن الكريم لم يتناول قضية الوجود الإلهي، باعتبارها فطرة في النفس البشرية، لذلك اتجه القرآن مباشرة إلى تناول أنماط الانحراف المختلفة عن هذه الفطرة.
و نحن نختلف مع هذا الرأي؛ فالكثير من آيات القرآن الكريم تدور حول إثبات حقيقة الوجود الإلهي، كما تدعو الإنسان للنظر في آيات الآفاق والأنفس حتى يتبين أن القرآن حق وأن الإله حق.
والقرآن الكريم باعتباره موجها للبشر جميعا، وباعتباره خاتم الرسالات السماوية كان طبيعيا أن يخاطب البشر جميعا، ابتداء من المؤمنين صادقي الإيمان إلى مدعي الألوهية، مرورا بجميع أشكال الطمس والانحراف التي يمكن أن تصيب الفطرة الإنسانية..
وإليكم أهم أنماط هذا الانحراف كما جاءت في القرآن الكريم:
- يقول الحق عز وجل: “قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ. لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ. وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ. وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ” (الكافرون:1-5).
يطلق القرآن الكريم على من تصيب فطرتهم أحد الأنماط المختلفة من الطمس والانحراف اصطلاح (الكافرون). و(كَفَرَ) بمعنى (غطَّى)، أي أن فطرتهم قد غطاها ما غطاها من ران. وهؤلاء (الكافرون) قد يكونون (مدعون) أو (منكرون) أو (مشركون) أو (ضالون).
- يتناول القرآن الكريم (مُدَّعو الألوهية) من خلال القصص القرآني، فيحدثنا عن نمرود إبراهيم وفرعون موسى. وهذا الادعاء هو أشد أشكال الانحراف عن الفطرة السوية.
وهؤلاء تقابلهم في العصر الحديث المدارس الفكرية المادية التي جعلها المنكرون لله عز وجل آلهة يتبعونها؛ كالداروينية والماركسية. ويمتد الادعاء ليشمل أيضا (ادعاء النبوة).
ويقول القرآن الكريم في ادعاء النبوة وادعاء الألوهية: “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ…” (الأنعام:93).
- يطلق القرآن الكريم على (المنكرون) لوجود الله تعالى اسم (الدهرية). وهذه الطائفة من العرب شعارها: ما هي إلا أرحام تدفع وقبور تبلع وما يهلكنا إلا الدهر، لذلك قال فيهم الله تعالى: “وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ…” (الجاثية:24).
وجاء في (موسوعة المفاهيم) للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية؛ أن (الدهرية) مذهب كل من اعتقد في قِدم الزمان والمادة والكون، وأنكر الألوهية والخلق والعناية والبعث والحساب.
كما يرون أن الموجب للحياة والموت هي طبائع الأشياء وحركات الأفلاك، ويعتقدون أن الحياة دورات تتكرر كل 36 ألف سنة.. يعود بعدها كل شيء إلى ما كان عليه.!
والدهرية أصل كل مذاهب الإلحاد والمادية التي عرفتها البشرية، كما يمكن اعتبار الفلسفة الوضعية الحديثة أحدث صور الدهرية القديمة. وهؤلاء الدهرية المنكرون للألوهية هم أقرب الكافرين من (الملاحدة) المعاصرين.
_____________________________________
المصدر: د. عمرو شريف، الإلحاد مشكلة نفسية، نيو بوك، الطبعة الثانية، 2016.
[ica_orginalurl]