من أسماء الله وصفاته “المهيمن”، فمن المنطقي أن يتصف إله هذا الكون بكل معاني الهيمنة والقهر والغلبة. فهو الخالق لكل شيء، وكل ما دونه مخلوق على يديه. ولا يعقل أن يكون المخلوق أقوى من الخالق.
المهيمن في الإسلام
كثيرا ما يوصف الله في القرآن الكريم بصفات الهيمنة والقهر والغلبة. فعلى سبيل المثال، يوصف الله تعالى بأنه “المهيمن”، فنحن نقرأ في القرآن الكريم:
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (الحشر 23:59)
ويوصف الله أيضا بأنه “القهار”، فنحن نقرأ:
قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ. رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (ص 38:65-66)
كما نقرأ أيضا:
لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (الزمر 39:4)
ويوصف الله تعالى بأنه “القاهر”، فنحن نقرأ:
وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (الأنعام 18:6)
كما يوصف الله بأنه “الغالب”، فنحن نقرأ:
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (يوسف 21:12)
المهيمن في المسيحية
بالرغم من اتخاذ السيد المسيح إلها في المسيحية، نجد الكتاب المقدس ينسب إليه أمورا لا تليق بإله مهيمن على هذا الكون. فعلى سبيل المثال، يخبرنا العهد الجديد أن السيد المسيح كان ينبغي أن يتألم كثيرا ويسلم إلى أعدائه ويقتل. فنحن نقرأ: “مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ”. (متى 21:16)
كما نقرأ: وَفِيمَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ فِي الْجَلِيلِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «ابْنُ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». فَحَزِنُوا جِدًّا. (متى 17 :22-23)
كما يروي لنا العهد الجديد أن السيد المسيح قد استهزئ به وجلد وصلب وحكم عليه بالموت وأنه قد تنبأ بذلك. فنحن نقرأ: «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». (متى 20 :18-19)
وعن مشهد الصلب، يحكي لنا العهد الجديد أن العسكر قد عروا السيد المسيح وألبسوه رداء قرمزيا وضفروا إكليلا من شوك ووضعوه على رأسه، وكانوا يستهزئون به ويبصقون عليه ويضربونه على رأسه. فنحن نقرأ: فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ. (متى 27:27-31)
والسؤال الآن هو: كيف يُتخذ إلها من تألم كثيرا على أيدي الناس وسلم إليهم حتى يقتلوه، ولم ينته الأمر عند هذا الحد ولكنهم عروه واستهزئوا به وبصقوا عليه وضربوه وجلدوه وصلبوه؟ ألا يتنافى ذلك مع ما ينبغي أن يتصف به الله من الهيمنة والقهر والغلبة كإله لهذا الكون؟
لا شك أن من تعرض لما تعرض له السيد المسيح في آخر حياته حسبما ورد في الكتاب المقدس يستحيل أن يكون إلها لأن ذلك يتنافى مع أصل ألوهيته وربوبيته.
_________
المراجع:
1- القرآن الكريم
2- الكتاب المقدس
[ica_orginalurl]