تشيع أسماء كثر للإله فى الكتاب المقدس لكن المتدبر لهذه الأسماء وما كتب حولها يدرك مدى الاختلاف الذى وقع فيه اليهود والنصارى (المسيحيين) حولها وحول إلههم!
وحينما يسأل بعض مفكرى المسيحية عن اسم الإله فى الكتاب المقدس سيما فى العهد القديم يجيبون بأن “إله اليهود أو العهد القديم اسمه كذا وكذا”، وتنقدح الصورة فى أذهاننا بأن إله العهد القديم مغاير لإله العهد الجديد ويكبر التناقض فى صدورنا حول ماهية العهدين وهل كانا من إلهين متغايرين؟
وعلى الجانب اليهودى نجد الشىء نفسه فهم يحتكرون اسم الإله فاسم الإله–وفقا لليهود- مقدس ولا يصح أن تبتذله العوام وينبغى أن يتلفظ به طائفة معينة منهم! وبسؤالهم عن كثرة أسماء الإله فى العهد القديم يبينون بأنها مجرد ألقاب وليست آلهة متعددة. ومن هذه الأسماء التى وردت فى الكتاب المقدس وفي العهد القديم على وجه الخصوص:
ألوهيم
ويزعم كثير من شراح الكتاب المقدس أنها كلمة بصيغة الجمع لا الإفراد، ومن النصوص التى ذكرت هذا الاسم العبري:
“في البدء خلق (ألوهيم) السموات والأرض”(تكوين 1:1)
أدوناي:
وهذا الاسم يعني «السيد» أو مالك السماء والأرض.
“قلت للرب (يهوه) أنت سيدي (أدوناي)”. (مزمور 2:16). وانظر أيضا: (قضاة 13:6)
أيليون :
بمعنى «الإله العلي».
“فقال أبرام لملك سدوم رفعت يدي إلى الرب الإله العلي (يهوه أيليون) مالك السموات والأرض”.(تكوين 22:14)
شدأي:
بمعنى «القدير»:
(تكوين 1:17) “وظهر الرب لأبرام وقال له أنا الله القدير (شداي) سر أمامي وكن كاملا”.
إيل، إيلوه
الرب القدير
يهوة
وهو من أهم أسماء الإله في الكتاب المقدس حتى إنه قد ظهرت فرقة تسمى شهود يهوة وهي خليط من اليهودية والنصرانية تنادى بأن ليس للإله سوى هذا الاسم! ومن تلك النصوص الواردة فيه:
“أنتم شهودي يقول الرب وعبدي الذي اخترته لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا اني انا هو. قبلي لم يصور اله وبعدي لا يكون.11 انا انا الرب وليس غيري مخلص.12 انا اخبرت وخلّصت واعلمت وليس بينكم غريب. وانتم شهودي يقول الرب وانا الله.13ايضا من اليوم انا هو ولا منقذ من يدي”. (إشعياء، 43: 10-13)
“هكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: “يَهْوَهْ إِلهُ آبَائِكُمْ، إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ. هذَا اسْمِي إِلَى الأَبَدِ وَهذَا ذِكْرِي إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ”. (سفر الخروج 3: 15)
“وَأَنَا ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ”( سفر الخروج 6: 3)
“وَيَعْلَمُوا أَنَّكَ اسْمُكَ يَهْوَهُ وَحْدَكَ، الْعَلِيُّ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ”. (سفر المزامير 83: 18)
“لِذلِكَ هأَنَذَا أُعَرِّفُهُمْ هذِهِ الْمَرَّةَ، أُعَرِّفُهُمْ يَدِي وَجَبَرُوتِي، فَيَعْرِفُونَ أَنَّ اسْمِي يَهْوَهُ”.(سفر إرميا 16: 21)
“الَّذِي بَنَى فِي السَّمَاءِ عَلاَلِيَهُ وَأَسَّسَ عَلَى الأَرْضِ قُبَّتَهُ، الَّذِي يَدْعُو مِيَاهَ الْبَحْرِ وَيَصُبُّهَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، يَهْوَهُ اسْمُهُ” (سفر عاموس 9: 6)
“ثُمَّ كَلَّمَ اللهُ مُوسَى وَقَالَ لَهُ: “أَنَا الرَّبُّ.الله” (سفر الخروج 6: 2)
ومنها:
-يهوه صباءوت:بمعنى «رب الجنود»:(1صم 3:1)
-يهوه يرأهYAHWEH-JIREH الله يدبر”(تكوين 22: 14)
-يهوه رفا YAHWEH-RAPHA “الرب الشافي”(خروج 15: 26)
-يهوه نسي YAHWEH-NISSI “الرب تذكارنا”(خروج 17: 15)
-يهوه مقدس YAHWEH-M’KADDESH”الرب الذي يقدس”(لاويين 20: 8؛ حزقيال 37: 28)
-يهوه شالوم YAHWEH-SHALOM “الرب سلامنا”(قضاة 6: 24 (تكوين 2: 4؛ مزمور 59: 5) – أي رب الأرباب.
-يهوه YAHWEH-TSIDKENU “الرب برنا” (إرميا 33: 16)
-يهوه روحي YAHWEH-ROHI “الرب راعيَّ (مزمور 23: 1)
-يهوه شمه YAHWEH-SHAMMAH “الرب هناك” (حزقيال 48: 35) -(حزقيال 8-11) -(حزقيال 44: 1-4).
-يهوه صبأوت YAHWEH-SABAOTH “رب الجنود” (إشعياء 1: 24؛ مزمور 46: 7)
-إيل إيليونEL ELYON “العالي”(تثنية 26: 19)
-إيل رئي EL ROI “إله الرؤية”(تكوين 16: 13)
-إيل علام EL-OLAM “الإله الأزلي”(مزمور 90: 103)
-إيل جبور EL-GIBHOR “الله القدير”(إشعياء 9: 6)- (رؤيا 19: 15).
تحقيق
والواقع ان لبسا كبيرا قد شاب هذا الجانب لدى الفريقين اليهود والنصارى (المسيحيين)، فهم قد خلطوا بين أسماء الله وصفاته فلا تكاد تجد ضابطا لهذا التمييز عندهم لذا تجد أنهم أنزلوا كثيرا من أفعال الله وصفاته على أسمائه فاعتقدوا ان كل فعل يفعله هو اسم له، ولا يخفى ما فى ذلك من خلط واضح!
ونجد خلطا فى جانب آخر فلقد وقع مترجمو الكتاب المقدس فى حيرة فى تسمية الإله حتى لا تتلقف إحدى الفرقتين اسم الإله وتحتكره أو حتى لا ينال أصحاب العهد الجديد النبذ والتناقض. لذا لجأوا إلى كلمة عامة وهى “الرب-الإله Lord-God” وترجم أصحاب العهد الجديد اللفظة فى الترجمات العربية للعهدين ب”الله” . وهم بذا قد فروا من مأزق إلى مأزق أشد حيث وقعوا فى تبريرات سخيفة للتثليث والتجسيد فى جمع تلك الآلهة المتعددة لاعتقادهم بألوهية يسوع والروح القدس بجانب الله!
والأسوأ من ذلك أن التنافس بين الفريقين اليهود والنصارى (المسيحين) فى تخطف هذه الأسماء بلغ بالطائفة الأخيرة أن أنزلت كل الأسماء والصفات الواردة فى العهد القديم على المسيح الذى لم يكن ولد بعد فنرى القس منيس فى كتابه أسماء الله فى الكتاب المقدس يرى أن اسم العلى المقصود به عيسى الذى سما فى علوه أو ان الصيغة الجمعية لألوهيم نبوءة بالتثليث! وهذا ضرب من الجنون!
أما فى الإسلام فلا نجد حرجا فى تعدد أسماء الله سبحانه وتعالى لكن الممنوع هو اعتقاد تنافيها او الإلحاد فيها بأى ضرب من ضروبه كاعتقاد أن تعددها يستلزم تعدد الإله أو اعتقاد التشريك او التركيب له سبحانه وتعالى قالله تبارك وتعالى يقول فى القرآن:
“وَلِلَّـهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”. (180:7)
“قُلِ ادْعُوا اللَّـهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا”(110:17)
“هُوَ اللَّـهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ”(59:24).
وقد قع أهل الكتاب من اليهود والمسيحيين فى الالحاد في أسماء الله وصفاته فنطالع في الكتاب المقدس أن الله يبكي ويندم ويخاف! ونرى مظاهر الحط من قدر الإله فى تشبيهه بالمخلوقين!
والأمر أسوأ لدى المسيحين الذين أنزلوا كلمة الرب على المسيح فجعلوه لله ندا وهو ما يشبه ما كان عليه أهل الأوثان والمشركين. يقول الإمام الطبرى شيخ مفسرى القرآن الكريم عن تأويل الآية آنفة الذكر: ” وكان إلحادهم في أسماء الله، أنهم عدَلوا بها عمّا هي عليه، فسموا بها آلهتهم وأوثانهم، وزادوا فيها ونقصوا منها، فسموا بعضها “اللات” اشتقاقًا منهم لها من اسم الله الذي هو “الله”، وسموا بعضها “العُزَّى” اشتقاقًا لها من اسم الله الذي هو “العزيز”.
وقد أبان الله بعد هذه الآية أن هناك أمة من الأمم لم تقع فى مثل هذا الزيغ والضلال وهى أمة الإسلام فآمنوا بالله ربا واحدا ولم يلحدوا فى أسمائه ولا صفاته فنزهوه عن كل نقص وأفردوه بالعبادة:
“وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ” (181:7)
بل وزكى القرآن طائفة من أهل الكتاب وهم القليل من أتباع موسى عليه السلام الذين لم يقعوا فى مثل ذلك الزيغ والضلال فأنصفهم القرآن بقوله:
“وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ” (159:7)
قال أبو جعفر الطبرى: يقول تعالى ذكره:
“ومن الخلق الذين خلقنا “أمة”، يعني جماعة، (يهدون) يقول: يهتدون بالحق (وبه يعدلون) ، يقول: وبالحق يقضُون ويُنصفون الناس. قال ابن جريج: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: هذه أمتي! قال: بالحق يأخُذون ويعطون ويَقْضُون عن قتادة، قوله: (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) ، بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قرأها: هذه لكم، وقد أعطي القوم بين أيديكم مثلَها: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)”.
المراجع
-الدكتور القس منيس عبدالنور، أسماء الله في الكتاب المقدس.القاهرة.
-القرآن الكريم (عبر/tanzil.ne)
-الكتاب المقدس(عبر biblehub.com)
https://www.gotquestions.org/Arabic/Arabic-names-of-God.html
[opic_orginalurl]