الصدمة الأولى للملاحدة الذي يروجون لكتاب السر الأكبر هي: أن هذا الكتاب لا يحل مسألة العلة الأولى، ولا كيف وُجد الوجود، فلا وجود لحل لغز العلة الأولى، علاوة على أن الكاتب ربوبي يؤمن بخالق، وهذه صدمة ثانية.
أبو بدر الراوي
يعتبر الخيال (العلمي وغير العلمي) أحد أخصب المواد التأسيسية للفن في واقعنا المعاصر وفي ماضينا السحيق، ولكن أن يلبس الخيال ثوب الحقيقة الجازمة التي من شأنها تغيير مجرى الكون والتاريخ والعالم أكمل، وأن يٌخرجه لنا بعض من يرفضون المضامين والأفكار الما ورائية رفضا مطلقا غير قابل للنقاش، بدعوى نبذ الخرافة أيا كان مسماها، فهذا من أعجب العجب..
– بعد أن اهتزت أركان نظرية التطور، والتي هي من الأساس لا تقدم لنا أية حلول لمعضلة كيف بدأت الحياة على سطح الأرض، خرج لنا بعض من ينتسبون إلى الدائرة الإلحادية في معناها الأوسع التي تضم الكثيرين، ليخبرونا أن الحقيقة التي غابت عن تاريخ كوننا، هي أن التطور حدث تحت إشراف مخلوقات فضائية.
كتاب (السر الأكبر)، لمؤلفه: دايفيد إيكيه، كما يصفه أحد ساحات العقلانيين، هو دراسة موثقة بالأدلة عن المخلوقات التي تسيطر على الجنس البشري.
ويتبع قائلا: هذا الكتاب مثير في بدايته إلى نهايته، فهو يطرح آراء وخلفيات وحقائق تاريخية مغايرة للمألوف ويكشف كيف سيطرت سلالات معينة على الكوكب الأرضي ولا تزال تهيمن على مساره ومقدراته.
وحتى لا نطيل في عرض الآراء بين مؤيد و ومعارض، يتحدث الكاتب عن كائنات (تُسمى: الأنوناكي) أنتجت الخلية الأولى الأساسية، ومنها طوروا الإنسان…
من كوكب آخر!
ويرى أن هنالك 3 نظريات تتحدث عن.. من أين أتوا؟، وهذه النظريات هي:
– أنهم عرق من كوكب آخر.
– أنهم عرق من باطن الأرض.
– أنهم يتحكمون بالبشر ويسيّرونهم من بُعدٍ آخر، وعبر السيطرة على أجسادهم .
ويرى الكاتب أن (الأنوناكي) هم من أسَّس الأديان، وأن كل الأديان – خصوصاً الإبراهيمية- تم تأسيسها من قبل هذه الكائنات.
ويتحدث الكاتب عن وجود منظمة تُسمى بالـ (الأخوية البابلية)، وأن هذه المنظمة مرتبطة بهذه الكائنات. وأن هذه الكائنات بدورها هي التي تدير الحياة في كوكب الأرض.
– في حديثه عن الدين الإسلامي يرى أنه كان مُستهدفا من (شبكات الأخوية) التي ابتكرت اليهودية والمسيحية، ثم يرى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان على علاقه بهذه الكائنات. ونرى اعتماد الكاتب في أدلته التي يسوقها على :
1- الآثار البابلية ، وآثار الحضارات الأخرى.
2- شهود عيان شاهدوا تلك الكائنات.
3- بعض الفرضيات العلمية؛ كالأكوان المتوازية.
نقد السر الأكبر:
* الصدمة الأولى للملاحدة الذي يروجون للكتاب هي: أن هذا الكتاب لا يحل مسألة العلة الأولى، ولا كيف وُجد الوجود، فلا وجود لحل لغز العلة الأولى، علاوة على أن الكاتب ربوبي يؤمن بخالق، وهذه صدمة ثانية.
* أن الكاتب يُناقض نفسه، فهو يرى أن الديانة الإسلامية تم استهدافها من قبل (شبكات الأخوية البابلية)، بينما يرى في موضع آخر أن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان على علاقة بهذه الكائنات.. فكيف نحل هذا التناقض؟!
* الكاتب لم يُحدد أين تتواجد هذه الكائنات، ويضع ثلاث فرضيات، ولا نعلم هل هذه الكائنات من باطن الأرض؟ أم من كوكب آخر؟ أم من بُعد آخر؟… فهنا لا يوجد جزم، بل مجرد تخمينات وفرضيات.
اعتمد الكاتب على ثلاث أدلة (هي ليست أدلة) في كتابه كما ذكرنا سابقاً، والرد عليها كالتالي :
** بالنسبة للحضارة البابلية فهو لم يذكر فيها هذه المخلوقات، بل كما هو متعارف أنها تؤمن بتعدد الآلهة، كما هو حال الهندوس حاليا وقدماء المصريين سابقا وغيرهم. فجعل الكاتب من هذه الأوثان كائنات فضائية، ولم يذكر أي أدلة على أن هذه الأوثان كانت كائنات فضائية! لم يأتِ لنا بأي دليل ولا حتى فرضيه تتفق مع المنطق والعقل السليم..
** وأما شهود عيانه فهم أيضًا لم يذكروا أية أدلة تسند شهادتهم، فهل كل ما يُقال صحيح؟ وأين آلية التحقق من شهادة الشهود؟ أم أنه علينا أن نصدق فقط ؟!
** وأما فكرة الأكوان الموازية، فهذه ليست حقيقة علمية، ولا حتى ينطبق عليها معايير النظريات المقبولة في الأوساط العلمية، بل هي فرضية، ولا يمكن علميا التحقق منها.
والخلاصة:
الكتاب لا يعدو كونه مجرد خيالات وأوهام بناها الكاتب على تأويلات من عنده لا يوجد ثمة دليل صحيح واحد عليها، وعلى ذلك، فلا يوجد أي سبب وجيه لتمسك بعض الملاحدة بمسألة وجود مخلوقات فضائية لم يروها أو يحادثوها بأنفسهم؛ في الوقت الذي تجدهم فيه ينكرون وجود الخالق – سبحانه– والذي عليه كل دليل.
وللأسف الشديد نجد من الملحدين العرب من صاروا يكتبون عن وجود هذه الكائنات ويصورونها وكأنها حقيقة لا ريب فيها ولا تقبل الجدال. وما زال السؤال مطروحًا، وما زلنا نكرره لهم مرارا: لماذا الهروب من الأدلة الواضحة التي تثبت دقة خلق الإنسان والكون؟ ولما اللجوء دائمًا إلى اختراع أمثال تلك الفرضيات والكائنات والاعتقاد في أنها تخلق وتسيطر للهروب من الإيمان بإله؟!
___________________________________
المصدر: بتصرف يسير عن موقع مجلة براهين، العدد الثاني
[ica_orginalurl]