إن البشاشة والبشر من صفات أهل الإيمان. يقول الله تعالى واصفا حال أهل الإيمان يوم القيامة:
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ (عبس 80 : 38-39)
والبشاشة أبسط ضروب المعروف. فعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، قال: قال لي النَّبي صلى الله عليه وسلم: لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق. (رواه مسلم)
وعن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كلُّ معروف صدقة، وإنَّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلْق” (رواه الترمذي)
ولقد عد النبي صلى الله عليه وسلم البسمة صدقة. فعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرَّجل في أرض الضَّلال لك صدقة، وبصرك للرَّجل الرَّديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشَّوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة”. (رواه الترمذي)
وقال أبو حاتم: “البَشَاشَة إدام العلماء، وسجيَّة الحكماء؛ لأنَّ البِشْر يطفئ نار المعاندة، ويحرق هيجان المباغضة، وفيه تحصين من الباغي، ومنجاة من الساعي، ومن بَشَّ للنَّاس وجهًا،لم يكن عندهم بدون الباذل لهم ما يملك” (روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)
وقال الحارث المحاسبي: “ثلاثة أشياء عزيزة أو معدومة: حسن الوجه مع الصِّيانة، وحسن الخلق مع الدِّيانة، وحسن الإخاء مع الأمانة” (غذاء الألباب شرح منظومة الآداب)
وقال الأحنف في (التذكرة الحمدونية):
“رأس المروءة: طلاقة الوجه، والتودُّد إلى النَّاس”.
“البِشْر دال على السَّخاء كما يدلُّ النَّور على الثَّمر”
“من حسن الخلق أن يحدِّث الرجل صاحبه وهو مبتسم”
قال الجاحظ: “زعمت الحكماء أنَّ القليل مع طلاقة الوجه أوقع بقلوب ذوي المروءات من الكثير مع العبوس والانقباض” (الرسائل للجاحظ)
وعن ميمون بن مهران قال: “المروءة: طلاقة الوجه، والتودُّد إلى النَّاس، وقضاء الحوائج” (تاريخ مدينة دمشق)
قال لقمان لابنه: “خصلتان يزيِّنانك: اعلم أنه لا يطأ بساطك إلا راغب فيك، أو راهب منك. فأما الرَّاهب منك فأدن مجلسه، وتهلَّل في وجهه، وإيَّاك والغمز من ورائه. وأما الرَّاغب فيك، فابذل له البَشَاشَة، وابدأه بالنَّوال قبل السؤال، فإنَّك متى تلجئه إلى مسألتك تأخذ من حرِّ وجهه ضِعْفي ما تعطيه” (الجليس الصالح والأنيس الناصح)
وقيل: “البَشَاشَة فخُّ الْمودَّة” (نثر الدرر في المحاضرات)
وقيل: “حسن البِشْر اكتساب الذِّكر” (لسان العرب)
وقيل: “البَشَاشَة أوَّل قِرَى الأضياف” (ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)
وقيل: “من أحبَّ المحمدة من النَّاس بغير مرزئة، فليتلقَّهم ببِشْر حسن” (ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)
وقال العتابي: “من ضنَّ ببِشْره كان بمعروفه أضنَّ” (ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)
وقيل: حسن البِشْر مخيلة النَّجح (ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)
وكان يقال: “حسن البِشْر واللِّقاء رِقٌّ للأشراف والأكفاء” (ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)
وسئل أعرابي عن الكرم، فقال: “أما الكرم في اللِّقاء فالبَشَاشَة، وأما في العِشْرة فالهَشَاشَة، وأمَّا في الأخلاق فالسَّماحة، وأمَّا في الأفعال فالنَّصاحة، وأما في الغنى فالمشاركة، وأما في الفقر فالمواساة” (أخلاق الوزيرين = مثالب الوزيرين)
_________
المراجع:
1- القرآن الكريم
2- صحيح مسلم
3- سنن الترمذي
4- روضة العقلاء ونزهة الفضلاء
5- غذاء الألباب شرح منظومة الآداب
6- التذكرة الحمدونية
7- الرسائل للجاحظ
8- تاريخ مدينة دمشق
9- الجليس الصالح والأنيس الناصح
10- نثر الدرر في المحاضرات
11- لسان العرب
12- ربيع الأبرار ونصوص الأخيار
13- أخلاق الوزيرين = مثالب الوزيرين
[opic_orginalurl]