إذا كان هناك آلهة أخرى لمَ لم تعلن عن نفسها وتكذب دعواه؟
(مقتطف من المقال)
إعداد/ فريق التحرير
يصنف البعض الكثير من الشبهات والاستفسارات الدينية واضعا إياها تحت مظلة الإلحاد.. غافلا عن كون الإلحاد كمفهوم عام ينقسم ويتفرع لعدة أقسام.. من بينها مفهوم اللادينية أو الربوبية.. والتي تُعتبر اتجاها فكريا يرفض مرجعية الدين في حياة الإنسان ويؤمن بحق الإنسان في رسم حاضره ومستقبله واختيار مصيره بنفسه دون وصاية دين أو التزام بشريعة دينية، وترى أن النص الديني هو مجرد نص بشري محض لا ينطوي على قداسة خاصة ولا يعبر عن الحقيقة المطلقة.
فهم فرقة يؤمنون بوجود خالق ولا يؤمنون بأي ديانة.. و يعتقدون أن الله خلق الكون وجعل له نظاما لكنه لا يتدخل به، وسبب هذا الاعتقاد كما يدعون أنهم لا يرون تدخل الخالق في الكوارث الطبيعية وأنه لا يوجد دليل على تدخله.
لا يسألون الله في شدة ولا في رخاء لئلا دليل بزعمهم على أن الله يستجيب الدعاء، ويعتقدون بأن الله خلقهم وخلق لهم نظامهم وهي الطبيعة وتركهم لكي يتمتعون بحياتهم.
وعليه فإن كل ملحد هو لاديني.. ولكن ليس كل لاديني ملحد تماما خالصا في إلحاده.
ولمن يعتنقون الفكر اللاديني مجموعة شبهات خاصة سنحاول جمعها وترتيبها ونشر الأجوبة المتعلقة بها في سلسلة مقالات خاصة…
من الأفكار اللادينية…
أنتم يا معشر المسلمين تعتقدون أنه لا إله إلا الله، أليس من المحتمل وجود آلهة أخرى؟!
الجواب/ شهد الله سبحانه وتعالى على نفسه أنه لا إله إلا هو وأنه الخالق لكل شيء ولم ينازعه منازع فتثبت له الدعوى، فهل وجدتم أو سمعتم في التاريخ كله من ادعى أنه خلق السماوات والأرض ولو كان أطغى الطغاة؟ فمثلا –”ولله المثل الأعلى”- لو أن هناك أحدا ادعى ملكية أرض وكتب عليها اسمه ولم ينازعه أحد عشرات السنين فتثبت له الدعوى، أما لو كنا في مكان ووجدنا حافظة نقود وأعلنا عنها فجاء شخص وأعطى أوصافها وقال إنها له، ولم يدَّع أحد غيره ملكيتها فتسلم له الدعوى.
فإذا كان هناك آلهة أخرى لمَ لم تعلن عن نفسها وتكذب دعواه؟
قد يقول قائل: ربما لم يعلموا، وهذا عذر أقبح من ذنب، لأن الجهالة تستحيل مع الآلهة، وإذا قيل: إنها علمت ولكنها خافت من هذا الإله، وهذا أيضا محال لأن الآلهة لا تخاف، إذ لو خافت منه فلا تستحق أن تكون آلهة “قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَّابْتَغَوْا إِلَىٰ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا. سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا” (الإسراء 42-43).
ولو أن هناك آلهة أخرى –كما يدعي المشركون- لفسد نظام الكون ولما أصبح بهذا التناسق البديع بين النواميس والعناصر والأجناس كلها، ولوجدنا مثلا إله الشمس له نظام يتعارض مع إله المطر أو إله الزرع أو إله الريح أو القمر.. وهكذا “لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ” (الأنبياء:22) “مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ” (المؤمنون:91).
إذاً لقد قلتم: أنه لو كان مع الله آلهة أخرى لفسد نظام الكون، ولَمَا كان بهذا الإحكام البديع، أليس من المحتمل أن يكون هناك آلهة لها أكوان أخرى غير كون إلهكم (أكوان موازية)؟
الجواب/ يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم “اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ” (الزمر:62) فلو أن هناك أكوانا أخرى لكانت تسمى (شيئا) فيكون الله عز وجل خالقها هي أيضا، وحيث إنه لم يعترض عليه أحد، ويقول له: (إنك لم تخلق كل شيء، بل أنا خلقت كذا وأنت خلقت كذا) فتثبت له الدعوى، والله أعلم.
________________________________________
مصدر الإجابة على الشبهة: كتاب/ ردود علماء المسلمين على شبهات الملحدين والمستشرقين، الشيخ/ محمد ياسين
[ica_orginalurl]