الجانب الصوفي في تفسير روح المعاني- تبحث هذه الدراسة في واحد من الجوانب الكثيرة التي اشتمل عليها تفسير روح المعاني للآلوسي، وهو الجانب الصوفي، في محاولة للكشف عما وقع في هذا التفسير الضخم مما ظاهره التناقض والتدافع، إذ جمع فيه العلامة الألوسي بين النقيضين: السلفية والتصوف، وشحنه بأقوال الصوفية وآرائهم، شعرًا ونثرًا.
ولا غرو، فالمتصفح لتفسير روح المعاني يراه يفزع إلى مذهب السلف كلما حزبه أمر أو غبي عليه وجه الحق فيه، كموقفه من بحث علوم النجوم والمنجمين الذي يرى أنه “من أهم المباحث” إذ إنه “لم يزل معترك العلماء والفلاسفة والحكماء”، ذلك أنه ينتهي فيه إلى التسليم بما عليه السلف فيقول: “ولا أقول ببساطة الأفلاك ولا ببساطة الكواكب، ولا بانحصارها فيما يشاهد ببصر أو رصد، ولا بذكورة بعض وأنوثة آخر، إلى كثير مما يزعمه المنجمون، وأقول: إن االله تعالى أودع في بعضها تأثيرًا حسبما أودع في أزهار الأرض ونحوها، وإنها لا تؤثر إلا بإذنه عز وجل، كما هو مذهب السلف في سائر الأسباب . ولا أدل على ذلك أيضًا من انتصاره لمذهب السلف وتقريظه لهم في مبحث الاستواء، إذ قال: “وأنت تعلم أن طريقة كثير من العلماء الأعلام وأساطين الإسلام الإمساك عن التأويل والتعطيل والتمثيل. ويدخل في هذا الباب أيضًا كلامه على قوله تعالى: (يد االله فوق أيديهم) فهو لم يخض فيما خاض فيه أهل الأهواء مطلقًا، بل إنه بعد أن نقل فيها قول الزمخشري في الكشاف والسكاكي في مفتاح العلوم وما رواه الواحدي عن ابن كيسان من أن اليد هي القوة، وما قاله الزجاج من أن المعنى يد االله في الوفاء فوق أيديهم أو في الثواب فوق أيديهم في الطاعة أو يد االله سبحانه في المنة عليهم في الهداية فوق أيديهم في الطاعة، وقولاً آخر في المسألة، قال: “وكل ذلك تأويلات ارتكبها الخلف، وأحسنها ما ذُكر أولاً، والسلف يأخذون الآية كما جاءت مع تنزيه االله عز وجل عن الجوارح وصفات الأجسام، وكذلك يفعلون في جميع المتشابهاتمع نفي التشبيه والتجسيم، وهو المذهب المختار وهو قول أهل العلم والفضل من السلف الصالح ومن أخذ عنهم من خيرة علماء الخلف.
[ica_orginalurl]