الضوابط الشرعية لحماية الزواج
جرت سنة الله في تشريعاته بحمايتها وحماية تنفيذها من أي استغلال يخرج بها عن مقاصدها، أو يستغلها في غير ما وضعت له.
وقد كان من حكمته تعالى في هذا الباب أن شرع ثلاثة أركان يحمى بها الزواج من أن يصبح نوعا من البغاء، وتحمى بها ثمرات الزواج ـ التي هي مقصوده الأكبر ـ من أن تتقاذفها الطرق والأهواء، وهذه الأركان الثلاثة هي:
الكفاءة: وهي ضرورية لحماية الزوجة ـ التي هي الجانب الأضعف ـ من أن يغر بها من لا يستحقها، وليس كفئا لها، لأن الحياة لا تنتظم إلا بين المتكافئين.. وإن أردنا تشبيها واقعيا مقربا لها، فهو المسابقات التي تجرى للدخول إلى أي مؤسسة، بحيث يشترط في المترشح لتلك المسابقات شروط معينة لا يستطيع الدخول بدونها، حماية للمؤسسة من تسرب من لا يستطيع أداء وظائفها.
الولاية: وهي ضرورية لحماية المرأة من عبث الهاوين، الذين قد يستغلون حاجتها للزواج، فيجعلون منه أحبولة للعب بها، ثم رميها كما ترمى سائر اللعب.. وإن أردنا تشبيها واقعيا مقربا لها، فهي كالمحامي الذي يتخذه صاحب الحق ليدافع له عن حقه، ونحن نعجب ممن يشنع على هذا الأساس المتين، ثم نجده لا يشنع ولا ينكر على أصحاب الحقوق مع ما لهم من قوة وبأس إذا لجأوا إلى المحامين ليتحدثون عن ألسنتهم ويعبروا عن مقاصدهم.
الإشهاد: وهو ضروري، لأن حماية آثار الزواج وحقوقه ومقتضياته تستدعي بينة على ذلك، والإشهاد نوع من أنواع البينات التي أقرها الشارع، كما أقرتها الأعراف البشرية.. ولا عجب في هذا الشرط، لأن الإشهاد والتوثيق يجري الآن على أبسط المعاملات، فكيف لا يجري على هذه المعاملة الخطيرة التي تتوقف عليها حياة أكثر الناس.
ولكن هذه الأسس الثلاثة لحماية الزواج انحرف بها البعض عن مقاصدها، ونتيجة لذلك توجه لها بعض المستغربين بالحرب التي لا يزال وطيسها حاميا..
ولذلك كان من إحقاق الحق، ونصرة الشريعة الحديث عن هذه الأسس وفق النظرة المقاصدية الشاملة لا وفق النظرة المذهبية المحدودة.
[ica_orginalurl]