مجموعة من الأفكار العابرة، حول ما يجب عليك أيها الأخ العزيز الإلمام به، عندما تقرر المناظرة مع الملحدين…
(مقتطف من المقال)
نور الدين قوطيط
10-احذر من التسرع في خوض مناظرات مع الملاحدة، إلا بعد أن تستعد لها جيّدًا: علمًا، وفهمًا. فكم من شاب ظن بنفسه القدرة على المناظرة، والمسكين ليس معه من العلم إلا القشور، فراح يخوض مناظرات ويدخل على صفحاتهم ومنتدياتهم، فوقع في شركهم، فانقلب ملحدًا مثلهم، وإنما السبب هو الحماسة الفارغة من بعض الشباب، يزعمون أنّهم يريدون نصرة الإسلام، ولكن بدون سلاح!!
ولقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمن من فتنة الدجال وأمره بالهروب منه، فقال: (من سمع بالدجال فلينأ عنه (يبتعد)، فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فيتبعه مما يبعث به من الشبهات، أو لما يبعث به من الشبهات)، ولهذا خذ مني نصيحة: طالع في علوم الشريعة أولا، واجمع حصيلة معرفية وثقافية ثانيا، وتابع مناظرات فحول الإسلام مع الملاحدة ثالثًا؛ لكي تعرف كيف تدار المناظرات، وكيف تسير، وكيف يجب عليها المناظر المسلم وكيف يلقي الملحد شبهاته، واقرأ كتب الرد على الإلحاد وكشف زيوفه رابعًا، وبعد كل هذا، وهو يأخذ وقتًا، تستطيع أن تتوكل على الله وتبدأ معهم، ومع الوقت ستكتسب خبرة في هذا المجال.
وهنا سأضع لك مجموعة من ملامح الإلحاد قبل أن تقبل على أي مناظرة، عسى أن تنتفع بها:
♦ الإلحاد بفروعه كافة يقوم على كم هائل من الشبهات المضلّلة، بل على كم هائل من التزيّيفات الخادعة، التّي تدور بين أربع مستويات:
1- شبهات عقليّة.
2- شبهات علميّة.
3- شبهات دينيّة.
4- شبهات عاطفيّة.
♦ يستغل الإلحاد القاسم اللغوي المشترك لكلمة: دين، فيعتقدون -ويريدون للقارئ أن يعتقد أيضًا- أنّ كل ما صح بحق المسيحيّة مثلًا يصح بحق الإسلام، والسبب أنّ كليهما تنسحب عليه كلمة: دين، وبالتّالي فهما نسخة واحدة!!
♦ العقل الإلحادي يعجز عن فهم مستويات الوجود: الواجب، الممكن، المستحيل. ولهذا تراه يخلط في أسئلته وافتراضاته، ويؤسس عليها كمًّا هائلًا من النتائج. ومعلوم في قوانين العقل أنّ المقدمة إذا كانت خطأ، فبالضرورة تكون النتيجة خطأً، ولهذا يشدّدون على: من خلق الله؟! علمًا أن صيغة هذا السؤال مثلًا تهدم نفسها بنفسها؛ لأنّه إذا كان الإله مخلوقًا من طرف الله، إذًا فالله هو الإله والخالق الوحيد، أما الآخر فهو مخلوق وليس إلهًا، وقِس على هذا.
♦ يرفض الفكر الإلحادي الاعتراف باللغة وسعة دلالاتها المتنوعة؛ سواء الفكريّة، أم الأخلاقيّة، أم النفسيّة، ولهذا تجد لديه حساسيّة شديدة تجاه المفردات اللغويّة التّي تحمل – من بين ما تحمل – شحنات دينيّة؛ مثل: عقيدة، عبادة، تقليد.. إلخ.
♦ من خُدع الإلحاد الماكرة أنّه يعتمد على طرح أسئلة هي في أساسها مبنيّة على أصول أخرى، وبدون التسليم بتلك الأصول والاقتناع بها، تجرّ تلك الأسئلة الماكرة صاحبها إلى بلبلة فكريّة واضطراب عقائدي مثل: لماذا خلقنا الله بدون أن يأخذ رأينا (أنت مخلوق فكيف يأخذ رأيك؟) إذا كان الله – سبحانه – يريد الخير لنا، فلماذا خلق النّار قبل أن يخلقنا: (أنت مخلوق عاجز عن فهم طبيعة روحك، فكيف تريد أن تحيط علما بحكمة الله المطلقة؟).
♦ أكثر ما يلجأ إليه الملحدون في الاحتجاج لإلحادهم هو أنّ المؤمنين بوجود الخالق لم يعطوهم على وجوده حجة مقنعة. لكنهم حين يفعلون ذلك يفترضون أنّ الأمر الطبيعي هو عدم وجود الخالق، وأنّ الذي يدعي وجوده هو المطالب بإعطاء الدليل على وجوده، لماذا لا يكون العكس؟ لماذا لا يكون الأمر الطبيعي هو الأمر الذي يؤمن به جماهير الناس والذي يجدون له أصلًا في نفوسهم، وأن الذي يشذ عن هذا هو المطالب بالدليل؟.
♦ ينطلق الإلحاد الغربي من ثلاثة منطلقات: واقعه المعاصر الغارق في الماديّة، تاريخه البئيس مع الكنسية، مقولات الفلسفة اليونانيّة، هذه المعطيات – خاصة المعطى الأول والثاني – ساهمت بشكل كبير وفعّال في تشكيل عقليّة الإلحاد لدى الملاحدة الغربيين، ويأت الإلحاد العربي الغبي الساذج، فيسقط هذه الملابسات على نفسه في علاقته هو بالإسلام وكل شيء.
♦ ينطلق الإلحاد العربي المعاصر من ثلاثة منطلقات: واقعه الحالك المتردي في التخلف والاستبداد، انصهاره في بوتقة الإلحاد الغربي ولهذا ينقل شبهاته وأفكاره، فلستَ تجد فكرة عند الملحد العربي إلا وتجد شقيقه الغربي سبقه إليها أوّلًا، وثالثة الأثافي: جهل شنيع بالمنظومة الإسلامية تصوّرًا وممارسةً، وهذا يدل على فقر العقل الملحد العربي وعجزه عن ابتكار أفكار جديدة تخص عقيدته الإلحاديّة، والعجب أنّه يدعي بعد هذا العقل والحريّة!!
♦ من مميّزات الإلحاد المعاصر عن الإلحاد القديم، أنّ كهنته يروجون لزعم يعتقدون أنّه برهان قاطع على صحة دينهم الإلحادي الجديد، ألا وهو تقديمهم لدين الإلحاد على أنّه حتميّة تاريخيّة وضرورة وجوديّة، وأنّ العلم والزمن كفيلان بإسقاط الإله من على عرشه وبالتّالي كشف خرافات العقائد الدينيّة التي تأسست على فكرة وجود إله مطلق، وبالتّالي سيحل العقل والعلم في تنظيم شؤون الحياة تنظيمًا راقيًا وتفسير معطيات الحياة تفسيرًا صحيحًا، وتحقيق السعادة للإنسان بصورة جميلة، محل العقائد الدينيّة ومقولة الإله المطلق.
♦ يروج كهنة الإلحاد المعاصر وأربابه لفكرة ماكرة كثيرًا ما خدعت الشباب والسذج من النّاس من ذوي الثقافة والمعرفة المحدودة، ألا وهي أنّ الإلحاد ليس دينًا ولا منهجًا ولا عقيدة، بل هو فقط موقف يتبنّاه المرء تجاه مسألة وجود الإله، والحياة بعد الموت. والمكر هنا هو أنّ كل فكرة كلية تشمل بالضرورة: التصورات العقلية، وعنها تنتج القيم الأخلاقيّة، وعنها تتحدد طبيعة القوانين التشريعيّة والعلاقات الاجتماعية. أي أنّ كل فكرة كليّة تأخذ طابعا فلسفيًّا شموليًّا، لا يمكن أن تنفصل عراها مطلقًا.
كانت تلك مجموعة من الأفكار العابرة، حول ما يجب عليك أيها الأخ العزيز الإلمام به، عندما تقرر المناظرة مع الملحدين، والله الموفق سواء السبيل.
طالع أيضا:
إذا حاورت ملحدا.. تدرَّع في المناظرة بعشرة دروع! (الجزء الأول)
إذا حاورت ملحدا.. تدرَّع في المناظرة بعشرة دروع! (الجزء الثاني)
المصدر: بتصرف يسير عن شبكة الألوكة الشرعية
[ica_orginalurl]