تقوم الديانتان الكبيرتان على مبدأ إيماني أساسي واحد مشترك وهو الإيمان الصادق المتين بوجود إله واحد، إله كائن حي أعلى أزلي سرمدي خالق وديّان كلي القدرة فائق الإدراك، إله “ليس كمثله شئ”، إله هو الله، الذي على المؤمنين به مسيحيين ومسلمين أن يعبدوه عبادة تامة ويعملوا بأوامره ويحترموا نواهيه.
فتقول المسيحية: “نؤمن بإله واحد…” وهذا هو المقطع –المطلع لقانون الإيمان النيقاوي– القسطنطيني الذي وضع –بصيغته الكاملة– في مؤتمري المجمعين: مجمع نيقية المسكوني عام 325م، ومجمع القسطنطينية المسكوني عام 381م والذي أصبح وثيقةً الإيمان الرئيسة وشهادة الدين الأولى في كل الكنائس المسيحية شرقا وغربًا.
ولقد ورد في الكتاب المقدس ما يلي: “أنا هو الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر ديار عبوديتك لا يكن لك آلهة أخرى سواي” (سفر الخروج، الإصحاح العشرون، العددان 2 و3).
كما ورد النص المعبر التالي: “فنحت (موسى) لوحين من حجر مماثلين للأولين وبكر في الصباح وصعد إلى جبل سيناء حسب أمر الرب. فنزل بهيئة سحاب ووقف معه هناك حيث أعلن له اسمه: الرب وعبر من أمام موسى مناديا: أنا الرب، الرب إله رؤوف رحيم بطيء الغضب وكثير الإحساس والوفاء” (سفر الخروج، الفصل 34، الأعداد 4 و5 و6 وقد نقلناها بشئ من التصرف).
وكتب بولس الرسول إلى المؤمنين الجدد الحديثي العهد في المسيحية من أهالي مدينة أفسس ما يأتي: “ولكم رب واحد وإيمان واحد ومعمودية واحدة وإله وآب واحد للجميع وهو فوق الجميع وبالجميع وفي الجميع” (رسالة بولس إلى المؤمنين في كنيسة أفسس – الإصحاح الرابع – العددان 5 و6).
أما في الرسالة الأولى إلى المؤمنين الجدد من أعضاء كنيسة مدينة كورنثوس، فيقول بولس: “نحن نعلم أن الصنم ليس بإله موجود في الكون وأنه لا وجود إلا لإله واحد فليس عندنا نحن إلا إله واحد هو الآب الذي منه كل شئ ونحن له” (رسالة بولس الأولى إلى المؤمنين في كنيسة مدينة كورنثوس، الإصحاح 8، الأعداد 4 و5 و6).
وفي الإسلام، تعلن سورة الفاتحة أول سور القرآن الكريم ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.(الفاتحة 1:1-7)
فأول شهادة يعلنها ويشهدها المسلم تعبيرا منه عن إسلامه وإيمانه الديني هي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
ولقد ورد في القرآن الكريم ما يلي:
الم، الله لا إله إلا هو الحي القيوم، نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل، من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام، إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء، هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم … شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم (آل عمران 1:3-18).
وفي سورة النساء، يقول الله تعالى:
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء (النساء 1:4).
وفي سورة الفرقان، وردت الآيات التالية:
أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا … ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا … وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتًا وجعل النهار نشورا، وهو الذي أرسل الرياح بُشرًا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا … فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا، وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا، وهو الذي خلق من الماء بَشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا … الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا (الفرقان 43:15-59).
المصدر: محاور الالتقاء ومحاور الافتراق بين المسيحية والإسلام – غسان سليم سالم – دار الطليعة – بيروت
[ica_orginalurl]