الإسلام دينُ الفطرة الطبيعية الأصلية للبشر، فلا مجال للعجب إذا علِمنا أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يمكن قبولُه كطريقة واضحة للحياة من قِبَل الكثير من المعتنقين للإسلام حول العالم.
وتشير الإحصائيات إلى أن من بين كل خمسة ممن يعتنقون الإسلام أربعَ نساء، وهذا من شأنه أن ينسف فكرةَ أن الإسلام دين يعمل على قهر المرأة.
وفيما يلي قصة لإحدى الأخوات التي رضيتْ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد – صلى الله عليه وسلم – رسولاً.
تقول الأخت آسيا في قصة إسلامها: كنت دائمًا منذ أن استطعتُ القدرة على التفكير، وأنا أؤمن بأن هناك خالقًا واحدًا يعتمد عليه كلُّ شيء موجود، وبالرغم من أن والديَّ كانا يعتنقان البوذية؛ إلا أنني منذ أن كان عمري 13 عامًا وأنا أدعو وألحُّ على الخالق أن يهديَني، وبعد أن ذهبتُ إلى المدرسة في ظل بيئة نصرانية وجدتُ هُويتي في النصرانية.
وللأسف، فمعلوماتي عن الإسلام كانت حينئذٍ ضئيلة جدًّا؛ ولذا فكنت أراه دينًا غريبًا تدين به الدولُ المتخلفة، التي أكثرها بالشرق الأوسط، كما أنني كنت أظن أنه يفرض نمطًا قمعيًّا من الحياة، وخصوصًا تجاه المرأة.
فكنت أظن أن المرأة المسلمة في مرتبةٍ دُنيا، وأنها مجرد خادمة تُضرب وتُجبر على التنافس مع ضرَّاتها من أجل إشباع رغبات زوجها، كما أنه يمكن أن يفضلها عليهن إذا شاء.
فغالب هذه الأفكار عن الإسلام قد حصلتُها عن طريق الإشاعات، والتحدث مع الآخرين ممن اعتقدتُ أنهم يعلمون حقيقةَ ما يتحدَّثون عنه..
وبعد دخولي الجامعة منذ ثلاث سنوات تقريبًا، تعاملتُ مع عدد لا بأس به من المسلمين من ذوي الخلفيات المتعددة، وبصورة غريبة وجدت نفسي أنجذب إليهم، وأميل بصورة شغوفة إلى تعلُّم وفهم المزيد عن دينهم.
وقد لاحظت مدى السعادة والطمأنينة التي هم عليها، وكيف أنهم يتعاملون بسَعة وألفة معي، ومع بعضهم بعضًا، ولكن بفخر شديد بالدِّين الذي يدينون به.
فتنتُ بالإسلام تدريجيا
بدأت تدريجيًّا أُفتن بالإسلام، وعبر التعلم بدأت أقدِّر الإسلام أكثرَ من تقديري للنصرانية التي كنت أحبها.
كنت أتعجب من أنه كيف كان لدي تلك المفاهيم الخاطئة عن الإسلام، وكيف أنني أصبحت شديدة الإعجاب باعتراف الإسلام بحقوق المرأة، والمؤهلات التي يكفلها لها، بالإضافة إلى المساواة التي تنعم بها المرأة في ظل الإسلام.
أدركتُ حينئذٍ حقيقةَ نظام الحياة الإسلامي، وحقيقة كذب البدعة الأمريكية التي يسمونها الأصولية الإسلامية.
فليس من الخطأ أن يكون عند المرء عيب في التفكير، وأنه بسعة الأفق يمكن أن يدرك الحقائق، فهذه كانت حالتي، فتدريجيًّا بدأتِ الإشاراتُ والبراهين تتكشف، وتدريجيًّا كان عقلي يستنير وأشعر بالطمأنينة في قلبي، فرغبتُ في معرفة كل شيء عن الإسلام، وبدأت أشعر بالأخوَّة تجاه المسلمين وبالانتماء للإسلام.
إن من أكثر الأشياء التي أثَّرتْ فيَّ تميُّزَ الإسلام بالعملية، وأن له حكمًا في كل شيء من مظاهر الحياة، ثم إنني – بفضل نعمة الله تعالى عليَّ – أدركت أخطاء العقيدة والمفاهيم النصرانية، والتي كنت أعتقدها سابقًا بلا تفكير فيها.
وفي عام 1990 في الرابع من أغسطس تلفظتُ بالشهادتين أمام عشرين شاهدًا، وأصبحت مسلمة حقيقة، لن أنسى مدى السعادة التي كنت عليها ذلك اليوم، وكيف أن حياتي قد تغيَّرتْ تمامًا في غضون عام.
صعوبات البدايات
وقد سُئلت مرات عن الإحساس باعتناق الإسلام، وعن الصعوبات التي يجب على المرء أن يوطن نفسها على خوضها، وبالرغم من أنني لا أود الوقوف كثيرًا عند هذا الموضوع؛ لأنني لا أحب التأسف، إلا أنني سأذكر أمثلة لبعض ما حدث لي:
ففي فترة – كانت الأشد عليَّ – استمرت إلى نهاية شهر رمضان، لم تتوقف النزاعات العائلية، ولم تكفَّ أسرتي عن توجيه الشتائم والتهديدات، فقد حطموا حجرتي، وأخفَوا كتبي، وأخذوا في إرسال الرسائل التليفونية إلى أصدقائي، كنت أُحبس في البيت، وأمتنع عن تناول الطعام؛ لأنه لم يكن هناك حينئذٍ إلا لحم الخنزير، كانوا يقرؤون الرسائل البريدية قبل أن أقوم أنا بقراءتها، وبعيدًا عن المسكن والمطعم فكان عليَّ أن أدبِّر نفقتي، كما أن قراءتي وحديثي مع الآخرين في الهاتف كان يتم بسرية شديدة، كما أنه كان من الضروري إخفاء زيارتي ومراسلتي المساجد والمراكز الإسلامية، وكانوا يمنعونني من زيارة الأصدقاء؛ حتى لا تزداد عملية “غسيل المخ” التي ظنوا أنني تعرضت لها.
كنت لا أستطيع أن أصلِّي إلا بعد التأكد من عدم وجود أحد، وكنت لا أستطيع التعبير عن سعادتي بحلول شهر رمضان ولا القيام بشعائره، لم أكن أستطيع التعبير عن سعادتي إذا ما علمتُ أن هناك أختًا قد ارتدت الحجاب، وما كنت أستطيع مناقشة الدرس أو الخطبة التي استمعت إليها مع أحد.
كما أنه كان من الواجب عليَّ أن أظل أدافع عن صورة الإسلام والمسلمين التي رسمها الإعلام، وأنافح عن الصورة المكوَّنة لدى والديَّ بشأن المسلمين.
فكان يشق عليَّ كثيرًا تعبيراتُهم ونظرات الاشمئزاز التي كانوا يرشقونني بها، فلم يعد والداي يثقان بي، وكنت قلقة من اعتقادهم أنني جرحتُهم بشدة، كما أن أمي لم تكن تكلمني، وكنت أسمعها تتكلم كثيرًا عن أنني قد خنت العائلة، ولم أجد لمناشدتي إياها أي صدى، وكنت أُخبر مرارًا أن ما فعلته لا يُغتفر، وأنه في حالة إذا ما علم أحد أقاربنا أو أصدقائنا بإسلامي، فإن والديَّ لا محالة سيُنبذان من قِبَل المجتمع.
على أي حال، لا أزعم أنني أعيش حياة بائسة؛ بل إنني أعيش في طمأنينة وسلام داخلي لم أشعر بهما من قبل، وليس غرضي إلا بيان الفرص التي تتوفر لكثير منكم، والتي يجب انتهازها، وإن كانت المميزات حينئذٍ قليلة، إلا أنها غالية جدًّا، خصوصًا للمعتنقين للإسلام من أمثالي.
قد يُظن أنني بعَرضي هذه المصاعبَ لم أجنِ سوى المتاعب بإسلامي، ولكن على العكس، فقد أعطاني الإسلام الكثيرَ من المِنَح، وإني لأرتجف شوقًا كلما فكرتُ في عِظَم ما في الجنة من منح.
مِنَح الإسلام
وعندما اعتنقت الإسلام – بالرغم من قناعتي بأن الإسلام حق – لم أكن أعلم بأن هذا التغيرَ الداخلي العظيم سيحدث لي، إني لأتعجب من شدة إقبالي على تحصيل المعلومات، وكيف أن الإسلام لا يفارق تفكيري لحظة، وكيف أنني أشعر بعظم مسؤوليتي تجاه أمَّتي، وكذلك كيف أنني أزداد إسلامًا شهرًا بعد شهر، وكأن الإسلام ينتشر في حياتي لتخضع له روحي وكل جزء من أجزاء جسدي.
فإن حالي يصدُق فيه ما روى أبو هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حديثًا قدسيا يقول فيه عن رب العزة: (وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها).
فمن إيماني بدين واحد، حصلت على بصيرة قوية في فهم السلوك البشري، والحياة الاجتماعية، وعلم الجيولوجيا، وكذلك الفضاء، وكلما مرَّ الوقت أدركت أنه الإسلام الذي لديه الحلول للمشكلات التي حيَّرت العالمَ اجتماعيًّا واقتصاديًّا.
قد درست خلال العام الماضي قدرًا كبيرًا من العلوم الإسلامية، ودرست كثيرًا من آيات القرآن بشيء من التفصيل، ولم يصادفني أي شيء يجعلني أتشكك في مصداقية القرآن وصلة موضوعه بالمجتمع المعاصر، فالإسلام هو الدين الوحيد الذي أثق في صحته تمامًا.
هذا بالإضافة إلى أنني بنيتُ هويتي، وأصبحت واثقة من نفسي، امرأة قوية لها مبادئ، أصبحت مدركة لوجودي، وأكثر أمنًا في معاركي التي أخوضها.
وختامًا، فإذا استطعت أن أقدم شيئًا من خلال هذه المقالة، فذلك من فضل ورحمة الله، ملكنا العظيم القادر على كل شيء، القائل في كتابه: “ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ” (الزمر:23)، حقيقة فمن بركة الله – تعالى – عليَّ أن جعلني ممن تلقَّوُا النور، وكانت قلوبهم قادرة على قبوله.
________________________________________
مصدر الترجمة: شبكة الألوكةللترجمة
[opic_orginalurl]