الرهن عقد جائز، وهو من عقود التبرع، ومن العقود العينية التي لا تعتبر تامة الالتزام إلا بالتسليم..
(مقتطف من المقال)
إعداد/ فريق التحرير
الرهن هو أحد أشكال المعاملات المالية التي وضعت لها الشريعة الإسلامية عدة ضوابط حفاظا على الحقوق والأموال.. ورغم أن للرهن أحكاما واضحة إلا أن كثيرا من عوام الناس ممن يتعاملون به في حياتهم وعند تعرضهم للضوائق المادية لا يدركون أن له أصولا شرعية وقواعد شارحة وحاسمة.. وهو ما أحببنا أن نقدمه بشكل مبسط في سياق الموضوع التالي…
الرهن في اللغة
يعني الرهن في اللغة الثبوت والدوام، كما يُطلَق على الحبس؛ فمِن الأول قولهم: نعمة راهنة؛ أي ثابتة ودائمة، ومِن الثاني قوله تعالى: “كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ” (المدثر:38)؛ أي: محبوسة بكسبها وعَملها.
وأما معناه الشرعي: فقد عرَّفه العلماء بأنه جعل عينٍ لها قيمة مالية في نظر الشرع.. وثيقة بدَين، فإذا استدان شخص دَينًا من شخص آخَر وجعل نظر ذلك الدين عقارًا أو حيوانًا محبوسًا تحت يده حتى يَقضيه دينه، كان ذلك هو الرهن شرعًا.[1]
ولبيان ما سبق يمكننا القول أن الرهن ببساطة هو (إيداع شيء له قيمة مادية.. كعقار مثلا لدى شخص آخر في مقابل الاستدانة من هذا الشخص على أن يرد عليه العقار وقت رد الدين.. ولمزيد من الإيضاح وجب أن ننبه القارئ الكريم إلى مصطلحات عملية الرهن.. حتى يستطيع فهم آراء الفقهاء بسهولة ويسر.. فالمعاملة المالية هي الرهن.. ومن يحتاج للدين والقرض هو الراهن.. والطرف الآخر هو المرتهِن.. والعين المتروكة لدى المرتهن هي المرهون).
حكم الرهن شرعا
الرهن عقد جائز، وهو من عقود التبرع، ومن العقود العينية التي لا تعتبر تامة الالتزام إلا بالتسليم.. والرهن مشروع في الحضر والسفر، والأصل في الرهون أن تكون بالأعيان، سواء كانت ثابتة كالعقار، والدور، والمزارع.. أو منقولة كالآلات، والسيارات.
1- قال الله تعالى: “وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ” (البقرة:283).
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى طَعَاماً مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعاً مِنْ حَدِيدٍ. متفق عليه.
وأما شروط الرهن فهي متشعبة ومختلفة باختلاف أهل العلم ويمكن إجمالها فيما يلي: حصول الصيغة، وأن يكون العاقدان ـ الراهن والمرتهن ـ أهلا للتصرف، وأن يكون المرهون ملكا للراهن، وأن يكون الرهن منجزا، وأن يكون مقبوضا مع الحق أو بعده، وأن يكون معلوم القدر والجنس والصفة، وأن يكون مما يصح بيعه، قال ابن جزي المالكي في القوانين: ويجوز الرهن في جميع الحقوق، وكل شيء يصح تملكه يجوز رهنه.
مسائل شائعة تتعلق بالرهن
-هل يجب لمن قبِل الرهن أجرة رعايته إن كان منزلا يستلزم حراسة أو أغناما تتطلب إطعاما ورعاية أو غير ذلك؟
على الراهن مؤن الرهن من نفقة وحفظ كما هو مذهب الجمهور ففي الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ مؤنة المرهون على الرّاهن كعلف الحيوان، وسقي الأشجار، وجذاذ الثّمار وتجفيفها، وأجرة مكان الحفظ، والحارس، ورعي الماشية وأجرة الرّاعي ونحو ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرّهن من راهنه الّذي رهنه، عليه غرمه، وله غنمه. ولأنّه ملكه، فوجب عليه ما يحتاج لبقاء الرّهن.
-هل يجوز رهن الذهب والحُلِيّ مقابل المال؟
لا حرج في أن يكون الرهن من الذهب، أو الفضة، أو غير ذلك من الأموال، لعموم قوله تعالى: “فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ“.
ولا فرق في الرهن بين الذهب وبين غيره، ولا بين أن يكون المرتهن صائغا أو غير صائغ. وإنما المشترط في الذهب إذا لم يوضع عند شخص أمين، ولم يكن حليا، -ومثل الذهب سائر المثليات أي المتشابهات- أن تجعل عليه علامة تمنع المرتهن من استلافه وإرجاع بدله إذا حل الأجل.
-هل يجوز رهن المرأة لحُليها ابتغاء الحصول على المال لأداء فريضة الحج؟
لا حرج في الحج بهذا المال، ما دام عندكم من الذهب، أو غيره، ما يمكن استيفاء الدين منه، عند تعذر الأداء.
والرهن جائز بالكتاب والسنة و الإجماع.. والغرض منه التوثقة للدين، ليضمن الدائن أداء حقه من المدين.
الهامش:
[1]– السيد سابق، فقه السنة، الفتح للإعلام العربي، المجلد الثالث، ص 130.
_____________________________________
المصادر:
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=112422
[opic_orginalurl]