كثيرا ما يثير الحاقدون على الإسلام والمسلمين وأعداء الحق شبهات كثيرة حول الصوم في الإسلام حيث يتناولونه بالطعن والقدح والتشكيك والتشويه، لذا تعالوا نتعرف على أهم الشبهات التي تثار حول الصوم لاسيما ما طال منها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والرد عليها بإيجاز واختصار من المنظور الإسلامي في ضوء كتاب الله العزيز والسنة النبوية المطهرة.
غضب النبي محمد عند سؤاله عن الصوم
يورد بعض المغرضين حديثا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم يفترض أن النبي محمد قد غضب فيه عندما سئل عن صومه، ويجتزأ هؤلاء المغرضون هذا الحديث ويروونه مبتورا للتعمية على ضحاياهم وفرائسهم وتضليلهم، فلا يذكرون سوى الجزء الأول من الحديث، ولكنهم إن أوردوا الحديث كاملا، لفهموا وأفهموا غيرهم. وفيما يلي نص الحديث كاملا:
عن أبي قتادة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى عمر رضي الله عنه غضبه قال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله فجعل عمر رضي الله عنه يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه فقال عمر يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله قال لا صام ولا أفطر أو قال لم يصم ولم يفطر قال كيف من يصوم يومين ويفطر يوما قال ويطيق ذلك أحد قال كيف من يصوم يوما ويفطر يوما قال ذاك صوم داود عليه السلام قال كيف من يصوم يوما ويفطر يومين قال وددت أني طوقت ذلك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدهر كله صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله (رواه مسلم)
إن معنى الحديث بإيجاز أن النبي غضب من سؤال الرجل عن صومه صلى الله عليه وسلم لأن هذا الرجل أراد أن يشق على نفسه بسؤاله عن صوم النبي. وكان النبي يكره أن يشق على أمته. فعلى سبيل المثال، كان النبي يواصل في الصيام، أي يمسك عن الطعام والشراب والجماع ليلا ونهارا، وليس نهارا فقط مثل عموم المسلمين. وكان النبي يكره أن يواصل المسلمون بوصاله حتى لا يشق عليهم. ولذلك، فقد نهاهم عن الوصال، فعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تواصلوا قالوا إنك تواصل قال لست كأحد منكم إني أطعم وأسقى أو إني أبيت أطعم وأسقى (رواه البخاري)
ومن ثم، فإن النبي غضب من الرجل لأنه كان ينبغي أن يسأل عن صيامه هو بأن يقول: كيف أصوم؟ ولا يقول للنبي: كيف تصوم؟ فلقد كره النبي أن يقلده المسلمون في جميع عباداته حيث أن بعضها تشق عليهم ولا يتحملونها.
عدم إتمام النبي للصوم وإباحته للإفطار
يدلس المدلسون على عموم الناس ويزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتم صومه بل وكان يبيح عدم إتمامه. والحقيقة أن هذا الصوم المزعوم هو صوم التطوع وليس صيام الفريضة في شهر رمضان. ومعلوم أن صيام التطوع فيه ما فيه من المرونة والتيسير ما ليس في صيام الفريضة بشهر رمضان.
ولذلك، كان النبي أحيانا يقطع صوم التطوع ويفطر وكان يبيح ذلك لصحابته فيما دون صيام الفريضة في رمضان. فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يا عائشة هل عندكم شيء قالت فقلت يا رسول الله ما عندنا شيء قال فإني صائم قالت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهديت لنا هدية أو جاءنا زور قالت فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله أهديت لنا هدية أو جاءنا زور وقد خبأت لك شيئا قال ما هو قلت حيس قال هاتيه فجئت به فأكل ثم قال قد كنت أصبحت صائما (رواه مسلم)
عن ام هاني رضى الله عنها: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الفتح فأتى بشراب فشرب ثم ناولنى فقلت: انى صائمه. فقال: ان المتطوع امير على نفسه فان شئت فصومى وان شئت فأفطرى (رواه احمد والدراقطنى والبيهقى والحاكم)
زواج النبي في رمضان
تذكر كتب السير أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أم المؤمنين زينب بنت خزيمة في شهر رمضان، كما تذكر كتب السير أنه تزوج مليكة بنت كعب في شهر رمضان أيضا. فأما السيدة زينب فما من دليل على أن النبي دخل بها في رمضان أصلا. فلا يعني الزواج من امرأة في رمضان الدخول بها فيه بالضرورة. وإن كان قد دخل بها في رمضان، فقد وقع ذلك ليلا بعد الفطر، وما من دليل على أنه صلى الله عليه وسلم دخل بها في نهار رمضان.
أما السيدة مليكة بنت كعب، فقد ذكرت بعض كتب السير أنه صلى الله عليه وسلم دخل بها، وذكرت بعض الكتب الأخرى أنه لم يدخل بها أصلا (الطبقات الكبرى لابن سعد)، فهي من النساء اللاتي تزوجهن النبي دون أن يدخل بهن. وتذكر هذه الكتب أن النبي طلقها قبل الدخول بها، وأذن النبي لقومها بأن يزوجوها من قريب لها.
وإن الزواج بمعنى عقد القران في نهار رمضان لا ينقض الصوم ويجوز للمسلم أن يعقد قرانه في نهار رمضان وأن يدخل بامرأته ليلا بعد فطره. ولا يحرم الجماع إلا في نهار رمضان فقط.
تقبيل النبي نساءه في نهار رمضان
ورد في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل زوجاته ويباشرهن بمعنى يلمسهن في نهار رمضان. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لإربه” (رواه البخاري)
وفي الحقيقة، لا ينقض التقبيل الصوم، وإنما ينتقض بالجماع فقط. فيجوز للمسلم تقبيل امرأته ولمسها سواء بشهوة أو بدون شهوة، ولكن لا يجوز له جماعها في نهار رمضان. فإذا أمن المسلم الوقوع في الجماع، فله أن يقبل زوجته ويلمسها، وإلا فلا.
وأما حديث عائشة أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقبلها ويمص لسانها، فلم يروه إلا أبو داود وحده من طريق مصدع بن يحيى وإسناده ضعيف.
امرأة وهبت نفسها للنبي في رمضان
تذكر بعض كتب السير أن امرأة وهبت نفسها للنبي في رمضان وقيل أن هذه المرأة هي أم شريك، وقيل أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذه المرأة وفقا لقوله تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (الأحزاب 50:33)
وكما يتضح من الآية السابقة، كان يحل للنبي أن يقبل هبة المرأة نفسها له سواء في رمضان أو في غيره. وكان ذلك من خصائص النبي، كما جاز له أن ينكحها دون دخول في نهار رمضان، وكان له الدخول بها ليلا بعد فطره صلى الله عليه وسلم. ولكن ذلك لم يحدث، لأن النبي قبل هبتها نفسها له فقط في رمضان، وليس في ذلك ما ينقض الصوم.
قتال النبي في رمضان
يتعجب البعض من غير المسلمين من خوض النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته لبعض المعارك والغزوات في رمضان مثل غزوة بدر وفتح مكة على اعتبار أن القتال ينافي الصوم. والحقيقة أن القتال في سبيل الله تعالى دفاعا عن النفس أو رفعا للظلم أو استردادا للحقوق المشروعة أو تمكينا للدعوة إلى الله تعالى لا ينقض الصوم وإنما يزيد من ثواب الصوم. فالقتال في سبيل الله عبادة والصوم عبادة، وليس في الجمع بينهما ما يشين المسلم وإنما ما يشرفه.
وإن المسلمين وإن كانوا يقرون بقداسة بعض الأماكن والأزمان، إلا أن رد العدوان والتمكين للدعوة إلى الله تعالى في دينهم مقدم على قداسة المكان والزمان. فعلى سبيل المثال، لا يجوز القتال في المسجد الحرام، ولكن يجوز القتال في المسجد الحرام ردا للعدوان والتمكين لدين الله. يقول الله تعالى في القرآن الكريم:
وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (البقرة 191:2)
وكذلك، لا يجوز القتال في الأشهر الحرم، ولكن يجوز القتال في الأشهر الحرم ردا للعدوان والتمكين لدين الله. يقول الله تعالى في القرآن الكريم:
الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (البقرة 194:2)
اكتحال النبي في رمضان
يستنكر البعض اكتحال النبي في رمضان على اعتبار أن الاكتحال ينافي الصوم وأن الكحل زينة تناقض روح الصوم. والحقيقة أن الكحل لا ينقض الصوم ولم يكن النبي يستخدمه للزينة أصلا. وإنما كان يستخدمه النبي ويوصي باستخدامه حفاظا على صحة العين. فعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اكتحلوا بالإثمد، فإنه يجلو البصر وينبت الشعر (رواه الترمذي وابن ماجة)
وقد روت السيدة عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم اكتحل في رمضان وهو صائم (رواه ابن ماجة)
إفطار الصحابة في نهار رمضان
يجتزأ بعض المغرضين أقوال الصحابة للطعن فيهم والتشكيك في إيمانهم والقدح في ورعهم. فيدعي هؤلاء أن الصحابة كانوا يفطرون في رمضان ويستدلون على ذلك بقول أبي سعيد الخدري: “كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فمنًّا الصائم، ومنَّا المفطر”
وفيما يلي النص الكامل لهذا الحديث: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فمنًّا الصائم، ومنَّا المفطر، فلا يجد الصائم على المفطر -لا يعيب عليه- ولا المفطر على الصائم، ثم يرون أن من وجد قوةً فصام فإن ذلك حسن، ويرون أن من وجد ضعفاً فأفطر، فإن ذلك حسن. (رواه مسلم)
إن الحديث السابق لا يحتاج إلى شرح فهو شارح لذاته، ومعناه أن بعض صحابة رسول الله كانوا يفطرون في نهار رمضان حال الغزو أي القتال في سبيل الله. ولا عجب فهذه رخصة من الله تعالى للمؤمنين. “إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ” (رواه ابن حبان في صحيحه)
فالصحابي في هذه الحال مسافر ناهيك عن كونه غاز في سبيل الله، وله أن يفطر في نهار رمضان إذا وجد في صومه مشقة وأن يقضي يوم أو أيام فطره بعد رمضان وذلك مصداقا لقوله تعالى:
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ (البقرة 185:2)
تمتع الصحابة بالنساء في رمضان عند فتح مكة
كان ما يعرف بنكاح المتعة شكل من أشكال النكاح التي أبيحت في مرحلة معينة وفي ظروف معينة في فجر الإسلام. فلقد أباح النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حال الغزو النكاح المؤقت بعوض، المسمى “نكاح المتعة”، بدلا من الاختصاء أو الوقوع في الزنا . ولقد نهى النبي عن هذا النوع من الزواج عند فتح مكة. فعَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ الْفَتْحِ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ (رواه مسلم)
وما يدعيه المدعون المغرضون من إفطار الصحابة في نهار رمضان نظرا لتمتعهم بالنساء في نهار رمضان عند فتح مكة ادعاء باطل لا أساس له من الصحة ولا يقوم عليه الدليل. ولقد أبطل النبي نكاح المتعة عند فتح مكة كما أسلفنا. وحتى وإن وقع نكاح المتعة عند الفتح، فهو لم يحدث في نهار رمضان وإنما في ليله، وليس هناك ما يدل على أنه وقع في نهار رمضان.
تعليق
إننا نتعجب من تجرؤ بعض أصدقائنا المسيحيين على الإسلام والمسلمين في تناولهم لموضوع الصوم، فعليهم قبل أن يشككوا في الصوم في الإسلام وعند المسلمين أن يسألوا أنفسهم عما إذا كانوا يصومون حقا؟ إن الكتاب المقدس يخبرنا في عهده الجديد أن السيد المسيح صام أربعين يوما على الجبل ثم جاع (متى 2:4)، فهل كان السيد المسيح سيجوع إذا كان صائما الصوم النباتي الذي يصومه المسيحيون الآن؟ إن السيد المسيح ما كان ليجوع إلا إذا كان ممسكا عن الطعام والشراب تماما مثل المسلمين. ولنا أن نسأل: من أين أتى المسيحيون بهذا الصوم النباتي؟ فهل هو موجود في العهد الجديد؟ هل أمر السيد المسيح به؟ وما الدليل على ذلك؟ وهل هذا الصوم النباتي يعد صوما؟ وإذا كان كذلك، فالإنسان النباتي إذاً إنسان صائم بطبعه عندهم. فهل هذا الصوم عبادة حقا؟
وأما زواج النبي وتقبيله نساءه خلال شهر رمضان، فليس فيه كما أسلفنا ما ينقض الصوم. وكيف لمسيحي أن يشكك في عفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والكتاب المقدس يخبرنا أن الأنبياء كانوا يزنون؟ (التكوين 30:19-39) (صموئيل الثاني 2:11-5)
وأما قتال النبي وصحابته في رمضان، فما المشكلة في ذلك؟ ألم يأمر الكتاب المقدس بقتل ذكور الشعوب والأمم الأخرى واغتنام نسائهم وأطفالهم وبهائمهم إن أبوا أن يستعبدهم اليهود ويسخرونهم (التثنية 20 :10-18)؟ ألم يأمر النبي موسى بني إسرائيل أن يقتلوا كل واحد أخاه وكل واحد صاحبه وكل واحد قريبه بعد عبادة العجل (خروج 27:32)؟ ألم يأمر السيد المسيح بذبح من لا يريدونه أن يملك عليهم (لوقا 27:19)؟
وأما إفطار الصحابة عند المشقة في الغزو والسفر، ألم يكن الفريسيون يصومون وكان أتباع المسيح لا يفطرون دون غزو أو سفر (مرقس 2 :18-20)؟
وأما زواج الصحابة لأجَل في الغزو، ألم يسب بنو إسرائيل نساء مديان وأطفالهم (العدد 31 :9-12)؟ وهل هناك فرق بين زواج الصحابة لأجَل في الغزو والزواج الذي نص عليه الكتاب المقدس بين السابي والمسبية (التثنية 21 :10-14)؟
الخلاصة
إن الغرض من الصوم لاسيما صوم الفريضة في شهر رمضان ليس القضاء على شهوة الإنسان الأرضي أو تحويله إلى ملاك سماوي، بل الغرض منه تهذيب النفس وكبح جماح شهواتها وتعويد الإنسان على التحكم في رغباته ونزواته. فلقد كرم الله تعالى الإنسان ليس لأنه ملاك ولكن لأنه إنسان بمعنى أنه مكرم بالرغم من طبيعته الطينية الأرضية متى اجتهد في عبادة الله تعالى وطاعته قدر استطاعته واجتنب الفواحش والمنكرات والموبقات. والإنسان في الإسلام ليس مطلوبا منه أن يكف عن الخطيئة، فهو أصلا لا يستطيع ذلك لأنه بحكم طبيعته وجبلته معرض لها وليس معصوما منها. وإنما المطلوب منه أن يقاوم نزعة الخطيئة فيه، فكلما قاومها اقترب من الله عز وجل، وكلما استسلم لها ابتعد عنه تعالى، ولكنه في كل الأحوال لا يحرم من رحمة الله تعالى.
وذلك هو الفرق بين الإسلام والمسيحية، إنه الفرق بين الأمل واليأس والعقل واللاعقل والمنطق واللامنطق. فالإسلام دين عملي يحاول علاج الخطيئة في الإنسان ويأخذ في الاعتبار استحالة كف الإنسان عن هذه الخطيئة، أما المسيحية فهي تنشد إنسانا ملائكيا سماويا لا وجود له في دنيا الناس، إنه إنسان بلا شهوة ولا رغبة هائم في السحاب، ولا يخفى أن ذلك فيه ما فيه من الخيال والوهم ما لا يقبله عقل ولا يستسيغه فكر. فيكف يخلق الله الإنسان من الطين ويريده أن يكون ملاكا من نور؟
_________
المراجع:
1- القرآن الكريم
2- صحيح البخاري
3- صحيح مسلم
4- سنن ابن ماجة
5- الطبقات الكبرى لابن سعد
6- الكتاب المقدس
7- موقع الأنبا تكلا
_________
اقرأ أيضا:
شعائر الصوم في الإسلام والرسالات السابقة
فضل الصوم في الإسلام والرسالات السابقة
شبهات عامة حول الصوم في الإسلام
[opic_orginalurl]