في خطوة إستراتيجية وتطور إيجابي لضمان تجديد الخطاب الديني وفق معايير شرعية سليمة بعيدا عن الغلو والتطرف أو الإهمال والتسيب، ولضمان مواكبة
المتغيرات العصرية والتحديات الجديدة التي تواجه الدعوة الإسلامية في شتى أنحاء المعمورة تم منذ أيام في العاصمة البلجيكية بروكسيل إنشاء الهيئة العالمية لضمان جودة الدعوة وتقييم الأداء (IPQ).
وتعد الهيئة أول هيئة عالمية تسعى إلى تطوير الدعوة الإسلامية من خلال تطبيق معايير الجودة في المنظومة الدعوية والتي تعتبر نقلة نوعية وتطورا منهجيا عميقا في تطوير الأداء وتجديد الخطاب الديني من خلال التأسيس لمنهج علمي في قياس وتقييم وتطوير المنظومة الدعوية التي تشمل المؤسسة الدعوية والداعية ومناهج وإجراءات ووسائل العملية الدعوية، ولأول مرة في تاريخ العمل الدعوي الإسلامي وفق مفهوم الجودة الشاملة والتي تعني وبكل بساطة، منظومة للقياس والتقويم والارتقاء يتحقق من خلالها مبدأ (الإتقان) في العمل والتطوير المستمر وتحسين الأداء ولكن بمقاييس معتمدة.
ويترأس مجلس إدارة الهيئة الدكتور عادل الفلاح والنائب الدكتور محمد محمود هاشم نائب رئيس جامعة الأزهر والأمين العام الدكتور عثمان عبد الرحيم.
وبهذا الخصوص فقد بين وكيل وزارة الأوقاف د.عادل عبدالله الفلاح رئيس مجلس الإدارة في تصريح صحفي بمناسبة التأسيس: إن الهيئة مؤسسة علمية غير ربحية نسعى من خلالها إلى حماية الدعوة إلى الله من الانحرافات الفكرية أو الغلو والتطرف، وهي معفاة من الضرائب، تتكون من مجموعة مختارة من خبراء وعلماء دعوة في مجال ضمان الجودة الشاملة وتقييم الأداء في مجال الدعوة الإسلامية وتسعى الهيئة من خلالهم إلى تطوير الأداء الدعوي وانضباطه في منظومة تقييم وارتقاء وتجديد ليكون موائما للمتلقي، ويحصل من خلاله تبليغ رسالة الإسلام الحضارية وفق قدرات المتلقي واحتياجه بدقة شديدة، بعيدا عن العشوائية والأداء النمطي ونشر الوعي بأهمية ثقافة الجودة والإتقان وأثرها في تطوير العمل الدعوي وحماية الدعوة من الغلو والتطرف والأفكار التي تعمل على هدم الدولة الوطنية وتأكيد الثقة والتقدير في الدعوة باعتبارها أحد دعائم التنمية والنهوض والحفاظ على الهوية والتطوير المستمر للدعوة وضمان جودتها وفق مبادئ الإتقان والشفافية.
وأوضح د.الفلاح أن الهيئة لا تعتبر جهة رقابية، بل هي جهة وضع معايير للمؤسسات الدعوية ممن ترغب في تحقيق متطلبات المعايير المعتمدة، ومن ثم فإنها تحرص على تقديم كافة أشكال النصح والإرشاد والتوجيه والتأهيل لهذه المؤسسات بما يساعدها على التحسين المستمر لجودة مخرجاتها من خلال آليات موضوعية وواقعية للتقويم الذاتي واعتماده.
وقال د.الفلاح: إن الهيئة تسعى إلى تعزيز ثقة المؤسسات العالمية من خلال عمق المواصفات التي سيتم تصميمها لواقع الدعوة وعرضها على الخبراء العالميين في الجودة بعد مراجعة مضمونها ومدى توافقها مع الثوابت الإسلامية والهوية الوطنية لكل دولة.
من جانبه كشف الأمين العام للهيئة د. عثمان عبد الرحيم أن إنشاء الهيئة بدأ منذ عامين من خلال عرضه على الجهات الدعوية والإسلامية في العالم الإسلامي، وتم عقد أكثر من ورشة عمل في مصر والمملكة المغربية والمملكة العربية السعودية لتنقيح منهجية عمل المؤسسة الذي تم بإشراف خبراء الجودة في العالم لإخراج مواصفة خاصة بمجال الدعوة الإسلامية في ظل ثوابت الأمة وخصوصيات المواطنة لكل دولة عربية.
وبين أن الهيئة ستمنح شهادة (ITQAN) لتكون شهادة جودة وتميز للمؤسسات التي تلتزم بمعايير الجودة التي سوف تعتمدها المؤسسة بالتشاور مع المؤسسات الإسلامية الرائدة في المجال الدعوي والإسلامي الذي سيكتسب مزيدا من الانضباط والتأطير لجميع عناصر العملية الدعوية.
رسالة الهيئة
وعن رسالة الهيئة قال د.عبدالرحيم: إن رسالة الهيئة الأساسية هي العمل على إرساء مفهوم ثقافة الجودة الدعوية وتأهيل المؤسسات الدينية وتقويم وتطوير الأداء الدعوي وانضباطه ضمن منظومة الجودة وارتقاءه وتجديده ليكون موائما للمتلقي بهدف تبليغ رسالة الإسلام الحضارية وفق قدرات المتلقي واحتياجه بدقة شديدة بعيدا عن العشوائية والأداء النمطي ووضع معايير ومقاييس اعتماد تضمن استمرارية جودتها وتنافسيتها وضمان تطبيقها للأنظمة والمعايير.
أهداف إنشاء الهيئة
وعن جملة الأهداف التي لأجلها تم تأسيس الهيئة يقول د.عبد الرحيم: إن الغاية الأساسية من وجود الهيئة هو التأسيس لمنظومة إدارة الجودة الشاملة وضمان معاييرها في مجال الدعوة الإسلامية حتى تقوم بدورها في البلاغ المبين والهداية الراشدة، وقد حددنا عدة أهداف منها:
- وضع منظومة معايير معتمدة للجودة لمجالات العملية الدعوية (المؤسسة- الداعية- المحتوى—الوسائل-العاملون-الإجراءات- المتلقون القياس والتقييم) استرشادا بالمعايير الدولية وبما لا يتعارض مع ثوابت الإسلام وهوية المجتمعات
- نشر الوعي بأهمية ثقافة الجودة والإتقان وأثرها في تطوير العمل الدعوي.
- تأكيد الثقة والتقدير في الدعوة باعتبارها أحد دعائم التنمية والنهوض والحفاظ على الهوية.
- التطوير المستمر للدعوة وضمان جودتها وفق مبادئ الإتقان والشفافية والعدالة
- انضباط العملية الدعوية وسيطرة فكر الجودة على أطراف العملية الدعوية
- التنسيق مع المؤسسات الدعوية في العالم لتقديم استشارات الجودة وتدريب منتسبيها على تطبيق المعايير القياسية المعتمدة.
- تحقيق التنافس بين العاملين في الحقل الدعوي بما ينعكس على تجويد الدعوة وأساليبها.
- الارتقاء بمهارات الدعوة ذاتها والاستفادة من الإمكانيات المتوفرة.
- تحقيق روح التكامل المهني بين أسرة مؤسسة المسجد للقيام بدوره في المجتمع المسلم.
وعن فوائد ضبط الجودة في مجال الدعوة قال د.عثمان إن هناك فوائد تتعلق بعلم الدعوة ذاته ومنها:
- إعادة مفهوم الدعوة الأصيل باعتبارها عملية تجديدية إحيائية تنهض بمعاني الدين الدَارِسة وليست عملية قاصرة تتعلق بالخطابة والوعظ.
- ضبط مصطلحات فقه الدعوة الإسلام إذا ليس من المعقول أن يكون علم الدعوة بهذه العراقة الشرعية والفضيلة الدينية وما زالت مصطلحاته مضطربة فضفاضة.
- مراجعة منتج الدعوة من حيث تحقق أهداف البيان والبلاغ المبين على الوجه الذي يتحقق به الإعذار وتزول به الشبهة حيث ستتم وضع معايير وقياسات للخطاب المراعي لمقتضى حال المخاطبين.
- حماية الدعوة ووقايتها من الدعوات التي تتنسب زورا إلى الفكر الإسلامي الأصيل وتحاول التسلل إلى كيانه وبنيته كدعوات الغلو والتطرف والفرق المنحرفة.
- اكتشاف مواطن العبث في العملية الدعوية ومحاولة وضع المعايير اللازمة والتدريب عليها ثم متابعة وتقييم أداء تلك المعايير.
- إبراز أهمية الدعوة ودورها في تنمية المجتمعات والأمم وإبعاد فكرة إن الدعوة عالة على الأمم والشعوب وتمثل رفاهية ثقافية للأمم الإسلامية.
——-
* المصدر: جريدة الآن الإلكترونية.
[ica_orginalurl]