إنه النبي “إلياس” أو “إل ياسين” كما سماه القرآن الكريم أو “إيليا” كما سماه الكتاب المقدس. وهو نبي من أنبياء بني إسرائيل. وهو من الأنبياء الأكثر إثارة للجدل بين المسيحية المعاصرة والإسلام في ضوء الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد من جانب والقرآن الكريم من جانب آخر.
وللنبي إلياس أوجه تشابه مع السيد المسيح والنبي محمد عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام. ولذلك تعالوا نلق نظرة على شخصية النبي إلياس في الكتاب المقدس والقرآن الكريم.
النبي إلياس أو إيليا في المسيحية
النبي إلياس أو إيليا في الكتاب المقدس نبي يشبه إلى حد كبير السيد المسيح في حياته ومعجزاته. وهناك تداخل بين حياتيهما حيث سينزل إيليا قبل نزول السيد المسيح في آخر الزمان وفقا لما ورد في الكتاب المقدس.
فكما يخبرنا الكتاب المقدس أن السيد المسيح أحيا الموتى (متى 24:9-25)، يخبرنا أيضا أن النبي إيليا أحيا الموتى. فنحن نقرأ:
فَتَمَدَّدَ عَلَى الْوَلَدِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَصَرَخَ إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «يَا رَبُّ إِلهِي، لِتَرْجعْ نَفْسُ هذَا الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ». فَسَمِعَ الرَّبُّ لِصَوْتِ إِيلِيَّا، فَرَجَعَتْ نَفْسُ الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ فَعَاشَ. (ملوك الأول 21:17-22)
وكما يخبرنا الكتاب المقدس أن السيد المسيح كان له سلطان على البحر فانتهره (متى 26:8-27)، ومشى فيه (متى 25:14-26)، يخبرنا أيضا أن النبي إيليا كان له سلطان على البحر فضربه وعبره. فعلى سبيل المثال، نقرأ: “وَأَخَذَ إِيلِيَّا رِدَاءَهُ وَلَفَّهُ وَضَرَبَ الْمَاءَ، فَانْفَلَقَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ، فَعَبَرَا كِلاَهُمَا فِي الْيَبَسِ”. (ملوك الثاني 8:2)
وكما يخبرنا الكتاب المقدس أن السيد المسيح قد صعد إلى السماء (مرقس 19:16)، يخبرنا أيضا أن النبي إيليا قد صعد إلى السماء. فنحن نقرأ: “وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَكَلَّمَانِ إِذَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ وَخَيْلٌ مِنْ نَارٍ فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ“. (ملوك الثاني 11:2)
وكما يخبرنا الكتاب المقدس أن السيد المسيح سينزل في آخر الزمان، يخبرنا أيضا أن النبي إيليا سينزل قبله. فنحن نقرأ: وَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَلِمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ: إِنَّ إِيلِيَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلاً؟» فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ…» (متى 10:17-11)
النبي إلياس في الإسلام
يكرم القرآن الكريم النبي “إلياس” أو “إل ياسين” ويثني عليه. فيروي القرآن الكريم قصته باختصار ويصفه بأنه من المؤمنين والمحسنين. فنحن نقرأ:
وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ. أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ. اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ. فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ. إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ. وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ. سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ. إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ. (الصافات 123:37-132)
كما يصفه القرآن بأنه من الصالحين. فنحن نقرأ:
وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (الأنعام 85:6)
التعليق
بين إيليا ويسوع
إذا كان النبي إيليا قد أحيى الموتى وكان له سلطان على البحر وصعد إلى السماء وسينزل منها في آخر الزمان مثل السيد المسيح، فلماذا لا يتخذ إلها أو أقنوما لإله مثل السيد المسيح؟
بين إيليا ومحمد
إذا كان النبي إيليا قد أمر بقتل بعض الناس، فلماذا يلام النبي محمد على أمره بقتل بعض أعداء الله؟
ففي الكتاب المقدس نقرأ: فَقَالَ لَهُمْ إِيلِيَّا: «أَمْسِكُوا أَنْبِيَاءَ الْبَعْلِ وَلاَ يُفْلِتْ مِنْهُمْ رَجُلٌ». فَأَمْسَكُوهُمْ، فَنَزَلَ بِهِمْ إِيلِيَّا إِلَى نَهْرِ قِيشُونَ وَذَبَحَهُمْ هُنَاكَ. (ملوك الأول 40:18)
كما نقرأ أيضا: ثُمَّ انْطَلَقَ مِنْ هُنَاكَ فَصَادَفَ يَهُونَادَابَ بْنَ رَكَابٍ يُلاَقِيهِ، فَبَارَكَهُ وَقَالَ لَهُ: «هَلْ قَلْبُكَ مُسْتَقِيمٌ نَظِيرُ قَلْبِي مَعَ قَلْبِكَ؟» فَقَالَ يَهُونَادَابُ: «نَعَمْ وَنَعَمْ». «هَاتِ يَدَكَ». فَأَعْطَاهُ يَدَهُ، فَأَصْعَدَهُ إِلَيْهِ إِلَى الْمَرْكَبَةِ. وَقَالَ: «هَلُمَّ مَعِي وَانْظُرْ غَيْرَتِي لِلرَّبِّ». وَأَرْكَبَهُ مَعَهُ فِي مَرْكَبَتِهِ. وَجَاءَ إِلَى السَّامِرَةِ، وَقَتَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ بَقُوا لأَخْآبَ فِي السَّامِرَةِ حَتَّى أَفْنَاهُ، حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ إِيلِيَّا. (ملوك الثاني 15:10-17)
وإذا كان المسيحيون يؤمنون بأن إيليا قد صعد إلى السماء بالرغم من نفي السيد المسيح لذلك بقوله: “ليس أحد صعد إلى السماء إلاَّ الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء” (يوحنا 3: 13)، فلماذا ينكرون صعود النبي محمد صلى الله عليه وسلم في معجزة الإسراء والمعراج؟
وإذا كان إيليا سيأتي في آخر الزمان “وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ”، فلماذا لا يكون ذلك الـ”إيليا” أصلا هو النبي محمد فقد جاء ورد الناس إلى رب الناس لاسيما وأننا قد اقتربنا من آخر الزمان ولم يأت إيليا المزعوم بعد.
ففي الكتاب المقدس نقرأ: «هأَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا النَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَالْمَخُوفِ، فَيَرُدُّ قَلْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ، وَقَلْبَ الأَبْنَاءِ عَلَى آبَائِهِمْ. لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ الأَرْضَ بِلَعْنٍ». (ملاخي 5:4-6)
وبهذا المعنى، نقرأ في القرآن الكريم:
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (الشورى 7:42)
_________
المراجع:
- القرآن الكريم
- الكتاب المقدس
_________
اقرأ أيضا:
17-النبي داود (داوود) عليه السلام
22-النبي محمد صلى الله عليه وسلم
[opic_orginalurl]